الْمُسْلِمِينَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا وَالْآخَرُ مُرْتَدًّا فَيَتَّجِهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى التَّكَافُؤِ فِي الْقِصَاصِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ دُونَ عَكْسِهِ وَتَعَجَّبَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ هَذَا التَّخْرِيجِ فَإِنَّ التَّكَافُؤَ فِي الْقِصَاصِ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ بِسَبِيلٍ وَلَوْ اعْتَبَرْنَاهُ لَرُفِعَ الْحُرُّ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَالِدُ عَلَى الْوَلَدِ. (وَ) الثَّانِي فِي اسْتِمَاعِ (اللَّفْظِ) مِنْهُمَا لِئَلَّا يَنْكَسِرَ قَلْبُ أَحَدِهِمَا.
(وَ) الثَّالِثُ فِي (اللَّحْظِ) بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ وَهُوَ النَّظَرُ بِمُؤْخِرِ الْعَيْنِ كَمَا قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ وَالْمَعْنَى فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. وَ (الرَّابِعُ) (فِي دُخُولِهِمَا عَلَيْهِ، فَلَا يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ) . (وَالْخَامِسُ) فِي الْقِيَامِ لَهُمَا فَلَا يَخُصُّ أَحَدَهُمَا بِقِيَامٍ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ فِي خُصُومَةٍ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا بَعْدَ قِيَامِهِ لَهُ فَإِمَّا أَنْ يَعْتَذِرَ لِخَصْمِهِ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ يَقُومَ لَهُ كَقِيَامِهِ لِلْأَوَّلِ، وَهُوَ الْأَوْلَى وَاخْتَارَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ كَرَاهَةَ الْقِيَامِ لَهُمَا جَمِيعًا فِي آدَابِ الْقَضَاءِ لَهُ أَيْ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِمَّنْ يُقَامُ لَهُ دُونَ الْآخَرِ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْقِيَامَ لَيْسَ لَهُ. (وَالسَّادِسُ) فِي جَوَابِ سَلَامِهِمَا إنْ سَلَّمَا مَعًا فَلَا يَرُدُّ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَيَتْرُكُ الْآخَرَ فَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا انْتَظَرَ الْآخَرَ، أَوْ قَالَ لَهُ: سَلِّمْ لِيُجِيبَهُمَا مَعًا إذَا سَلَّمَ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا إذَا طَالَ الْفَصْلُ وَكَأَنَّهُمْ احْتَمَلُوا
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَحْذُوفٌ أَيْ الْكُفَّارِ وَلَوْ قَالَ: لِكَثْرَةِ ضَرَرِ التَّأْخِيرِ لَكَانَ أَوْلَى. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ لِكَثْرَةِ ضَرَرِ التَّأْخِيرِ وَإِذَا ازْدَحَمَ مُدَّعُونَ قُدِّمَ وُجُوبًا مَنْ عُلِمَ سَبْقُهُ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ سَبْقٌ بِأَنْ جُهِلَ أَوْ جَاءَا مَعًا قُدِّمَ بِقُرْعَةٍ وَالتَّقْدِيمُ فِيهِمَا بِدَعْوَى وَاحِدَةٍ لِئَلَّا يَطُولَ الزَّمَنُ فَيَتَضَرَّرَ الْبَاقُونَ وَلَكِنْ يُسَنُّ تَقْدِيمُ مُسَافِرِينَ مُسْتَوْفِزِينَ وَنِسْوَةٍ إنْ قَلُّوا وَالِازْدِحَامُ عَلَى الْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسِ كَالِازْدِحَامِ عَلَى الْقَاضِي إنْ كَانَ الْعِلْمُ فَرْضًا وَإِلَّا فَالْخِيَرَةُ إلَى الْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي التَّاجِرِ وَنَحْوِهِ مِنْ السُّوقَةِ. كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا ز ي.
أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ لِإِضْرَارِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّ الْخِيَرَةَ لَهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ أَصْلِهِ لَيْسَ وَاجِبًا بَلْ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ بَيْعِ بَعْضِ الْمُشْتَرَى وَيَبِيعَ بَعْضًا وَيَجْرِيَ مَا ذُكِرَ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَسْبَقِ ثُمَّ الْقُرْعَةُ مِنْ الْمُزْدَحِمِينَ عَلَى مُبَاحٍ وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الِازْدِحَامِ عَلَى الطَّوَاحِينِ بِالرِّيفِ الَّتِي أَبَاحَ أَهْلُهَا الطَّحْنَ بِهَا لِمَنْ أَرَادَهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَالِكِينَ لَهَا أَمَّا هُمْ فَيُقَدَّمُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ غَيْرَهُمْ مُسْتَعِيرٌ مِنْهُمْ فَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ أَمَّا الْمَالِكُونَ إذَا اجْتَمَعُوا وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يُقَدَّمُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (فَيَتَّجِهُ تَخْرِيجُهُ) أَيْ تَفْرِيعُهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الذِّمِّيَّ يُرْفَعُ عَلَى الْمُرْتَدِّ. قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ) أَيْ فَيُرْفَعُ الذِّمِّيُّ عَلَى الْمُرْتَدِّ هَذَا إذَا تَدَاعَيَا وَمُنَازَعَةُ الْبُلْقِينِيُّ تُفِيدُ أَنَّهُ لَا جَامِعَ بَيْنَ الْمُكَافَأَةِ فِي الْقِصَاصِ وَوُجُوهِ الْإِكْرَامِ فِي الدَّعْوَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُرْفَعُ الْوَالِدُ عَلَى الْوَلَدِ وَلَا الْحُرُّ عَلَى الْعَبْدِ مَعَ عَدَمِ الْمُكَافَأَةِ بَيْنَهُمَا م د.
قَوْلُهُ: (لَيْسَ مِمَّا إلَخْ) لَعَلَّ الْأَوْلَى لَيْسَ مِمَّا لَهُ مُنَاسَبَةٌ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ النَّظَرُ بِمُؤَخَّرِ الْعَيْنِ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (فِي الْقِيَامِ) أَيْ لِخَصْمِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَسْتَحِقُّ الْقِيَامَ فَقَطْ فَيَتْرُكُ الْقِيَامَ لَهُ مُحَافَظَةً عَلَى التَّسْوِيَةِ ز ي.
قَوْلُهُ: (فَإِمَّا أَنْ يَعْتَذِرَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ جَاءَ فِي خُصُومَةٍ أَوْ يَقُولُ: قَصَدْت الْقِيَامَ لَكُمَا إنْ أَمْكَنَ ق ل.
قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقِيَامِ أَيْ مَنْ تَرَكَهُ لَهُ.
قَوْلُهُ: (وَإِمَّا أَنْ يَقُومَ لَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْقِيَامِ لِضَرُورَةِ التَّسْوِيَةِ م ر.
قَوْلُهُ: (لَيْسَ لَهُ) أَيْ مَعَ خَصْمِهِ بَلْ لِخَصْمِهِ فَقَطْ لِكَوْنِهِ هُوَ الَّذِي يُقَامُ لَهُ.
قَوْلُهُ: (فِي جَوَابِ سَلَامِهِمَا) وَلَوْ قَرُبَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْقَاضِي وَبَعُدَ الْآخَرُ عَنْهُ وَطَلَبَ الْأَوَّلُ مَجِيءَ الْآخَرِ إلَيْهِ وَعَكَسَ الثَّانِي فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ الرُّجُوعُ لِلْقَاضِي مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِشَرَفِ أَحَدِهِمَا أَوْ خِسَّتِهِ.
فَإِنْ قُلْت أَمْرُهُ بِنُزُولِ الشَّرِيفِ إلَى الْخَسِيسِ تَحْقِيرٌ لَهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ فَلْيَتَعَيَّنْ. قُلْت: مَمْنُوعٌ لِأَنَّ قَصْدَ التَّسْوِيَةِ يَنْفِي النَّظَرَ لِذَلِكَ، نَعَمْ لَوْ قِيلَ: الْأَوْلَى ذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ كَذَا فِي التُّحْفَةِ وَيَتَّجِهُ الرُّجُوعُ لِلْقَاضِي أَيْضًا فِيمَا لَوْ قَامَ أَحَدُهُمَا وَجَلَسَ الْآخَرُ وَطَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُوَافَقَةَ الْآخَرِ مَعَ امْتِنَاعِهِ مِنْهَا شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يُرَدُّ عَلَى أَحَدِهِمَا) أَيْ فَلَا يُقْصَدُ الرَّدُّ عَلَى أَحَدِهِمَا.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا انْتَظَرَ الْآخَرَ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْقِيَاسَ عَدَمُ انْتِظَارِهِ حَمْلًا عَلَى أَنَّ السَّلَامَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ فَحُصُولُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا كَأَنَّهُ مِنْهُمَا. وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ سُنَّةَ كِفَايَةٍ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَعَدُّدُهُ وَدَفْعًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَرَى الْآتِي بِهِ لِنَفْسِهِ مَزِيَّةً عَلَى الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَالَ لَهُ: سَلِّمْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُنَافِي مَا فِي شَرْحِ م ر. مِنْ أَنَّ شَرْطَ رَدِّ السَّلَامِ اتِّصَالُهُ بِهِ كَاتِّصَالِ الْإِيجَابِ بِالْقَبُولِ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: اُغْتُفِرَ هَذَا هُنَا لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا قَالَ ع ش عَلَيْهِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ عَلِمَ عَدَمَ