يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ غَيْرُ عِتْقٍ يَمْنَعُ بَيْعَهُ كَمُسْتَوْلَدَةٍ وَمُؤَجَّرٍ بِخِلَافِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ ذَلِكَ كَرَهْنٍ عَلَى تَفْصِيلٍ مَرَّ بَيَانُهُ. وَهَذَا الرُّكْنُ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الصِّيغَةُ وَهِيَ إمَّا صَرِيحٌ وَإِمَّا كِنَايَةٌ، وَقَدْ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (وَيَقَعُ الْعِتْقُ) أَيْ يَنْفُذُ (بِصَرِيحِ) لَفْظِ (الْعِتْقِ وَالتَّحْرِيرِ) وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا كَأَنْتَ عَتِيقٌ أَوْ مُعْتَقٌ أَوْ مُحَرَّرٌ أَوْ حَرَّرْتُك لِوُرُودِهِمَا فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مُتَكَرِّرَيْنِ وَيَسْتَوِي فِي أَلْفَاظِهِمَا: الْهَازِلُ وَاللَّاعِبُ لِأَنَّ هَزْلَهُمَا جِدٌّ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ. وَكَذَا: {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: ١٣] وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ كَمَفْكُوكِ الرَّقَبَةِ صَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ. فُرُوعٌ لَوْ كَانَ اسْمُ أَمَتِهِ قَبْلَ إرْقَاقِهَا حُرَّةَ فَسُمِّيَتْ بِغَيْرِهِ، فَقَالَ لَهَا يَا حُرَّةُ عَتَقَتْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ النِّدَاءَ بِاسْمِهَا الْقَدِيمِ فَإِنْ كَانَ اسْمُهَا فِي الْحَالِ حُرَّةَ لَمْ تَعْتِقْ إلَّا إنْ قَصَدَ الْعِتْقَ. وَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ رَقِيقِهِ خَوْفًا مِنْ أَخْذِ الْمَكْسِ عَنْهُ إذَا طَالَبَهُ الْمَكَّاسُ بِهِ وَقَصَدَ الْإِخْبَارَ بِهِ لَمْ يَعْتِقْ بَاطِنًا وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ زَاحَمَتْهُ تَأَخَّرِي يَا حُرَّةُ فَبَانَتْ أَمَتَهُ لَمْ تَعْتِقْ وَلَوْ قَالَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِمَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ إلَخْ أَيْ إنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فِعْلَهُ وَامْتَنَعَ مِنْهُ بَعْدَ عَرْضِهِ عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر وأ ج.
قَوْلُهُ: (لَمْ تَبْطُلْ الصِّفَةُ) هَذَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَهُ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّ التَّعْلِيقَ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ لِأَنَّهُ كَمَا قَيَّدَ بِالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ صَارَتْ وَصِيَّةً وَهِيَ لَا تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ مُؤَقَّتًا) كَأُعْتِقُكَ شَهْرًا مَثَلًا. وَقَوْلُهُ: وَيَلْغُو التَّأْقِيتُ أَيْ وَيَعْتِقُ حَالًا. اهـ. م ر.
قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ إلَخْ) هَذَا النَّفْيُ صَادِقٌ بِأَرْبَعِ صُوَرٍ بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ أَصْلًا أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ جَائِزٌ كَالْعَارِيَّةِ، أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ هُوَ الْعِتْقُ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ غَيْرُ عِتْقٍ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ كَالْإِجَارَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَنْطُوقُ، وَأَمَّا الْمَفْهُومُ فَصُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ غَيْرُ عِتْقٍ يَمْنَعُ بَيْعَهُ وَذَلِكَ كَالرَّهْنِ اهـ.
قَوْلُهُ: (يَمْنَعُ بَيْعَهُ) صِفَةٌ لِحَقٍّ.
قَوْلُهُ: (كَمُسْتَوْلَدَةٍ) مِثَالٌ لِمَا يَصِحُّ عِتْقُهُ وَقَوْلُهُ: وَمُؤَجَّرٌ مِثَالٌ لِمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ ع ش.
قَوْلُهُ: (عَلَى تَفْصِيلٍ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا صَحَّ عِتْقُهُ كَاسْتِيلَادِهِ. قَالَ فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ: وَلَا يَنْفُذُ إلَّا إعْتَاقُ مُوسِرٍ، وَإِيلَادُهُ أَيْ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ وَتَكُونُ قِيمَتُهُمَا رَهْنًا مَكَانَهُمَا.
قَوْلُهُ: (وَالتَّحْرِيرُ) أَيْ وَفَكُّ الرَّقَبَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِقَوْلِهِ: بِصَرِيحِ الْعِتْقِ وَالتَّحْرِيرِ وَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ: أَيْ مَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا. وَعِبَارَةُ سم، وَهُوَ مَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا كَأَنْتَ عَتِيقٌ اهـ. وَأَمَّا نَفْسُ الْعِتْقِ وَالتَّحْرِيرِ كَأَنْتَ إعْتَاقٌ أَوْ تَحْرِيرٌ. فَكِنَايَةٌ كَمَا فِي أَنْتِ طَلَاقٌ.
قَوْلُهُ: (لِوُرُودِهِمَا فِي الْقُرْآنِ) فِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِتْقِ فَلْيُنْظَرْ فِي أَيِّ آيَةٍ وَرَدَ فِيهَا. اهـ. ق ل. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْمُرَادَ وُرُودُ مَجْمُوعِهِمَا فِيهِمَا فَالتَّحْرِيرُ وَرَدَ فِيهِمَا، وَالْعِتْقُ وَرَدَ فِي السُّنَّةِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: (وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ.
قَوْلُهُ: (كَمَفْكُوكِ الرَّقَبَةِ) أَوْ فَكَكْت رَقَبَتَك. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (فُرُوعٌ) : أَيْ سَبْعَةٌ وَقِيلَ: ثَمَانِيَةٌ.
قَوْلُهُ: (لَوْ كَانَ اسْمُ أَمَتِهِ إلَخْ) هَذَا خَارِجٌ بِاشْتِرَاطِ قَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَقْصِدْ النِّدَاءَ) بِأَنْ قَصَدَ الْعِتْقَ أَوْ أَطْلَقَ وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَتْ مَشْهُورَةً بِهَذَا الِاسْمِ حَالَةَ النِّدَاءِ. فَإِنْ كَانَ قَدْ هُجِرَ وَتُرِكَ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا قَالَهُ سم: قَوْلُهُ: (لَمْ تَعْتِقْ) سَوَاءٌ قَصَدَ النِّدَاءَ أَوْ أَطْلَقَ قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ الْإِخْبَارَ) أَيْ كَاذِبًا. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. فَإِنْ قَصَدَ الْإِنْشَاءَ أَوْ أَطْلَقَ عَتَقَ مَرْحُومِيٌّ. وَقَوْلُهُ: لَمْ يَعْتِقْ بَاطِنًا، أَمَّا ظَاهِرًا فَيَعْتِقُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر. فَإِنْ اطَّلَعَ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَيَمْنَعُهُ مِنْ اسْتِخْدَامِهِ وَفِي س ل. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَذَا لَا يَعْتِقُ ظَاهِرًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، فِي أَنْتِ طَالِقٌ لِمَنْ أَرَادَ حَلَّهَا مِنْ وَثَاقٍ بِجَامِعِ وُجُودِ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ فِيهِمَا.
قَوْلُهُ: (فَبَانَتْ أَمَتَهُ) بِنَصْبِ أَمَتِهِ إلْحَاقًا لِبَانَتْ ب كَانَتْ وَقَوْلُهُ: لَمْ تَعْتِقْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ هُنَا مُعَارِضًا قَوِيًّا وَهُوَ غَلَبَةُ اسْتِعْمَالِ حُرَّةٍ فِي نَحْوِ ذَلِكَ بِمَعْنَى الْعَفِيفَةِ عَنْ الزِّنَا، وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ وَلَوْ قِيلَ لَهُ أَمَتُك زَانِيَةٌ فَقَالَ: بَلْ حُرَّةٌ وَأَرَادَ عَفِيفَةً قُبِلَ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ لِلْقَرِينَةِ الْقَوِيَّةِ هُنَا اهـ أج.
قَوْلُهُ: (فَكَذَلِكَ) فَهُوَ صَرِيحٌ فِيهِمَا، كَطَلَّقَك اللَّهُ وَيُفَارِقُ