هُوَ كِنَايَةٌ أَوْ لَا وَجْهَانِ رَجَّحَ الْإِمَامُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الظَّاهِرُ وَرَجَّحَ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ أَنَّهُ لَغْوٌ لِأَنَّهُ مِنْ السُّؤْدُدِ وَتَدْبِيرِ الْمَنْزِلِ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْعِتْقَ، وَصِيغَةُ طَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ صَرِيحَةً كَانَتْ أَوْ كِنَايَةً كِنَايَةٌ هُنَا أَيْ فِيمَا هُوَ صَالِحٌ فِيهِ خِلَافٌ، قَوْلِهِ لِلْعَبْدِ اعْتَدَّ أَوْ اسْتَبْرِئْ رَحِمَك، أَوْ لِرَقِيقِهِ أَنَا مِنْك حُرٌّ فَلَا يَنْفُذُ بِهِ الْعِتْقُ وَلَوْ نَوَاهُ وَلَا يَضُرُّ خَطَأٌ بِتَذْكِيرٍ أَوْ تَأْنِيثٍ فَقَوْلُهُ لِعَبْدِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ وَلِأَمَتِهِ أَنْتَ حُرٌّ صَرِيحٌ.
وَتَصِحُّ إضَافَةُ الْعِتْقِ إلَى جُزْءٍ مِنْ الرَّقِيقِ كَمَا قَالَ: فَإِذَا أَعْتَقَ الْمَالِكُ (بَعْضَ عَبْدٍ) مُعَيَّنٍ كَيَدِهِ أَوْ شَائِعٍ مِنْهُ كَرُبْعِهِ (عَتَقَ جَمِيعُهُ) سِرَايَةً كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ وَسَوَاءٌ الْمُوسِرُ وَغَيْرُهُ. لِمَا رَوَى النَّسَائِيُّ: «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ غُلَامٍ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَازَ عِتْقَهُ وَقَالَ: لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ» هَذَا إذَا كَانَ بَاقِيهِ لَهُ. فَإِنْ كَانَ بَاقِيهِ لِغَيْرِهِ فَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ أَعْتَقَ شِرْكًا) بِكَسْرِ الشِّينِ أَيْ نَصِيبًا مُشْتَرَكًا (لَهُ فِي عَبْدٍ) سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكُهُ مُسْلِمًا أَمْ لَا كَثُرَ نَصِيبُهُ أَمْ قَلَّ (وَهُوَ مُوسِرٌ سَرَى الْعِتْقُ) مِنْهُ بِمُجَرَّدِ تَلَفُّظِهِ بِهِ (إلَى بَاقِيهِ) مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى أَدَاءِ الْقِيمَةِ. تَنْبِيهٌ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مُوسِرًا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ فَاضِلًا ذَلِكَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّفْظِ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ الظَّاهِرُ) : مُعْتَمَدٌ. قَوْلِهِ: (مِنْ السُّؤْدُدِ) : أَيْ لَا مِنْ السِّيَادَةِ بِمَعْنَى الشَّرَفِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِلْحُرِّيَّةِ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ السِّيَادَةِ يَعْتِقُ لِأَنَّ السِّيَادَةَ الْكَامِلَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِلْحُرِّ. وَفِيهِ أَنَّ التَّعْلِيلَ لَا يُنْتِجُ الْمُدَّعَى إلَّا إذَا كَانَ الِاشْتِقَاقُ خَاصًّا بِكَوْنِهِ مِنْ السُّؤْدُدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ السِّيَادَةِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ مِنْ السُّؤْدُدِ أَوْ مِنْ السِّيَادَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً. وَالسُّؤْدُدُ بِالْهَمْزِ مِثْلُ قُنْفُذٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ فَهُوَ بِضَمِّ السِّينِ لَا غَيْرُ وَيَجُوزُ إبْدَالُ الْهَمْزَةِ فِيهِ وَاوًا وَالدَّالُ الْأُولَى يَجُوزُ ضَمُّهَا وَفَتْحُهَا، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ شَارِحُ لَامِيَّةِ ابْنِ مَالِكٍ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ اهـ.
قَوْلُهُ:
(وَتَدْبِيرُ الْمَنْزِلِ) ، عَطْفُ تَفْسِيرٍ فَمَعْنَى يَا سَيِّدِي يَا مُدَبِّرَ مَنْزِلِي بِمَعْنَى أَنَّهُ قَائِمٌ بِمَصَالِحِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي الرَّقَبَةَ. وَقَوْلُهُ: وَتَدْبِيرُ الْمَنْزِلِ أَيْ مِنْ كَوْنِ الْإِنْسَانِ يُدَبِّرُ أَحْوَالَ مَنْزِلِهِ فِيمَا يَحْتَاجُهُ مِنْ كَوْنِهِ يَكْفِيهِ فِي مَعَاشِهِ كَذَا وَكَذَا وَمَلْبَسِهِ كَذَا وَكَذَا وَيُغْنِي عَنْ الضَّأْنِ اللَّحْمَ الْخَشِنَ مَثَلًا أَوْ غَيْرَهُ، مِنْ طَبِيخِ لَحْمٍ فِيهِ مَثَلًا، فَالتَّدْبِيرُ نِصْفُ الْمَعِيشَةِ.
قَوْلُهُ: (أَيْ فِيمَا هُوَ صَالِحٌ فِيهِ) : أَيْ فِي الْعِتْقِ.
قَوْلُهُ: (أَنَا مِنْك حُرٌّ) : كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَاعْتَرَضَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الصَّوَابَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ وَهُوَ مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ مِنْهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي صِيغَةِ الطَّلَاقِ، وَأَنَا مِنْك حُرٌّ لَا صَرِيحٌ وَلَا كِنَايَةٌ، لَا فِي الطَّلَاقِ وَلَا هُنَا أَيْ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ: أَنَا مِنْك طَالِقٌ الْكِنَايَةُ فِي الْعِتْقِ إنْ كَانَ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ الَّذِي يَنْحَلُّ بِالطَّلَاقِ يَقُومُ بِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ خَامِسَةً، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا فَإِنَّ الرِّقَّ لَا يَقُومُ بِالسَّيِّدِ كَمَا يَقُومُ بِالْعَبْدِ تَأَمَّلْ ع ش. نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ غَيْرَ كِنَايَةٍ هُنَا مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ إزَالَةَ الْعَلَاقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَقِيقِهِ وَهِيَ عَدَمُ النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا، بِحَيْثُ صَارَ مِنْهُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَإِلَّا كَانَ كِنَايَةً ع ش.
قَوْلُهُ: (فَلَا يَنْفُذُ بِهِ الْعِتْقُ) أَيْ فَيَكُونُ لَغْوًا.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا أَعْتَقَ الْمَالِكُ) : لَعَلَّ الْأَوْلَى الْوَاوُ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ غَيْرُ ظَاهِرٍ. قَوْلُهُ: (مُعَيَّنٌ) : الْأَوْلَى مُعَيَّنًا لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِبَعْضِ، فَكَانَ الصَّوَابُ نَصْبَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ نَعْتٌ مَقْطُوعٌ. أَيْ هُوَ مُعَيَّنٌ أَوْ أَنَّهُ مَجْرُورٌ لِلْمُجَاوَرَةِ أَوْ أَنَّهُ عَلَى لُغَةِ رَبِيعَةَ، الَّذِينَ يَرْسُمُونَ الْمَنْصُوبَ بِصُورَةِ الْمَرْفُوعِ وَالْمَجْرُورِ.
قَوْلُهُ: (عَتَقَ جَمِيعُهُ) : أَيْ إنْ كَانَ الْمُبَاشِرُ لِعِتْقِهِ الْمَالِكَ أَوْ شَرِيكَهُ بِإِذْنِهِ فَإِنْ كَانَ وَكِيلًا أَجْنَبِيًّا فَإِنْ أَعْتَقَ جُزْءًا شَائِعًا مُعَيَّنًا كَنِصْفٍ عَتَقَ، وَإِلَّا فَلَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ ق ل. وَعِبَارَةُ أج فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ شَرِيكًا عَتَقَ مَا أَعْتَقَهُ وَسَرَى. وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَمْلِكُ الْإِعْتَاقَ عَنْ نَفْسِهِ، نَزَلَ فِعْلُهُ مَنْزِلَةَ شَرِيكِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ فَيَقْتَصِرُ فِيهِ عَلَى مَا أَعْتَقَهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ اهـ م د.
قَوْلُهُ: (لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ نَفَذَ عَتَقَ الشِّقْصُ الَّذِي أَعْتَقَهُ فَقَطْ، كَانَ هَذَا الشِّقْصُ الْمُعْتَقُ لِلَّهِ تَعَالَى وَالشِّقْصُ الْبَاقِي مِلْكًا لَهُ فَكَانَ شَرِيكًا لِلَّهِ فِي مِلْكِ هَذَا الْعَبْدِ.
قَوْلُهُ: (مُشْتَرَكًا) الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ