للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَهْرٍ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لَهُ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَهُوَ مُنْتَفٍ. وَشُرُوطُ سِرَايَةِ الْعِتْقِ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ إعْتَاقُ الْمَالِكِ وَلَوْ بِنَائِبِهِ بِاخْتِيَارِهِ كَشِرَائِهِ جُزْءَ أَصْلِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاخْتِيَارِ مُقَابِلَ الْإِكْرَاهِ بَلْ الْمُرَادُ السَّبَبُ فِي الْإِعْتَاقِ وَلَا يَصِحُّ الِاحْتِرَازُ بِالِاخْتِيَارِ عَنْ الْإِكْرَاهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَعْتِقُ فِيهِ الشِّقْصُ وَالْإِكْرَاهُ لَا عِتْقَ فِيهِ وَخَرَجَ بِالِاخْتِيَارِ مَا لَوْ وَرِثَ بَعْضَ فَرْعِهِ أَوْ أَصْلِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْرِ عَلَيْهِ الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهِ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ سَبِيلُهُ سَبِيلُ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ وَعِنْدَ انْتِفَاءِ الِاخْتِيَارِ لَا صُنْعَ مِنْهُ يُعَدُّ إتْلَافًا. الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ لَهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ مَالٌ يَفِي بِقِيمَةِ الْبَاقِي أَوْ بَعْضِهِ كَمَا مَرَّ. الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهَا قَابِلًا لِلنَّقْلِ فَلَا سِرَايَةَ فِي نَصِيبٍ حُكِمَ بِالِاسْتِيلَادِ فِيهِ وَلَا إلَى الْحِصَّةِ الْمَوْقُوفَةِ وَلَا إلَى الْمَنْذُورِ إعْتَاقُهُ. الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يُعْتِقَ نَصِيبَهُ لِيُعْتِقَ أَوَّلًا ثُمَّ يَسْرِي الْعِتْقُ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَلَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ لَغَا إذْ لَا مِلْكَ وَلَا تَبَعِيَّةَ فَلَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ سَرَى إلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَلَوْ أَعْتَقَ نِصْفَ الْمُشْتَرَكِ وَأَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى مِلْكِهِ فَقَطْ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَعْتِقُ مَا يَمْلِكُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ

(وَمَنْ مَلَكَ وَاحِدًا مِنْ وَالِدِيهِ أَوْ مَوْلُودِيهِ) مِنْ النَّسَبِ بِكَسْرِ الدَّالِ فِيهِمَا مِلْكًا قَهْرِيًّا كَالْإِرْثِ أَوْ اخْتِيَارِيًّا كَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ. (وَعَتَقَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَهْرٍ. هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ حِصَّةُ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مُطْلَقًا وَالْوَجْهُ أَنَّهُ كَالْمَهْرِ مِنْ حَيْثُ التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ. فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا إنْ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَعَنْ إزَالَةِ الْبَكَارَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، لَكَانَ أَنْسَبَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ع ش عَلَى م ر. وَفِيهِ: أَيْضًا وَلَوْ تَنَازَعَا فَزَعَمَ الْوَاطِئُ تَقَدُّمَ الْإِنْزَالِ وَالشَّرِيكُ تَأَخُّرَهُ صُدِّقَ الْوَاطِئُ فِيمَا يَظْهَرُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْمَهْرِ. وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ تَأَخُّرَ الْإِنْزَالِ وَيَحْتَمِلُ تَصْدِيقَ الشَّرِيكِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَنْ تَعَدَّى عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ: الضَّمَانُ. حَتَّى يُوجَدَ مُسْقِطٌ وَلَمْ نَتَحَقَّقْهُ وَهَذَا أَقْرَبُ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي أَحْبَلَ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ إنْ كَانَ مُوسِرًا غَرِمَ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْهُمَا مُطْلَقًا، وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَلَدِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا حِصَّتُهُ مِنْ الْمَهْرِ وَأَرْشِ الْبَكَارَةِ فَيَلْزَمُهُ، إنْ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

قَوْلُهُ: (إعْتَاقُ الْمَالِكِ) : الْمُرَادُ بِالْإِعْتَاقِ مَا يَشْمَلُ الْعِتْقَ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ الْمَذْكُورِ.

قَوْلُهُ: (بِاخْتِيَارِهِ) : الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ مِلْكَهُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ اخْتِيَارِيٌّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْعِتْقَ بِاخْتِيَارِهِ لِيَخْرُجَ بِذَلِكَ الْمُكْرَهُ، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي عِتْقِ الْحُرِّ مَعَ السِّرَايَةِ لِلْبَاقِي وَالْمُكْرَهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَصْلًا لَا جُزْءٌ وَلَا غَيْرُهُ، حَتَّى يُحْتَرَزَ عَنْهُ بِقَيْدِ الِاخْتِيَارِ فَيَكُونَ قَوْلُهُ: بِالِاخْتِيَارِ مُتَعَلِّقًا بِمَالِكٍ أَيْ كَانَ مِلْكُهُ بِالِاخْتِيَارِ كَالشِّرَاءِ لَا بِالْقَهْرِ كَالْإِرْثِ.

قَوْلُهُ: (السَّبَبُ) : أَيْ التَّسَبُّبُ. قَوْلُهُ: (مَا لَوْ وَرِثَ بَعْضَ فَرْعِهِ) صُورَتُهُ أَنَّ زَوْجَتَهُ مَالِكَةٌ لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ مِنْ غَيْرِهَا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ زَوْجِهَا وَأَخِيهَا فَيَرِثُ زَوْجُهَا النِّصْفَ مِنْ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَا يَسْرِي، وَمِثْلُ الْإِرْثِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ. مِثَالُ ذَلِكَ: مَا لَوْ بَاعَ بَعْضَ ابْنِ أَخِيهِ ثُمَّ مَاتَ فَوَرِثَ أَخُوهُ الَّذِي هُوَ أَبُو الْوَلَدِ الْمَبِيعِ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ فَرَدَّهُ وَاسْتَرْجَعَ بَعْضَ ابْنِهِ الْمَبِيعِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يَسْرِي إنْ كَانَ مُوسِرًا كَمَا ذَكَرَهُ ع ش وس ل. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لَمْ يَسْرِ) : الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَا يَسْرِي. قَوْلُهُ: (الشَّرْطُ الثَّالِثُ إلَخْ) : تَقَدَّمَ هَذَا أَيْضًا وَهُوَ الصُّورَةُ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا مِنْ السِّرَايَةِ قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهَا) أَيْ السِّرَايَةِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ مَلَكَ وَاحِدًا إلَخْ) هَذَا مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمَالِكُ حُرًّا كَامِلًا فَيَخْرُجُ الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ حَتَّى لَوْ مَلَكَ الْمُبَعَّضُ بِنْتَه، أَوْ أُمَّهُ، لَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ بَلْ تُورَثُ عَنْهُ. لَا يُقَالُ: إنَّهَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ لَا رِقَّ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهَا انْتَقَلَتْ لِلْوَارِثِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ، وَلَا مِلْكَ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ حَتَّى يُقَالَ: تَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَيْسَتْ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ اهـ دَيْرَبِيٌّ م د. وَقَوْلُهُ: مِنْ وَالِدِيهِ أَيْ أَحَدِ أُصُولِهِ وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ.

قَوْلُهُ: (مِنْ النَّسَبِ) : فِيهِمَا وَلَوْ حَمْلًا أَوْ اخْتَلَفَا دِينًا أَوْ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ، بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ فَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ عَتَقَ حَمْلُهَا. وَقَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ: وَلَوْ قَالَ: لِمَنْ يَمْلِكُ بَعْضَهُ أَعْتِقْهُ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ، فَفَعَلَ لَمْ يَعْتِقْ فَرَاجِعْهُ. اهـ. ق ل وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ إلَى تَعَدِّي ذَلِكَ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ. اهـ. سم. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ كُلَّ عَاصِبٍ يُجْبِرُ الْقَاصِرَ عَلَى النِّكَاحِ وَلَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَالْبَالِغُ الْبِكْرُ عِنْدَهُ لَا تُزَوَّجَ إلَّا بَعْدَ اسْتِئْذَانِهَا.

قَوْلُهُ: (كَالْإِرْثِ) : بِأَنْ وَرِثَ أُمَّهُ مِنْ أَخِيهِ لِأَبِيهِ، أَوْ وَرِثَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ مِنْ عَمِّهِ.

قَوْلُهُ: (لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ) بِفَتْحِ الْيَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>