للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعِتْقِ بِهِ. كَقَوْلِهِ إذَا مِتّ وَمَضَى شَهْرٌ مَثَلًا بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ فَلِلْوَارِثِ كَسْبُهُ فِي الشَّهْرِ وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ وَهَذَا لَيْسَ بِتَدْبِيرٍ فِي الصُّورَتَيْنِ بَلْ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ الْمَوْتَ فَقَطْ وَلَا مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ

وَلَوْ قَالَ إنْ شِئْت فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي اُشْتُرِطَ وُقُوعُ الْمَشِيئَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَوْرًا فَإِنْ أَتَى بِصِيغَةٍ نَحْوِ: مَتَى لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَوْرُ وَلَوْ قَالَا لِعَبْدِهِمَا: إذَا مُتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَمُوتَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا. فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ بَيْعُ نَصِيبِهِ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَحَقَّ الْعِتْقِ بِمَوْتِ الشَّرِيكِ وَلَهُ كَسْبُهُ، ثُمَّ عِتْقُهُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا مَعًا عِتْقُ تَعْلِيقٍ بِصِفَةٍ لَا عِتْقُ تَدْبِيرٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمْ يُعَلِّقْهُ بِمَوْتِهِ بَلْ بِمَوْتِهِ وَمَوْتِ غَيْرِهِ. وَفِي مَوْتِهِمَا مُرَتَّبًا يَصِيرُ نَصِيبُ الْمُتَأَخِّرِ مَوْتًا بِمَوْتِ الْمُتَقَدِّمِ مُدَبَّرًا دُونَ نَصِيبِ الْمُتَقَدِّمِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَالِكِ أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا وَعَدَمُ صِبًا وَجُنُونٍ فَيَصِحُّ مِنْ سَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ، وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِمَا وَمِنْ مُبَعَّضٍ وَكَافِرٍ وَلَوْ حَرْبِيًّا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ وَالْمِلْكِ، وَمِنْ سَكْرَانَ لِأَنَّهُ كَالْمُكَلَّفِ حُكْمًا. وَتَدْبِيرُ مُرْتَدٍّ مَوْقُوفٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

النُّفُوذَ قَالَ: وَكَمْ مِنْ رَقِيقَةٍ يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا وَيَجُوزُ عِتْقُهَا كَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. اهـ. سم وَفِيهِ أَيْضًا عَلَى ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَصِيرَ مُسْتَوْلَدَةً مِنْ الْوَارِثِ فَيَتَأَخَّرُ إعْتَاقُهَا وَفِي مَعْنَى كَسْبِهِ اسْتِخْدَامُهُ وَإِجَارَتُهُ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ:

(وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ إلَخْ) وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَالِكِ حَيْثُ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ، فَإِنَّهُ مُفَوِّتٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَارِثُ فَإِنَّهُ مُفَوِّتٌ عَلَى غَيْرِهِ فَمَنَعَ مِنْهُ لِذَلِكَ اهـ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ الزِّيَادِيُّ لِلْمُوصِي الرُّجُوعُ فِي وَصِيَّتِهِ فِي حَيَاتِهِ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي الرُّجُوعُ أج. قَوْلُهُ: (وَهَذَا لَيْسَ بِتَدْبِيرٍ) وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ التَّدْبِيرِ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَعَ أَنَّهُ عَرَّفَ التَّدْبِيرَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَهُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ، فَيَقْتَضِي أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ فِي الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا مُطْلَقًا فَكُلُّ تَدْبِيرٍ تَعْلِيقٌ وَلَا عَكْسَ. فَإِذَا عَلَّقَ الْعِتْقَ عَلَى الْمَوْتِ أَوْ مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ فَهُوَ تَدْبِيرٌ مَحْسُوبٌ مِنْ الثُّلُثِ وَيُقَالُ لَهُ تَعْلِيقٌ أَيْضًا وَإِنْ عَلَّقَهُ بِغَيْرِ الْمَوْتِ أَوْ بِالْمَوْتِ وَشَيْءٍ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَهُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ مَحْسُوبٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا يُقَالُ لَهُ تَدْبِيرٌ.

قَوْلُهُ: (لَيْسَ هُوَ الْمَوْتَ فَقَطْ) بَلْ مَعَ الدُّخُولِ أَوْ مُضِيِّ شَهْرٍ بَعْدَهُ ع ش. وَقَوْلُهُ: (وَلَا مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ عُلِّقَ عَلَى الْمَوْتِ مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ كَانَ تَدْبِيرًا اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إنْ شِئْت) أَيْ إنْ شِئْت الْحُرِّيَّةَ. قَوْلُهُ: (اُشْتُرِطَ وُقُوعُ الْمَشِيئَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ إلَخْ) : وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ شِئْت فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ إرَادَةَ الْمَشِيئَةِ فِي الْحَيَاةِ وَيَحْتَمِلُ الْمَشِيئَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُرَاجَعُ وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى إرَادَتِهِ، فَإِنْ قَالَ: أَطْلَقْت وَلَمْ أَنْوِ شَيْئًا فَالْأَصَحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْمَشِيئَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَبِهِ أَجَابَ الْأَكْثَرُونَ: مِنْهُمْ الْعِرَاقِيُّونَ وَشَرَطُوا أَنْ تَكُونَ الْمَشِيئَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى الْفَوْرِ اهـ. زي.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْمَوْتِ) لِتَقَدُّمِهَا فِي الصِّيغَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إذَا مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ شِئْت فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الْمَشِيئَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِتَأَخُّرِهَا. كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ شَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ: (فَوْرًا) أَيْ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْمَشِيئَةِ فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَالْمُرَادُ بِالتَّوَاجُبِ أَيْ التَّخَاطُبِ فَإِنَّ الْخِطَابَ إلْقَاءُ الْكَلَامِ إلَى الْغَيْرِ بِقَصْدِ الْإِفْهَامِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَا) أَيْ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا ع ش.

قَوْلُهُ: (بِمَوْتِ الشَّرِيكِ) أَيْ الَّذِي يَمُوتُ آخِرًا.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ لِلْوَارِثِ كَسْبُهُ. أَيْ كَسْبُ نَصِيبِهِ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ عِتْقُهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُمَا إذَا قَالَا ذَلِكَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نَصِيبُ كُلٍّ بِمَوْتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ مُدَبَّرٌ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا مَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ اهـ.

قَوْلُهُ: (الْمُتَأَخِّرُ مَوْتًا) مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ وَإِنَّمَا كَانَ مُدَبَّرًا لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَشَيْءٍ سَبَقَهُ وَهُوَ مَوْتُ الشَّرِيكِ الْمُتَقَدِّمِ. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ جَوَازُ بَيْعِ الْمُتَأَخِّرِ مَوْتًا لِنَصِيبِهِ كَمَا هُوَ شَأْنُ التَّدْبِيرِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا صَرِيحًا فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت سم صَرَّحَ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَيَبْطُلُ التَّدْبِيرُ وَأَمَّا نَصِيبُ الْمَيِّتِ فَبَاقٍ عَلَى تَعْلِيقِهِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (دُونَ نَصِيبِ الْمُتَقَدِّمِ) لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ وَغَيْرِهِ ح ل.

قَوْلُهُ: (وَعَدَمُ صِبًا إلَخْ) : لَمْ يَقُلْ مُكَلَّفًا مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ لِيَشْمَلَ كَلَامُهُ السَّكْرَانَ لِأَنَّهُ غَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>