للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخِتَانَيْنِ) بِإِدْخَالِ الْحَشَفَةِ وَلَوْ بِلَا قَصْدٍ، أَوْ كَانَ الذَّكَرُ أَشَلَّ أَوْ غَيْرَ مُنْتَشِرٍ أَوْ قَدَّرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا فَرْجًا مِنْ امْرَأَةٍ وَلَوْ مَيِّتَةً، أَوْ كَانَ عَلَى الذَّكَرِ خِرْقَةٌ مَلْفُوفَةٌ وَلَوْ غَلِيظَةٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَأَمَّا الْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى اعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ كَخَبَرِ: «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» فَمَنْسُوخَةٌ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

هُوَ الثَّلَاثَةُ، وَالْمَعْرُوضُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الثَّلَاثَةُ فَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ لِلضَّمِيرِ بِقَوْلِهِ أَيْ الْأُولَى غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ ق ل. قَوْلُهُ: (الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ) أَيْ خِتَانُ الرِّجَالِ وَخِتَانُ الْمَرْأَةِ أَيْ تَحَاذِيهِمَا، وَهَذَا كِنَايَةً عَنْ لَازِمِ التَّحَاذِي مِنْ دُخُولِ حَشَفَةِ الرَّجُلِ سم.

قَوْلُهُ: (بِإِدْخَالِ) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِدْخَالِ الدُّخُولُ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ حَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُحَاذَاةُ، وَحَقِيقَتُهُ اللُّغَوِيَّةُ الِانْضِمَامُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ انْضِمَامَهُمَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ لَازِمُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ دُخُولُ الْحَشَفَةِ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الْكِنَايَةِ هُنَا، وَهُوَ أَنَّ التَّحَاذِيَ يَلْزَمُ مِنْهُ عُرْفًا وَغَالِبًا دُخُولُ الْحَشَفَةِ، فَالْمُرَادُ هُنَا لَازِمُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ أَيْ لَازِمُهُ الْعُرْفِيُّ، إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكِنَايَةِ أَنْ يَكُونَ اللُّزُومُ عَقْلِيًّا، بَلْ وَلَوْ كَانَ عُرْفِيًّا كَمَا هُنَا، فَلِذَلِكَ كَانَتْ الْبَاءُ لِتَصْوِيرِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَانَ الذَّكَرُ أَشَلَّ) أَوْ مُبَانًا، وَكَذَا الْفَرْجُ حَيْثُ بَقِيَ اسْمُهُمَا. اهـ. ق ل.

وَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْمَفْعُولِ فِي الْأَوَّلِ وَعَلَى الْفَاعِلِ فِي الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (أَوْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَإِذَا قُطِعَتْ حَشَفَتُهُ كُلُّهَا أَوْ قُطِعَ بَعْضُهَا يُقَدَّرُ لَهُ حَشَفَةٌ قَدْرَ حَشَفَتِهِ الْمَقْطُوعَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً. قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا فَهَلْ تُعْتَبَرُ الْمُعْتَدِلَةُ حِينَئِذٍ أَوْ يَكُونُ كَمَنْ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ حَشَفَةٌ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ قَدْرُ الْغَالِبِ مِنْ أَمْثَالِ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَوْ يَجْتَهِدُ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ عَمِلَ بِالْأَحْوَطِ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَخِيرُ.

وَأَمَّا إذَا خُلِقَ لَهُ ذَكَرٌ مِنْ غَيْرِ حَشَفَةٍ اُعْتُبِرَ لَهُ حَشَفَةٌ مِنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ فَيُقَدَّرُ لَهُ حَشَفَةٌ بِالنِّسْبَةِ، فَإِذَا كَانَتْ حَشَفَةُ الْغَيْرِ رُبْعَ ذَكَرِهِ جَعَلْنَا حَشَفَةَ هَذَا رُبْعَ ذَكَرِهِ، وَلَوْ دَخَلَ الرَّجُلُ كُلُّهُ فَرْجًا، فَاَلَّذِي مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا عَدَمُ وُجُوبِ الْغُسْلِ فَرَاجِعْهُ ق ل. وَعِبَارَةُ الَأُجْهُورِيُّ مَسْأَلَةُ لَوْ دَخَلَ رَجُلٌ بِجُمْلَتِهِ فِي فَرْجٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْحَشَفَةَ دَخَلَتْ فَرْجًا أَوْ لَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَظَرًا إلَى أَنَّ الْحَشَفَةَ دَخَلَتْ تَابِعَةً؟ . لَا نَقْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي الْكُتُبِ الْمُتَدَاوَلَةِ. وَنُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ الثَّانِي. وَقَالَ شَيْخُنَا بِالْأَوَّلِ. اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ: يَتَعَيَّنُ الْغُسْلُ وَلَا مَحِيصَ عَنْهُ، فَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ قَالَ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (مِنْ مَقْطُوعِهَا) لَوْ قَالَ مِنْ فَاقِدِهَا لَكَانَ أَشْمَلَ لِشُمُولِهِ الَّذِي لَا حَشَفَةَ لَهُ أَصْلًا مِنْ الْآدَمِيّ وَغَيْرِهِ، لَكِنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي ذِكْرُ حُكْمِ مَا لَيْسَ لَهُ حَشَفَةٌ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ أَوْلَجَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (فَرْجًا) وَالْفَرْجُ يُطْلَقُ عَلَى الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُنْفَرِجٌ أَيْ مُنْفَتِحٌ، فَالْفَرْجُ مَأْخُوذٌ مِنْ الِانْفِرَاجِ وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ عُرْفًا فِي الْقُبُلِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ امْرَأَةٍ) قَيَّدَ بِهَا لِأَجْلِ ذِكْرِ الْخِتَانِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ غَيْرِهَا ق ل. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَيِّتَةً) وَلَا جَنَابَةَ عَلَى الْمَيِّتَةِ فَلَا يُعَادُ غُسْلُهَا لِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ بِالْمَوْتِ، وَلَا حَدَّ عَلَى الْوَاطِئِ لَهَا وَلَا مَهْرَ، لَكِنْ تَفْسُدُ عِبَادَتُهُ وَحَجُّهُ وَتَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ فِي رَمَضَانَ كَوَطْءِ الْبَهِيمَةِ اهـ. ق ل وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إذَا أَتَى الْبَهِيمَةَ وَلَمْ يُنْزِلْ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ غَسْلُ آلَتِهِ إنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا، وَإِنْ أَنْزَلَ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ وَلَا يُحَدُّ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ صَائِمًا فِي رَمَضَانَ، وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ عِنْدَنَا فِي الْجَمِيعِ. قَوْلُهُ: (أَوْ كَانَ عَلَى الذَّكَرِ خِرْقَةٌ) وَلَوْ كَانَتْ كَثِيفَةً، بَلْ وَلَوْ كَانَ فِي قَصَبَةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ، وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ غَيْرَ مُنْتَشِرٍ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْحَدِيثِ، وَيَدُلُّ لَهُ الْإِتْيَانُ بِأَيٍّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، هَذَا وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهَا مِنْ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ «فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ» شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى اعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ فَمَنْسُوخَةٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحَصْرُ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ كَمَا قَالَهُ م د. وَقَوْلُهُ: (أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحَصْرُ) أَيْ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>