للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَبْطُلُ غُسْلُ الْجُمُعَةِ بِالْحَدَثِ وَلَا بِالْجَنَابَةِ فَيَغْتَسِلُ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ بِلَا عُذْرٍ عَلَى الْأَصَحِّ.

(وَ) الثَّانِي وَالثَّالِثُ (غُسْلُ الْعِيدَيْنِ) الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى لِكُلِّ أَحَدٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ يَوْمُ زِينَةٍ، فَالْغُسْلُ لَهُ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ. وَيَدْخُلُ وَقْتُ غُسْلِهِمَا بِنِصْفِ اللَّيْلِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَبُّ فِعْلَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ السَّوَادِ يُبَكِّرُونَ إلَيْهِمَا مِنْ قُرَاهُمْ، فَلَوْ لَمْ يَكْفِ الْغُسْلُ لَهُمَا قَبْلَ الْفَجْرِ لَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَعُلِّقَ بِالنِّصْفِ الثَّانِي لِقُرْبِهِ مِنْ الْيَوْمِ كَمَا قِيلَ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ.

(وَ) الرَّابِعُ: غُسْلُ صَلَاةِ (الِاسْتِسْقَاءِ) عِنْدَ الْخُرُوجِ لَهَا

(وَ) الْخَامِسُ غُسْلُ صَلَاةِ (الْخُسُوفِ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لِلْقَمَرِ

(وَ) السَّادِسُ غُسْلُ صَلَاةِ (الْكُسُوفِ) بِالْكَافِ لِلشَّمْسِ وَتَخْصِيصُ الْخُسُوفِ بِالْقَمَرِ وَالْكُسُوفِ بِالشَّمْسِ هُوَ الْأَفْصَحُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَحُكِيَ عَكْسُهُ. وَقِيلَ الْكُسُوفُ بِالْكَافِ أَوَّلُهُ فِيهِمَا وَالْخُسُوفُ آخِرُهُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.

(وَ) السَّابِعُ (الْغُسْلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْغَاسِلُ طَاهِرًا أَمْ لَا كَحَائِضٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَنُقِلَ عَنْ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اغْتَسِلُوا، وَلَوْ كَأْسًا بِدِينَارٍ» اهـ. أَيْ اغْتَسِلُوا لِلْجُمُعَةِ، وَلَوْ بَلَغَ ثَمَنُ مِلْءِ الْكَأْسِ مَاءً دِينَارًا، وَانْظُرْ لَوْ تَعَارَضَ الْبُكُورُ وَالتَّيَمُّمُ بَدَلَ الْغُسْلِ، وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْبُكُورِ شَوْبَرِيٌّ. وَفِي ع ش عَلَى م ر: وَإِذَا تَعَارَضَ التَّبْكِيرُ وَالتَّيَمُّمُ قُدِّمَ التَّيَمُّمُ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ يُعْطَى حُكْمَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا قُدِّمَ؛ لِأَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهِ، وَأَمَّا التَّيَمُّمُ فَفِي سَنِّهِ خِلَافٌ فَضْلًا عَنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى سِنِّهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (فَيَغْتَسِلُ) أَيْ لِلْجَنَابَةِ أَيْ وَيَتَوَضَّأُ لِلْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَفِي كَلَامِهِ اكْتِفَاءٌ؛ إذْ هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ) . قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّعْرَانِيُّ فِي الْعُهُودِ: أُخِذَ عَلَيْنَا الْعَهْدُ أَنْ لَا نَتَهَاوَنَ بِتَرْكِ السُّنَنِ الشَّرْعِيَّةِ، وَنَقُولُ: الْأَمْرُ سَهْلٌ كَمَا عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَهَوِّنِينَ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ مَثَلًا وَالتَّطَيُّبِ وَالتَّزَيُّنِ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْبُدَاءَةِ بِخَلْعِ النَّعْلِ، فَقَدْ كَانَ سَيِّدِي عَلِيٌّ الْخَوَّاصُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: إنْ لِكُلِّ سُنَّةٍ مِنْ السُّنَنِ دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ، فَلَا يَنَالُ تِلْكَ الدَّرَجَةَ إلَّا فَاعِلُ تِلْكَ السُّنَّةِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَغُسْلُ الْعِيدَيْنِ) وَلَوْ لِحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ. وَقَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ وَقْتُهُمَا بِنِصْفِ اللَّيْلِ أَيْ وَيَخْرُجُ بِغُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِهِ؛ لِأَنَّهُ لِلْيَوْمِ، وَلَا نَظَرَ إلَى خُرُوجِ وَقْتِ صَلَاتِهِ بِالزَّوَالِ؛ لِأَنَّ غُسْلَهُ لَيْسَ لِلصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ أَهْلَ السَّوَادِ) الْمُرَادُ بِهِمْ أَهْلُ الْقُرَى وَالْبَوَادِي الَّذِينَ يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ، سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَضِيئُونَ غَالِبًا لِكَوْنِهِمْ أَهْلَ قُرًى أَوْ لِكَوْنِ مَحَلِّهِمْ يُرَى سَوَادًا مِنْ بُعْدٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَضْرَةِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُفِيدُ أَنَّ مَنْ لَمْ تَلْحَقُهُمْ مَشَقَّةٌ كَالْقَاطِنِينَ فِي بِلَادِ الْمُدُنِ لَا يَدْخُلُ وَقْتُ غُسْلِهِمْ لِلْعِيدِ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ هَذَا حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ لَا عِلَّةُ الْحُكْمِ كَمَا قَالُوا فِي الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ شَيْءٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْخُرُوجِ لَهَا) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ بِإِرَادَةِ فِعْلِهَا لِمَنْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَبِاجْتِمَاعِ مَنْ يَغْلِبُ فِعْلُهُ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً وَيَخْرُجُ الْيَوْمُ بِفِعْلِهَا ق ل. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا أَنَّهُ يَدْخُلُ بِمُجَرَّدِ الْخُرُوجِ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعْ غَالِبُ النَّاسِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِإِرَادَةِ الْخُرُوجِ وَقْتُ الِاجْتِمَاعِ فِي الْعَادَةِ م د.

قَوْلُهُ: (غُسْلُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ) وَيَدْخُلُ وَقْتُهُمَا بِأَوَّلِ التَّغَيُّرِ وَيَخْرُجُ بِالِانْجِلَاءِ ق ل.

قَوْلُهُ: (أَوَّلُهُ) أَيْ التَّغَيُّرُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْخُسُوفِ وَالْكُسُوفِ. وَقَوْلُهُ: (فِيهِمَا) أَيْ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ) هُوَ عَكْسُ مَا قَبْلَهُ م د. وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بَلْ مِنْ جُمْلَةِ الْغَيْرِ الْكُسُوفَانِ وَالْخُسُوفَانِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ) وَلَوْ عَصَى بِهِ كَأَنْ غَسَّلَ شَهِيدًا أَوْ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ، وَكَذَا يُطْلَبُ لِمُغَسِّلِ الْجُزْءِ اج. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْغُسْلَ سُنَّةٌ وَلَوْ عَصَى بِهِ مُطْلَقًا هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ح ف، خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْمَعْصِيَةُ لِأَجْلِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لِذَاتِهِ كَالشَّهِيدِ لَمْ يُنْدَبْ لَهُ، أَوْ لِعَارِضٍ كَتَغْسِيلِ الْأَجْنَبِيَّةِ نُدِبَ لَهُ، وَتَعْبِيرُهُ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَلَوْ يَمَّمَ الْمَيِّتَ لِلْعَجْزِ عَنْ غُسْلِهِ وَلَوْ شَرْعًا سُنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>