للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا وَرَدَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَعْلَى فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ وُقُوفًا عَلَى مَحَلِّ الرُّخْصَةِ، وَلَوْ وَضَعَ يَدَهُ الْمُبْتَلَّةَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمِرَّهَا أَوْ قَطَرَ عَلَيْهِ أَجْزَأَ

وَلَا مَسْحَ لِشَاكٍّ فِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ كَأَنْ نَسِيَ ابْتِدَاءَهَا، أَوْ أَنَّهُ مَسَحَ حَضَرًا أَوْ سَفَرًا لِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ بِشُرُوطٍ مِنْهَا الْمُدَّةُ، فَإِذَا شَكَّ فِيهَا رَجَعَ لِلْأَصْلِ وَهُوَ الْغَسْلُ.

(وَيَبْطُلُ) حُكْمُ الْمَسْحِ فِي حَقِّ لَابِسِ الْخُفِّ (بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ) الْأَوَّلُ (بِخَلْعِهِمَا) أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ بِظُهُورِ بَعْضِ الرِّجْلِ وَشَيْءٍ مِمَّا سَتَرَ بِهِ مِنْ رِجْلٍ وَلِفَافَةٍ وَغَيْرِهِمَا. (وَ) الثَّانِي (انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ) الْمَحْدُودَةِ فِي حَقِّهِمَا، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ وَهُوَ بِطُهْرِ الْمَسْحِ فِي الْحَالَيْنِ (وَ) الثَّالِثُ (مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ) مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ وِلَادَةٍ فَيَنْزَعُ وَيَتَطَهَّرُ ثُمَّ يَلْبَسُ، حَتَّى لَوْ اغْتَسَلَ لَابِسًا لَا يَمْسَحُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، وَذَلِكَ

لِخَبَرِ صَفْوَانَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُنَا إذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَوْ سَفَرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ» . رَوَاهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْخُفِّ، وَبِهِ قَالَ حَجّ. وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فَقَدْ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ شَعْرٌ لَمْ يَكْفِهِ الْمَسْحُ عَلَيْهِ جَزْمًا بِخِلَافِ الرَّأْسِ فَإِنَّ الشَّعْرَ مِنْ مُسَمَّاهُ؛ إذْ الرَّأْسُ اسْمٌ لِمَا رَأَسَ وَعَلَا وَهُوَ صَادِقٌ عَلَى الشَّعْرِ بِخِلَافِ شَعْرِ الْخُفِّ فَلَا يُسَمَّى خُفًّا. اهـ.

نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ تَفْصِيلُ الْجُرْمُوقِ، وَمَا قَالَهُ م ر اعْتَمَدَهُ ز ي اج. وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِمَسْحِ أَزْرَارِهِ وَعُرَاهُ وَخَيْطُهُ الْمُحَاذِي لِظَاهِرِ الْأَعْلَى.

قَوْلُهُ: (بِظَاهِرِ أَعْلَى الْخُفِّ) هَلْ الْمُرَادُ مَا هُوَ ظَاهِرٌ بِالْأَصَالَةِ أَوْ مَا هُوَ ظَاهِرٌ الْآنَ بِأَنْ انْقَلَبَتْ رِجْلُهُ فَجَعَلَ أَعْلَاهَا أَسْفَلَهَا يُحَرَّرُ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لَا بِأَسْفَلِهِ وَبَاطِنِهِ) لَوْ مَسَحَ بَاطِنَهُ فَنَفِدَ الْمَاءُ مِنْ مَوَاضِعِ الْخَرَزِ إلَى ظَاهِرِهِ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْزِئَ إنْ قَصَدَ الظَّاهِرَ أَوْ وَالْبَاطِنَ أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الْبَاطِنَ فَقَطْ ع ش عَلَى م ر. قَوْلِهِ: (وَعَقِبِهِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا مَعَ فَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا مُؤَخَّرُ الرِّجْلِ، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَجَمْعُهَا أَعْقَابٌ اهـ خ ض.

قَوْلُهُ: (وَيَبْطُلُ حُكْمُ الْمَسْحِ إلَخْ) فِيهِ تَغْيِيرٌ لِإِعْرَابِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اللَّفْظِيِّ وَهُوَ مَعِيبٌ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ: وَالثَّانِي انْقِضَاءُ الْمُدَّةِ، وَحُكْمُ الْمَسْحِ هُوَ جَوَازُهُ، وَصِحَّةُ الصَّلَاةِ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ بَعْضَهُمْ جَوَّزَ تَغْيِيرَ إعْرَابِ الْمَتْنِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ الْمَتْنُ وَالشَّرْحُ لِاثْنَيْنِ أَوْ لِوَاحِدٍ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ.

قَوْلُهُ: (بِثَلَاثَةٍ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَحَدِهِمَا) فِيهِ الْعَطْفُ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَخْفُوضِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْخَافِضِ جَرْيًا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ مَالِكٍ حَيْثُ قَالَ:

وَلَيْسَ عِنْدِي لَازِمًا

إلَخْ.

قَوْلُهُ: (أَوْ شَيْءٍ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ إلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِأَوْ. وَقَوْلُهُ: (فِي حَقِّهِمَا) أَيْ الْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ.

قَوْلُهُ: (مِمَّا سَتَرَ بِهِ) أَيْ بِالْخُفِّ.

قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ بَطَلَتْ، وَإِنْ كَانَ وَاقِفًا فِي مَاءٍ وَقَصَدَ غَسْلَهُمَا، وَلَا بُدَّ فِي غَسْلِهِمَا مِنْ نِيَّةِ الْوُضُوءِ الْمُعْتَبَرَةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالَيْنِ) أَيْ حَالَةِ السَّفَرِ وَالْإِقَامَةِ، وَقِيلَ حَالَ الْخَلْعِ وَانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ جَنَابَةٍ) خَرَجَ بِذَلِكَ نَذْرُ الْغُسْلِ الْمَنْدُوبِ فَلَا يَقْطَعُ الْمُدَّةَ إذَا غَسَلَ الرِّجْلَيْنِ فِي دَاخِلِ الْخُفِّ، وَكَذَا الْغُسْلُ الْمَنْدُوبُ ق ل. وَقَوْلُهُمْ: النَّذْرُ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ مَعْنَاهُ يَحْرُمُ تُرْكُهُ، لَا أَنَّ الصِّحَّةَ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ فِي جَمَاعَةٍ فَصَلَّاهَا مُنْفَرِدًا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَعَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ اج.

قَوْلُهُ: (كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (لِخَبَرِ صَفْوَانَ) هُوَ ابْنُ غَسَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - غَزَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً. وَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ اهـ. تَهْذِيبُ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. قَوْلُهُ: (كَانَ يَأْمُرُنَا) هَذِهِ هِيَ الرِّوَايَةُ كَمَا قَالَهُ يَحْيَى بْنُ شَرَفٍ مُخَالِفًا لِمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ مِنْ قَوْلِهِ: أَمَرَنَا بِلَفْظٍ اهـ اج. قَوْلُهُ: (أَوْ سَفْرًا) هُوَ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ، فَإِنَّ سَفْرًا جَمْعُ سَافِرٍ بِمَعْنَى مُسَافِرٍ كَرَكْبٍ وَرَاكِبٍ، وَقِيلَ اسْمُ جَمْعٍ لَهُ. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ النَّفْيِ لَا مِنْ " يَأْمُرُنَا " فَكُلٌّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَوْرِدٌ وَمَحَلٌّ لِلطَّلَبِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ يَأْمُرُنَا فَيَكُونُ الْإِثْبَات الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ مَطْوِيًّا وَمَأْمُورًا بِهِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} [يوسف: ٤٠] إلَخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>