للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ يَقْتَضِي الْحِلَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا لَوْ قَصَدَ الْجُنُبُ الْقِرَاءَةَ وَغَيْرَهَا، وَيَحِلُّ حَمْلُهُ فِي تَفْسِيرٍ سَوَاءٌ تَمَيَّزَتْ أَلْفَاظُهُ بِلَوْنٍ أَمْ لَا إذَا كَانَ التَّفْسِيرُ أَكْثَرَ مِنْ الْقُرْآنِ لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ بِتَعْظِيمِهِ حِينَئِذٍ، وَلَيْسَ هُوَ فِي مَعْنَى الْمُصْحَفِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُصْحَفِ، أَوْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ التَّحْقِيقِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحِلِّ فِيمَا إذَا اسْتَوَى الْحَرِيرُ مَعَ غَيْرِهِ أَنَّ بَابَ الْحَرِيرِ أَوْسَعُ بِدَلِيلِ جَوَازِهِ لِلنِّسَاءِ، وَفِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ لِلرِّجَالِ كَبَرْدٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ حَيْثُ كَانَ التَّفْسِيرُ أَكْثَرَ لَا يَحْرُمُ مَسُّهُ مُطْلَقًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُصْحَفٍ أَيْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

إنْ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا بِالْحَمْلِ وَحْدَهُ بِأَنْ قَصَدَ الْأَمْتِعَةَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا أَوْ قَصَدَهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَهُ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ قَصَدَ الْجُنُبُ الْقِرَاءَةَ وَغَيْرَهَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ يَحْرُمُ، وَهُوَ مُعْتَمَدٌ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ دُونَ الْمَقِيسِ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَتَاعَ جُرْمٌ يُسْتَتْبَعُ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ. فَرْعٌ: يَحِلُّ حَمْلُ حَامِلِ الْمُصْحَفِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَامِلٍ لَهُ عُرْفًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُ الْأَمْتِعَةِ. وَعِبَارَةُ م ر: وَلَوْ حَمَلَ حَامِلَ الْمُصْحَفِ لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ قَصَدَ الْمُصْحَفَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَامِلٍ لَهُ عُرْفًا، وَلَوْ حَمَلَ مُصْحَفًا مَعَ كِتَابٍ فِي جِلْدٍ وَاحِدٍ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُصْحَفِ فِي الْمَتَاعِ فِي التَّفْصِيلِ، وَأَمَّا مَسُّ الْجِلْدِ فَيَحْرُمُ مَسُّ السَّاتِرِ لِلْمُصْحَفِ دُونَ مَا عَدَاهُ، كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، لَكِنْ قَيَّدَهُ أَيْ الشَّخْصَ الْمَحْمُولَ الطَّبَلَاوِيُّ بِغَيْرِ نَحْوِ صَغِيرٍ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ حَمْلٌ أَيْ: فَيَحْرُمُ حَمْلُ الصَّغِيرِ الَّذِي هُوَ حَامِلٌ لِلْمُصْحَفِ، وَخَالَفَ ابْنُ حَجَرٍ شَرْحَ الْإِرْشَادِ كَلَامَ م ر. وَقَالَ: إنَّهُ يَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُ الْمَتَاعِ مَعَ الْمُصْحَفِ، وَلَوْ وَضَعَ نَحْوَ مِخَدَّةٍ تَحْتَ الْمُصْحَفِ وَجَرَّهَا بِهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الْحَمْلِ فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُ الْحَمْلِ فِي الْأَمْتِعَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَهَا بِهِ بِلَا قَبْضٍ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَمْلًا وَلَا فِي مَعْنَاهُ اهـ اج. وَفِي ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ: فِي مَتَاعٍ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلِاسْتِتْبَاعِ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْحُرْمَةِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْحَمْلِ مَسٌّ وَإِلَّا حُرِّمَ الْمَسُّ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ وَلَوْ بِحَائِلٍ حَيْثُ يُعَدُّ مَاسًّا لَهُ عُرْفًا. وَمِنْ الْمَتَاعِ كِتَابُ جِلْدٍ مَعَ الْمُصْحَفِ فِي جِلْدٍ وَاحِدٍ، فَيَحْرُمُ مَسُّ جِهَةِ الْمُصْحَفِ وَكَعْبِهِ وَمَا حَاذَاهُ مِنْ لِسَانِهِ عِنْدَ انْطِبَاقِهِ، فَإِنْ كَانَ مَفْتُوحًا مِنْ جِهَةِ الْمُصْحَفِ حُرِّمَ كُلُّهُ أَوْ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ حَلَّ كُلُّهُ اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْرُمُ مِنْهُ مَا يُحَاذِي الْمُصْحَفَ إذَا طُبِّقَ؛ لِأَنَّهُ مُحَاذٍ بِالْقُوَّةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف. قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَانْظُرْ لَوْ جُعِلَ الْمُصْحَفُ بَيْنَ كِتَابَيْنِ وَجُعِلَ لِلثَّلَاثَةِ جِلْدٌ وَاحِدٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الَّذِي فِي الْمَتَاعِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَمْلِ، وَأَمَّا الْمَسُّ فَيَحْرُمُ مَسُّ مَا حَاذَاهُ وَلَوْ جُعِلَ بَيْنَ الْمُصْحَفِ كِتَابٌ بِأَنْ جُعِلَ بَعْضُ الْمُصْحَفِ مِنْ جِهَةٍ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، فَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ مُطْلَقًا، وَلَا يُتَوَقَّفُ عَلَى قَصْدِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (فِي تَفْسِيرٍ) سَوَاءٌ كَانَ الْقُرْآنُ فِي خِلَالِ التَّفْسِيرِ أَوْ وَحْدَهُ كَأَنْ كُتِبَ الْقُرْآنُ فِي وَسَطِ الْوَرَقَةِ وَالتَّفْسِيرُ حَوْلَهَا.

قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ تَمَيَّزَتْ أَلْفَاظُهُ) صَوَابُهُ حُرُوفُهُ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ أَعْرَاضٌ لَا لَوْنَ لَهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ دَالُّ أَلْفَاظِهِ، وَهُوَ الْحُرُوفُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (إذَا كَانَ التَّفْسِيرُ أَكْثَرَ) أَيْ يَقِينًا فَفِي صُورَةِ الشَّكِّ يَحْرُمُ وَالْعِبْرَةُ بِالْكَثْرَةِ فِي الْحُرُوفِ الرَّسْمِيَّةِ بِالرَّسْمِ الْعُثْمَانِيِّ فِي الْقُرْآنِ، وَيُرْسَمُ الْخَطُّ فِي التَّفْسِيرِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا م ر. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي بَدَلِ الْفَاتِحَةِ بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَهِيَ إنَّمَا تَرْتَبِطُ بِاللَّفْظِ دُونَ الرَّسْمِ. وَهُنَا عَلَى الْمَحْمُولِ، وَهُوَ إنَّمَا يَرْتَبِطُ بِالْحُرُوفِ الْمَكْتُوبَةِ. وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ: الْعِبْرَةُ بِاللَّفْظِ مُطْلَقًا ق ل مَعَ زِيَادَةٍ، وَعِبَارَةُ م ر: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ بِاعْتِبَارِ الْحُرُوفِ لَا الْكَلِمَاتِ، وَأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكَثْرَةِ وَعَدَمِهَا فِي الْمَسِّ بِحَالَةِ مَوْضِعِهِ، وَفِي الْحَمْلِ بِالْجَمِيعِ اهـ. وَلَوْ كَتَبَ بِهَامِشِ مُصْحَفٍ تَفْسِيرًا فَهُوَ كَالتَّفْسِيرِ الْمُمَازَجِ؛ لِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا التَّفْسِيرَ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْمُتَمَيِّزِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ ق ل خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْحُرْمَةِ، وَقَالَ: إنَّهُ مُصْحَفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى قُرْآنٍ وَتَفْسِيرٍ فَهُوَ كَالْحَمْلِ اهـ. قَالَ اط ف: هَلْ، وَإِنْ قَصَدَ الْقُرْآنَ وَحْدَهُ؟ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ، نَعَمْ وَانْظُرْ الْفَرْقَ عَلَى هَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَمْلِهِ فِي أَمْتِعَةٍ حَيْثُ حُرِّمَ مَعَ قَصْدِهِ الْقُرْآنَ وَحْدَهُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ تَمْيِيزُهُ عَنْ الْمَتَاعِ بِأَخْذِهِ أَيْ الْمُصْحَفِ مِنْهُ أَيْ الْمَتَاعِ بِخِلَافِ التَّفْسِيرِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>