للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّبِيُّ إنْسَانٌ أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ يَعْمَلُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَبْلِيغِهِ. وَالرَّسُولُ إنْسَانٌ أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ وَأُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ، فَكُلُّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَامِلِ عُقُودِ الْمُرْسَلِينَ وَهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَعَشَرَةٌ وَاحْذِفْ مَا زَادَ عَلَى الْعُقُودِ يَكُونُ الْخَارِجُ مِائَةَ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا، وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ الْمِيمَيْنِ بِالْجُمَّلِ الصُّغْرَى ثَمَانِيَةٌ وَالْحَاءُ مِثْلُهَا وَالدَّالُ كَمِيمٍ.

وَخَوَاصُّ الْبَشَرِ وَهُمْ الْأَنْبِيَاءُ أَفْضَلُ مِنْ خَوَاصِّ الْمَلَائِكَةِ، وَهُمْ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ وَعِزْرَائِيلُ. وَخَوَاصُّ الْمَلَائِكَةِ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامِّ الْبَشَرِ وَهُمْ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ وَعَوَامِّ الْبَشَرِ وَهُمْ الْأَتْقِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامِّ الْمَلَائِكَةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِمْ إجْمَالًا فِيمَنْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَتَفْصِيلًا فِيمَنْ وَرَدَ بِهِ التَّفْصِيلُ، فَمِنْ التَّفْصِيلِ مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ أَسْمَائِهِمْ، فَمَنْ أَنْكَرَ أَحَدًا مِنْهُمْ بَعْدَ أَنْ عَلِمَهُ كَفَرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ سُئِلَ عَنْهُ ابْتِدَاءً فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ فَلَا يَكْفُرُ.

وَجُمْلَتُهُمْ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ مِنْهُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَذْكُورَةٌ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا} [الأنعام: ٨٣] الْآيَةَ. وَالْبَاقِي سَبْعَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي بَعْضِ السُّوَرِ وَهُمْ: آدَم وَإِدْرِيسُ وَهُودٌ وَشُعَيْبٌ وَصَالِحٌ وَذُو الْكِفْلِ وَسَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

حَتْمٌ عَلَى كُلِّ ذِي التَّكْلِيفِ مَعْرِفَةُ ... بِأَنْبِيَاءٍ عَلَى التَّفْصِيلِ قَدْ عُلِمُوا

فِي تِلْكَ حُجَّتُنَا مِنْهُمْ ثَمَانِيَةٌ ... مِنْ بَعْدِ عَشْرٍ وَيَبْقَى سَبْعَةٌ وَهُمُوا

إدْرِيسُ هُودٌ شُعَيْبٌ صَالِحٌ وَكَذَا ... ذُو الْكِفْلِ آدَم بِالْمُخْتَارِ قَدْ خُتِمُوا

وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مُفَصَّلًا فَقَالَ:

مُحَمَّدٌ إبْرَاهِيمُ مُوسَى وَصَالِحٌ ... وَعِيسَى وَنُوحٌ ثُمَّ يَحْيَى وَآدَمُ

وَهُودٌ وَلُوطٌ ثُمَّ يَعْقُوبُ يُوسُفُ ... وَأَيُّوبُ هَارُونُ شُعَيْبٌ مُكَرَّمُ

وَذُو الْكِفْلِ دَاوُد وَإِلْيَاسُ وَاَلْيَسَعُ ... وَإِدْرِيسُ إسْمَاعِيلُ إِسْحَاقُ يُعْلَمُ

كَذَا زَكَرِيَّا مَعَ سُلَيْمَانَ يُونُسُ ... نُبُوَّةُ كُلٍّ دُونَ خُلَفٍ تُسَلَّمُ

وَخُلْفٌ بِذِي الْقَرْنَيْنِ لُقْمَانُ يَا فَتَى ... عُزَيْرٌ وَطَالُوتُ بِهِ النَّظْمُ يُخْتَمُ

وَكُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، فَهُوَ مِنْ نَسْلِ إبْرَاهِيمَ سِوَى خَمْسَةٍ جَمَعَهُمْ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ:

وَكُلُّ نَبِيٍّ فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ ... لَمِنْ نَسْلِ إبْرَاهِيمَ ذِي الْحِلْمِ وَالتُّقَى

سِوَى خَمْسَةٍ لُوطٌ وَهُودٌ وَصَالِحٌ ... وَنُوحٌ وَإِدْرِيسُ الَّذِي فَازَ بِالْبَقَا

وَأَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ أَعْجَمِيَّةٌ إلَّا أَرْبَعَةٌ: مُحَمَّدٌ وَشُعَيْبٌ وَهُودٌ وَصَالِحٌ.

قَوْلُهُ: (وَالنَّبِيُّ إنْسَانٌ) حُرٌّ ذَكَرٌ مِنْ بَنِي آدَمَ سَلِيمٌ عَنْ مُنَفِّرٍ طَبْعًا، وَعَنْ دَنَاءَةِ أَبٍ وَخَنَا أُمٍّ أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِتَبْلِيغِهِ، فَإِنْ أُمِرَ بِهِ فَنَبِيٌّ وَرَسُولٌ، وَالنَّبِيُّ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّبَأِ وَهُوَ الْخَبَرُ لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنْ النُّبُوَّةِ وَهِيَ الرِّفْعَةُ لِأَنَّهُ مَرْفُوعُ الرُّتْبَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا ذَكَرٌ الْأُنْثَى فَلَا رَسُولَ مِنْ الْإِنَاثِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِنُبُوَّةِ مَرْيَمَ وَآسِيَةَ وَهَاجَرَ وَسَارَةَ، وَحِينَئِذٍ يُؤَوَّلُ إنْسَانٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ إنْسَانٌ بَلْ إنْسَانَةٌ، وَفِي الصِّحَاحِ يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ إنْسَانٌ لَا إنْسَانَةٌ ح ل.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْعَطْفِ وَالْغَايَةِ لِتَعْمِيمِ النُّبُوَّةِ أَيْ سَوَاءٌ أُمِرَ أَوْ لَمْ يُؤْمَرْ لِأَنَّ وَصْفَ النُّبُوَّةِ لَا يُنَافِي وَصْفَ الرِّسَالَةِ، فَمُرَادُهُ تَعْرِيفُ النَّبِيِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ رِسَالَةٌ أَمْ لَا. وَمَنْ جَعَلَ الْوَاوَ لِلْحَالِ تَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ تَعْرِيفُ النَّبِيِّ فَقَطْ أَيْ الَّذِي لَيْسَ بِرَسُولٍ وَجَعْلُ إنْ لِلشَّرْطِ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ لَا جَوَابَ لَهَا وَسَمَّاهَا بَعْضُهُمْ وَصْلِيَّةً.

قَوْلُهُ: (وَالرَّسُولُ إنْسَانٌ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ النُّبُوَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>