للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ، فَغَيْرُ الزَّوْجِ مَقِيسٌ عَلَى الزَّوْجِ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ، وَالْوَطْءُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ إلَى الطُّهْرِ كَالْوَطْءِ فِي آخِرِ الدَّمِ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَيَكْفِي التَّصَدُّقُ، وَلَوْ عَلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ لِلْأَذَى، فَلَا يَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ كَاللِّوَاطِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَا كَفَّارَةَ بِوَطْئِهَا وَإِنْ حَرُمَ، وَلَوْ أَخْبَرَتْهُ بِحَيْضِهَا، وَلَمْ يُمْكِنْ صِدْقُهَا لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهَا، وَإِنَّ أَمْكَنَ وَصَدَّقَهَا حُرِّمَ وَطْؤُهَا وَإِنْ كَذَّبَهَا فَلَا لِأَنَّهَا رُبَّمَا عَانَدَتْهُ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ بِخِلَافِ مَنْ عَلَّقَ بِهِ طَلَاقَهَا، وَأَخْبَرَتْهُ بِهِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ. وَإِنْ كَذَّبَهَا لِتَقْصِيرِهِ فِي تَعْلِيقِهِ بِمَا لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا، وَلَا يُكْرَهُ طَبْخُهَا، وَلَا اسْتِعْمَالُ مَا مَسَّتْهُ مِنْ مَاءٍ أَوْ عَجِينٍ أَوْ نَحْوِهِ.

(وَ) الثَّامِنُ (الِاسْتِمْتَاعُ) بِالْمُبَاشَرَةِ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَمَّا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَ:

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَأَجْرَاهُ بَعْضُهُمْ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ. اهـ. ق ل. وَقَالَ اج. وَقَوْلُهُ أَوْ نِصْفَهُ أَيْ إنْ تَرَكَهَا بِعُذْرٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَا فَرْقَ فِي الْوَاطِئِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ إلَخْ) أَيْ كَالْوَاطِئِ بِالْمِلْكِ وَالزَّانِي؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ حُرْمَةً أُخْرَى غَيْرَ حُرْمَةِ الزِّنَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْمَرْحُومِيُّ. قَوْلُهُ: (وَالْوَطْءُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ) هَكَذَا مُكَرَّرٌ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ عَقِبَ كَلَامِ الْمَتْنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: ذَكَرَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَيْثُ الْحُرْمَةُ، وَذَكَرَهُ هُنَا مِنْ التَّصَدُّقِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ) أَيْ: لِأَنَّ الْحَيْضَ مُسْتَقْذَرٌ مُنْتِنٌ يُلَوِّثُ ذَكَرَ الْوَاطِئِ، وَمِثْلُهُ اللِّوَاطُ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ لِذَاتِهِ، وَهُوَ الْوَطْءُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ بِشُرُوطِهِ.

قَوْلُهُ: (لِلْأَذَى) أَيْ لِلِاسْتِقْذَارِ، وَفِي نُسْخَةٍ لِلْإِيذَاءِ وَالْأُولَى هِيَ الصَّوَابُ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: ٢٢٢] قَوْلُهُ: (كَاللِّوَاطِ) وَوَطْءِ الْمَجُوسِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا كَفَّارَةَ بِوَطْئِهَا) أَيْ فَلَا تَصَدُّقَ بِدِينَارٍ وَلَا نِصْفِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ بِوَطْئِهَا بَلْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ الْعُظْمَى وَإِنْ وَطِئَ بَهِيمَةً كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُمْكِنْ صِدْقُهَا) بِأَنْ لَمْ يَمْضِ مِنْ طُهْرِهَا زَمَنٌ يُمْكِنُ حُدُوثُ الْحَيْضِ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَذَّبَهَا فَلَا) وَإِنْ حَلَفَتْ، وَإِنْ لَمْ يُكَذِّبْهَا، وَلَمْ يُصَدِّقْهَا فَالْأَوْجَهُ حِلُّ وَطْئِهَا لِلشَّكِّ شَرْحُ الرَّوْضِ. فَرْعٌ: لَوْ وَافَقَهَا عَلَى الْحَيْضِ فَادَّعَتْ بَقَاءَهُ وَعَدَمَ انْقِطَاعِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ م د سم. عَلَى الْمَنْهَجِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتُهَا اهـ ع ش قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَفِيهِ أَيْ فِي الْحَدِيثِ: «لَعَنَ اللَّهُ الْغَائِصَةَ وَالْمُغَوِّصَةَ» وَالْغَائِصَةُ الَّتِي لَا تُعْلِمُ زَوْجَهَا أَنَّهَا حَائِضٌ لِيَجِيئَهَا فَيُجَامِعَهَا وَهِيَ حَائِضٌ وَالْمُغَوِّصَةُ الَّتِي لَا تَكُونُ حَائِضًا فَتَكْذِبُ عَلَى زَوْجِهَا وَتَقُولُ إنِّي حَائِضٌ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ وَا ج.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُكْرَهُ طَبْخُهَا) وَكَانَتْ الْيَهُودُ إذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُسَاكِنُوهَا فِي الْبُيُوتِ، وَالنَّصَارَى يَسْتَبِيحُونَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْوَطْءَ فَخَلَتْ هَذِهِ الشَّرِيعَةُ مِنْ الْإِفْرَاطِ الْوَاقِعِ مِنْ الْيَهُودِ وَالتَّفْرِيطِ الْوَاقِعِ مِنْ النَّصَارَى، وَمِنْ الْبِدَعِ تَرْكُ مُوَاكِلَةِ الصِّبْيَانِ لِتَوَهُّمِ نَجَاسَتِهِمْ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ سَلَامَتِهِمْ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّامِنُ الِاسْتِمْتَاعُ إلَخْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالِاسْتِمْتَاعُ بِالْمُبَاشَرَةِ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ، ذِكْرُهُ بَعْدَ الْوَطْءِ مِنْ ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ وَبَيْنَ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْمُبَاشَرَةِ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْوَجْهِيُّ يَجْتَمِعَانِ فِي مُبَاشَرَةٍ بِشَهْوَةٍ، وَيَنْفَرِدُ الْأَوَّلُ فِي النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ، وَالثَّانِي فِي لَمْسٍ بِلَا شَهْوَةٍ وَالتَّحْرِيمُ مَنُوطٌ بِالْمُبَاشَرَةِ، وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ، بِخِلَافِ النَّظَرِ، وَلَوْ بِشَهْوَةٍ؛ إذْ لَيْسَ هُوَ أَعْظَمَ مِنْ تَقْبِيلِهَا فِي وَجْهِهَا بِشَهْوَةٍ. اهـ. م د. وَفِي كَوْنِ النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ اسْتِمْتَاعًا نَظَرٌ تَأَمَّلْ. وَالنُّسْخَةُ الَّتِي فِيهَا الْمُبَاشَرَةُ أَوْلَى كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ وَبِالْمُبَاشَرَةِ الِاسْتِمْتَاعُ بِالنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ إلَخْ. قَالَ سم: لَوْ خُلِقَتْ السُّرَّةُ فِي مَحَلٍّ أَعْلَى مِنْ مَحَلِّهَا الْغَالِبِ أَوْ الرُّكْبَةُ أَسْفَلَ مِنْ مَحَلِّهَا الْغَالِبِ، فَالْوَجْهُ اعْتِبَارُهُمَا دُونَ مَحَلِّهِمَا الْغَالِبِ، وَلَوْ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ سُرَّةٌ أَوْ رُكْبَةٌ قُدِّرَا لَهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ. قَوْلُهُ: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ} [البقرة: ٢٢٢] وَقَبْلَهُ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: ٢٢٢] وَالْمُرَادُ بِهِ أَذًى لِلْوَلَدِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>