مُعَانِدًا، وَغَيْرُ الْمُعَانِدِ إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ جَازَ تَعْلِيمُهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ بِفَمٍ مُتَنَجِّسٍ وَتَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ بِحَمَّامٍ وَطَرِيقٍ إنْ لَمْ يَلْتَهِ عَنْهَا، وَإِلَّا كُرِهَتْ، وَلَا يَجِبُ مَنْعُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ مِنْ حَمْلِ الْمُصْحَفِ وَاللَّوْحِ لِلتَّعَلُّمِ إذَا كَانَ مُحْدِثًا وَلَوْ حَدَثًا أَكْبَرَ كَمَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ لِحَاجَةِ عِلْمِهِ وَمَشَقَّةِ اسْتِمْرَارِهِ مُتَطَهِّرًا، بَلْ يُنْدَبُ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنْ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي الْحَمْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِالدِّرَاسَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِغَرَضٍ أَوْ لِغَرَضٍ آخَرَ مُنِعَ مِنْهُ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَإِنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ
أَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَيَحْرُمُ تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ لِئَلَّا يَنْتَهِكَهُ، وَالْقِرَاءَةُ أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرٍ لَمْ يُخَصَّ بِمَحَلٍّ، فَإِنْ خُصَّ بِهِ بِأَنْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ فِيهِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا، وَيُنْدَبُ أَنْ يَتَعَوَّذَ لَهَا جَهْرًا إنْ جَهَرَ بِهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَيُسِرُّ مُطْلَقًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
يُصْلِحُهُ حَيْثُ كَانَ خَطُّهُ مُنَاسِبًا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إجَابَةُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَلَمْ يَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ فِي سُؤَالِهِ، وَأَنَّ الْوَقْفَ يَجِبُ إصْلَاحُهُ إنْ تَعَيَّنَ الْخَطَأُ وَكَانَ خَطُّهُ مُسْتَصْلِحًا سَوَاءٌ الْمُصْحَفُ وَغَيْرُهُ، وَأَنَّهُ مَتَى تَرَدَّدَ فِي عَيْنِ لَفْظٍ أَوْ فِي الْحُكْمِ لَا يُصْلِحُ شَيْئًا، وَمَا اُعْتِيدَ مِنْ كِتَابَةِ لَعَلَّهُ كَذَا إنَّمَا يَجُوزُ فِي مِلْكِ الْكَاتِبِ اهـ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: وَأَنَّ الْوَقْفَ يَجِبُ إصْلَاحُهُ، كِتَابَةُ الْحَوَاشِي بِهَوَامِشِهِ، فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ الْكِتَابِ عَنْ أَصْلِهِ وَلَا نَظَرَ لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ بِفِعْلِهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ. وَفِيهِ بَحْثٌ وَتَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ الْكِتَابِ مَمْنُوعٌ. قَوْلُهُ: (وَنَقْطُهُ وَشَكْلُهُ) أَيْ صِيَانَةً لَهُ مِنْ اللَّحْنِ وَالتَّحْرِيفِ، وَيَجُوزُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ بِخِلَافِ قِرَاءَتِهِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ فَيُمْتَنَعُ، وَهَلْ يَجُوزُ كِتَابَتُهُ بِالرِّجْلِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى كِتَابَتِهِ بِالْيَدِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِذَلِكَ إلَّا مُجَرَّدُ الْفِرَاسَةِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْجَوَازُ عَلَى مَا إذَا اُضْطُرَّ لِنَحْوِ نَفَقَةٍ، وَانْحَصَرَتْ فِي اكْتِسَابِهِ بِكِتَابَةِ الْقُرْآنِ بِمَا ذُكِرَ، وَفَائِدَةُ كِتَابَتِهِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَعَ حُرْمَةِ الْقِرَاءَةِ بِهَا أَنَّهُ قَدْ يُحْسِنُهَا مَنْ يَقْرَؤُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ أَيْ: وَيَحْرُمُ مَسُّهُ وَحَمْلُهُ، وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ مُسَمَّيَاتُهَا وَدَوَالُّهَا إنَّمَا هُوَ الْقُرْآنُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ لِمَنْ كَتَبَهُ بِالْهِنْدِيِّ: انْطِقْ بِمَا كَتَبَهُ نَطَقَ بِلَفْظِ الْقُرْآنِ، نَقَلَهُ اط ف عَنْ ع ش. وَفِيهِ عَلَى م ر نَقْلًا عَنْ سم عَلَى حَجّ فَرْعٌ، وَأَفْتَى شَيْخُنَا م ر بِجَوَازِ كِتَابَةِ الْقُرْآنِ بِالْقَلَمِ الْهِنْدِيِّ وَقِيَاسُهُ جَوَازُهُ بِنَحْوِ التُّرْكِيِّ أَيْضًا. فَرْعٌ آخَرُ: الْوَجْهُ، جَوَازُ تَقْطِيعِ حُرُوفِ الْقُرْآنِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي التَّعْلِيمِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ اهـ.
قَوْلُهُ: (مِنْ مَسِّهِ) وَكَذَا حَمْلُهُ بِالْأَوْلَى، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ وُجُودُ الِامْتِهَانِ فِيهِمَا وَالِاسْتِيلَاءِ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ. قَوْلُهُ: (وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ بِفَمٍ مُتَنَجِّسٍ) وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ حَالَ خُرُوجِ الرِّيحِ لَا مَعَ نَحْوِ مَسٍّ أَوْ لَمْسٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقْذَرٍ عَادَةً. اهـ. سم. وَقِيلَ تَحْرُمُ الْقِرَاءَةُ بِفَمٍ مُتَنَجِّسٍ. قَوْلُهُ: (بِحَمَّامٍ) أَيْ فِي حَمَّامٍ.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا كُرِهَتْ) هَذَا شَامِلٌ لِمَا يَفْعَلُهُ السَّائِلُ فِي الطَّرِيقِ، وَعَلَى الْأَعْتَابِ فَفِيهَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ أَيْ: فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْهَا كُرِهَتْ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ؛ إذْ لَيْسَ الْقَصْدُ إهَانَةَ الْقُرْآنِ، وَإِلَّا حُرِّمَ بَلْ رُبَّمَا كَانَ كُفْرًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ مَنْعُ الصَّغِيرِ إلَخْ) وَلَا يُمْنَعُ الصَّبِيُّ الْجُنُبُ مِنْ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَفَارَقَ مَنْعُ مَسِّ الْمُصْحَفِ لِغَيْرِ حَاجَةِ تَعَلُّمِهِ بِأَنَّ بَابَ الْمُكْثِ وَالْقِرَاءَةِ أَوْسَعُ كَمَا مَرَّ فِي الْكَافِرِ اهـ اج.
قَوْلُهُ: (لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ لِحَاجَةٍ هِيَ تَعَلُّمُهُ أَوْ مَا هُوَ وَسِيلَةٌ لِذَلِكَ كَحَمْلِهِ لِلْمَكْتَبِ وَالْإِتْيَانِ بِهِ لِلْمُعَلِّمِ لِيُفْهِمَهُ مِنْهُ. قَالَ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ: وَلَوْ كَانَ حَافِظًا عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ ح ل.
قَوْلُهُ: (بَلْ يُنْدَبُ) أَيْ الْمَنْعُ قَوْلُهُ: (الْمُتَعَلِّقِ بِالدِّرَاسَةِ) وَلَوْ لِلْمَكْتَبِ. قَوْلُهُ (أَوْ لِغَرَضٍ آخَرَ) وَلَوْ لِلتَّبَرُّكِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ سم. قَوْلُهُ (فَيَحْرُمُ تَمْكِينُهُ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ تَعَلُّمُهُ مِنْهُ فَإِنْ تَأَتَّى تَعَلُّمُهُ مِنْهُ لَمْ يَبْعُدْ تَمْكِينُهُ إذَا رَاقَبَهُ الْوَلِيُّ أَوْ نَائِبُهُ بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ مِنْ امْتِهَانِهِ سم اج. وَقَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدُ تَمْكِينُهُ أَيْ: وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ مُكْثُهُ فِي الْمَسْجِدِ جُنُبًا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ: يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ تَمْكِينُ الصَّبِيِّ مِنْ الْمُكْثِ وَالْقِرَاءَةِ، وَلَوْ مَعَ الْجَنَابَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ قَوْلُهُ: (بِأَنْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ) أَيْ بِالذِّكْرِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ فِي الْمَحَلِّ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ أَفْضَلُ) أَيْ فَالذِّكْرُ أَفْضَلُ أَيْ الِاشْتِغَالُ بِالذِّكْرِ الْمَخْصُوصِ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ أَفْضَلُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِالْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَالْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ الِاشْتِغَالَيْنِ لَا بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ أَفْضَلُ مِنْهُ مَثَلًا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طُلِبَتْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَالِاشْتِغَالُ بِهَا أَفْضَلُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِقِرَاءَةٍ لَمْ تُطْلَبْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ اهـ اج.
قَوْلُهُ: (بِهَا) أَيْ بِالْقِرَاءَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute