تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ. وَدَلِيلُ وُجُوبِ التَّكْبِيرِ «خَبَرُ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ: إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالِاتِّبَاعُ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» .
وَلَا تَضُرُّ زِيَادَةٌ لَا تَمْنَعُ اسْمَ التَّكْبِيرِ كَاللَّهُ الْأَكْبَرُ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةٍ مُبَالِغَةٍ فِي التَّعْظِيمِ وَهُوَ الْإِشْعَارُ بِالتَّخْصِيصِ، وَكَذَا اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ، أَوْ اللَّهُ الْجَلِيلُ أَكْبَرُ وَكَذَا كُلُّ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى إنْ لَمْ يَطُلْ بِهَا الْفَصْلُ، فَإِنْ طَالَ كَاللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ أَكْبَرُ ضَرَّ. وَلَوْ لَمْ يَجْزِمْ الرَّاءَ مِنْ أَكْبَرُ لَمْ يَضُرَّ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ الدَّمِيرِيُّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «التَّكْبِيرُ جَزْمٌ» اهـ. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: إنَّ هَذَا لَا أَصْلَ لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَعَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ فَمَعْنَاهُ عَدَمُ التَّرَدُّدِ فِيهِ. وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَقْصِرَ التَّكْبِيرَ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ، وَأَنْ لَا يُمَطِّطَهُ بِأَنْ يُبَالِغَ فِي مَدِّهِ بَلْ يَأْتِي بِهِ مُبَيَّنًا، وَالْإِسْرَاعُ بِهِ أَوْلَى مِنْ مَدِّهِ لِئَلَّا تَزُولَ النِّيَّةُ، وَأَنْ يَجْهَرَ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ لِلْإِمَامِ لِيُسْمِعَ الْمَأْمُومِينَ فَيَعْلَمُوا صَلَاتَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ مَأْمُومٍ وَمُنْفَرِدٍ فَالسُّنَّةُ فِي حَقِّهِ الْإِسْرَارُ، نَعَمْ إنْ لَمْ يَبْلُغْ صَوْتُ الْإِمَامِ جَمِيعَ الْمَأْمُومِينَ جَهَرَ بَعْضُهُمْ نَدْبًا وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ لِيُبَلِّغَ عَنْهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي مَرَضِهِ بِالنَّاسِ وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُسْمِعُهُمْ التَّكْبِيرَ»
وَلَوْ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ تَكْبِيرَاتٍ نَاوِيًا بِكُلٍّ مِنْهَا الِافْتِتَاحَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، بِالْأَوْتَارِ وَخَرَجَ مِنْهَا بِالْأَشْفَاعِ، لِأَنَّ مَنْ افْتَتَحَ صَلَاةً ثُمَّ نَوَى افْتِتَاحَ صَلَاةٍ أُخْرَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ هَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ بَيْنَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (ثُمَّ اقْرَأْ إلَخْ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَاتِحَةِ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ «كَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ» اهـ.
قَوْلُهُ: «حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا» فِيهِ إشَارَةٌ لِلطُّمَأْنِينَةِ قَوْلُهُ: «ثُمَّ ارْفَعْ» أَيْ مِنْ السُّجُودِ قَوْلُهُ: «كَمَا رَأَيْتُمُونِي» أَيْ عَلِمْتُمُونِي لِأَنَّ الْأَقْوَالَ لَا تُرَى وَأَيْضًا نَحْنُ لَمْ نَرَهُ قَوْلُهُ: (كَاللَّهُ الْأَكْبَرُ) وَوَصْلُ هَمْزَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ بِمَا قَبْلَهَا خِلَافُ الْأَوْلَى، وَذَهَبَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَى الْكَرَاهَةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ حَرْفًا ثَابِتًا فِي الدَّرْجِ. اهـ. م ر قَوْلُهُ: (وَكَذَا كُلُّ صِفَةٍ إلَخْ) خَرَجَ بِالصِّفَةِ غَيْرُهَا كَالضَّمِيرِ وَالنِّدَاءِ وَالذِّكْرِ وَالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ نَحْوَ اللَّهُ هُوَ أَكْبَرُ وَاَللَّهُ يَا رَحِيمُ أَكْبَرُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَكْبَرُ وَاَللَّهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَكْبَرُ بِخِلَافِ مَنْ أَخَّرَ هَذِهِ عَنْ أَكْبَرُ كَاللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فَلَا يَضُرُّ ق ل قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَطُلْ بِهَا الْفَصْلُ) بِأَنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ قَوْلُهُ: (فَإِنْ طَالَ) بِأَنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ كَاللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَكْبَرُ فَإِنَّهُ يَضُرُّ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ زَادَ " الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ "، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ مَعَ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِقَيْدٍ فِي الْبُطْلَانِ بَلْ تَبْطُلُ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِهِمَا كَمَا قَالَهُ ع ش، فَلَا يَتَقَيَّدُ الْبُطْلَانُ بِمَا قَالَ الشَّارِحُ ق ل وسم.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَجْزِمْ الرَّاءَ مِنْ أَكْبَرُ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ كَرَّرَهَا أَوْ شَدَّدَهَا، وَلَوْ فَتَحَ الْهَاءَ مِنْ اللَّهُ أَوْ كَسَرَهَا أَوْ ضَمَّهَا لَمْ يَضُرَّ اهـ إ ط ف قَوْلُهُ: النَّخَعِيُّ نِسْبَةً إلَى نَخَعٍ بِنُونٍ وَخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَتَانِ قَبِيلَةٌ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَصَرَّحَ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ اسْمَهُ إبْرَاهِيمُ قَوْلُهُ: (وَعَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ) أَيْ وُرُودِهِ.
قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَقْصِرَ التَّكْبِيرَ) هَذِهِ سُنَنُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ الْقَوْلِيَّةِ وَسَيَأْتِي سُنَنُهَا الْفِعْلِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ بِقَوْلِهِ: وَسُنَّ رَفْعُ يَدَيْهِ إلَخْ. وَالتَّقْصِيرُ الْمَنْفِيُّ أَنْ يَمُدَّهُ بِقَدْرِ الْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ وَعَدَمُ تَقْصِيرِهِ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى الْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ وَهَذَا هُوَ الْمَسْنُونُ قَوْلُهُ: (بَلْ يَأْتِي بِهِ مُبَيَّنًا) أَيْ مَفْهُومًا قَوْلُهُ: (وَالْإِسْرَاعُ) أَيْ مَعَ عَدَمِ التَّقْصِيرِ قَوْلُهُ: (لِئَلَّا تَزُولَ النِّيَّةُ) أَيْ تَعَزَّبَ فِي مَدِّهِ بِخِلَافِ تَكْبِيرِ الِانْتِقَالَاتِ لَا يُسْرِعُ بِهِ لِئَلَّا يَخْلُوَ تَمَامُ الِانْتِقَالِ عَنْ التَّكْبِيرِ إذْ يُنْدَبُ تَطْوِيلُهُ إلَى كَمَالِ الرُّكْنِ الَّذِي يَلِيهِ قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَجْهَرَ) أَيْ لَا بِقَصْدِ الْإِعْلَامِ فَقَطْ وَلَا مُطْلَقًا بَلْ بِقَصْدِ الذِّكْرِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْإِعْلَامِ قَوْلُهُ: (لِيُسْمِعَ الْمَأْمُومِينَ) عِلَّةٌ غَائِيَّةٌ، حَتَّى لَوْ قَصَدَ بِهَا إسْمَاعَهُمْ فَقَطْ ضَرّ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ كَمَا فِي الْمُبَلِّغِ فِي تَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ مَعَ إسْمَاعِهِمْ التَّحَرُّمَ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ جَزْمًا اهـ ح ل قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) صَرِيحَةٌ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ لَا يُطْلَبُ. قَالَ ق ل: هَلْ يَشْمَلُ مَا إذَا تَرَتَّبُوا فِي التَّبْلِيغِ وَاحِدًا خَلْفَ وَاحِدٍ لِكَثْرَةِ الْقَوْمِ وَمَا إذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ؟ فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: «وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُسْمِعُهُمْ» أَيْ يُبَلِّغُ خَلْفَهُ ق ل
قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ مِنْهَا) أَيْ وَحَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ إنْ كَانَ فِي فَرِيضَةٍ إذْ قَطْعُ الْفَرْضِ حَرَامٌ، فَإِنْ كَانَ فِي نَافِلَةٍ وَاسْتَدَامَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute