كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ خُرُوجًا أَوْ افْتِتَاحًا وَإِلَّا فَيَخْرُجُ بِالنِّيَّةِ وَيَدْخُلُ بِالتَّكْبِيرِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِغَيْرِ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى شَيْئًا لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ مَعَ الْعَمْدِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، أَمَّا مَعَ السَّهْوِ فَلَا بُطْلَانَ.
وَمَنْ عَجَزَ وَهُوَ نَاطِقٌ عَنْ النُّطْقِ بِالتَّكْبِيرِ بِالْعَرَبِيَّةِ تَرْجَمَ عَنْهَا بِأَيِّ لُغَةٍ شَاءَ، وَوَجَبَ التَّعَلُّمُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِسَفَرٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.
فَائِدَةٌ: إنَّمَا سُمِّيَتْ هَذِهِ التَّكْبِيرَةُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ بِهَا عَلَى الْمُصَلِّي مَا كَانَ حَلَالًا لَهُ قَبْلَهَا مِنْ مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْكَلَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
، وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ بِالْإِجْمَاعِ، مُسْتَقْبِلًا بِكَفَّيْهِ الْقِبْلَةَ، مُمِيلًا أَطْرَافَ أَصَابِعِهِمَا نَحْوَهَا، مُفَرِّقًا أَصَابِعَهُمَا تَفْرِيقًا وَسَطًا كَاشِفًا لَهُمَا، وَيَرْفَعُهُمَا مُقَابِلَ مَنْكِبَيْهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الصَّلَاةَ مَعَ الْخُرُوجِ بِالشَّفْعِ حَرُمَ أَيْضًا لِتَعَاطِيهِ عِبَادَةً فَاسِدَةً وَإِلَّا فَلَا لَكِنْ يُكْرَهُ اهـ. قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ وَجِيهٌ اهـ اج وَفِي الْقَوْلُ التَّامُّ لِابْنِ الْعِمَادِ: يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُوَسْوِسِينَ أَنَّهُ يُحْرِمُ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ يَتَوَسْوَسُ فِي صِحَّتِهَا فَيُخْرِجُ نَفْسَهُ مِنْ الصَّلَاةِ بِالتَّسْلِيمِ، ثُمَّ يَنْوِي الصَّلَاةَ ثَانِيًا وَهُوَ آثِمٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْأُولَى إنْ لَمْ تَكُنْ انْعَقَدَتْ فَلَا حَاجَةَ فِي الْخُرُوجِ مِنْهَا إلَى التَّسْلِيمِ، وَالْإِتْيَانَ بِالْعِبَادَةِ الْفَاسِدَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ انْعَقَدَتْ حُرِّمَ عَلَيْهِ قَطْعُهَا خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ فَإِنَّهُمَا جَوَّزَا قَطْعَ الْفَرِيضَةِ إذَا كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا وَلِهَذَا الْوَجْهِ يَجِبُ تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ الْجُمُعَةِ، أَمَّا الْجُمُعَةُ فَالْخُرُوجُ مِنْهَا حَرَامٌ بِكُلِّ حَالٍ.
قَوْلُهُ: (أُخْرَى) التَّعْبِيرُ بِأُخْرَى غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ نَوَى افْتِتَاحَ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا لَا غَيْرَهَا قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْأَرْكَانِ عَدَمُ الصَّارِفِ وَقَصْدُهُ الِافْتِتَاحَ بِالثَّانِيَةِ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ الْأُولَى فَصَارَ ذَلِكَ صَارِفًا عَنْ الدُّخُولِ بِهَا لِضَعْفِهَا عَنْ تَحْصِيلِ أَمْرَيْنِ الْخُرُوجِ وَالدُّخُولِ مَعًا، فَيَخْرُجُ بِالْأَشْفَاعِ لِذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: أَوْ افْتِتَاحًا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ السَّابِقَ نَاوِيًا بِكُلٍّ مِنْهَا الِافْتِتَاحَ لِأَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا نَوَى الِافْتِتَاحَ بَيْنَهُمَا، وَمَا سَبَقَ فِيمَا إذَا نَوَى الِافْتِتَاحَ بِالتَّكْبِيرِ اهـ م د فَرْعٌ: لَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ أَحْرَمَ أَوْ لَا فَأَحْرَمَ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ لَمْ تَنْعَقِدْ لِأَنَّا نَشُكُّ فِي هَذِهِ التَّكْبِيرَةِ أَنَّهَا شَفْعٌ أَوْ وِتْرٌ فَلَا تَنْعَقِدُ مَعَ الشَّكِّ وَهَذَا مِنْ الْفُرُوعِ النَّفِيسَةِ اهـ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِغَيْرِ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى) مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ نَاوِيًا بِكُلٍّ مِنْهَا إلَخْ قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ دُخُولِهِ بِالْأَوْتَارِ وَخُرُوجِهِ بِالْأَشْفَاعِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا قَوْلُهُ: (أَمَّا مَعَ السَّهْوِ) كَأَنْ نَسِيَ أَنَّهُ كَبَّرَ أَوْ لَا فَكَبَّرَ ثَانِيًا قَاصِدًا الِافْتِتَاحَ فَلَا تَبْطُلُ بِالثَّانِيَةِ
قَوْلُهُ: (بِأَيِّ لُغَةٍ شَاءَ) فَارِسِيَّةٍ أَوْ عِبْرَانِيَّةٍ أَوْ سُرْيَانِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَيَأْتِي بِمَدْلُولِ التَّكْبِيرِ بِتِلْكَ اللُّغَةِ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَتَرْجَمَتُهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: خُدَايْ بُزُرْكْ تر بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالزَّايِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَالْكَافِ بِمَعْنَى اللَّهُ كَبِيرٌ، وَتَر بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ أَدَاةُ تَفْضِيلٍ، فَهُوَ أَيْ كَبِيرٌ مَعَهَا بِمَعْنَى أَكْبَرُ فَلَا يَكْفِي خُدَايْ بُزُرْكْ لِتَرْكِهِ التَّفْضِيلَ كَاللَّهُ كَبِيرٌ. وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الضَّبْطِ تَلَقَّيْنَاهُ مِنْ كِتَابِ نِعْمَةِ اللَّهِ فِي اللُّغَةِ الْفَارِسِيَّةِ اهـ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْحَفْنَاوِيُّ أَيْضًا، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ التَّرْجَمَةِ هَلْ يَجِبُ ذِكْرُ بَدَلِهَا كَالْقِرَاءَةِ أَوْ تَكْفِي النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ؟ قَالَ ع ش: قِيَاسُ الْقِرَاءَةِ أَنْ يَأْتِيَ بِذِكْرِ بَدَلِهَا كَمَا قَالَهُ الَأُجْهُورِيُّ وَالْفَارِسِيَّةُ أَوْلَى إنْ أَحْسَنَهَا قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِسَفَرٍ) أَيْ أَطَاقَهُ بِأَنْ وَجَدَ الْمُؤَنَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي الْحَجِّ. نَعَمْ اسْتَقْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ وُجُوبَ الْمَشْيِ عَلَى الْقَادِرِ عَلَيْهِ وَإِنْ طَالَ، كَمَنْ لَزِمَهُ الْحَجُّ فَوْرًا فَرَاجِعْهُ، قَالَ الْمَدَابِغِيُّ: فَلَوْ قَصَّرَ فِي التَّعَلُّمِ وَجَبَ الْقَضَاءُ لِمَا قَصَّرَ بِالتَّعَلُّمِ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ التَّعَلُّمِ صَلَّى وَأَعَادَ، وَإِمْكَانُ التَّعَلُّمِ مِنْ الْإِسْلَامِ إنْ طَرَأَ وَإِلَّا فَمِنْ الْبُلُوغِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالْأَخْرَسُ وَنَحْوُهُ إنْ طَرَأَ خَرَسُهُ أَوْ نَحْوُهُ بَعْدَ مَعْرِفَةِ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الذِّكْرِ الْوَاجِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute