للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ» . قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: مَعْنَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ أَنْ تُحَاذِيَ أَطْرَافُ أَصَابِعِهِ أَعْلَى أُذُنَيْهِ، وَإِبْهَامَاهُ شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ، وَرَاحَتَاهُ مَنْكِبَيْهِ

وَيَجِبُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهَا أَوَّلُ الْأَرْكَانِ بِأَنْ يَقْرُنَهَا بِأَوَّلِهِ وَيَسْتَصْحِبَهَا إلَى آخِرِهِ. وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَالْوَسِيطِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ الِاكْتِفَاءَ بِالْمُقَارَنَةِ الْعُرْفِيَّةِ عِنْدَ الْعَوَامّ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَحْضِرًا لِلصَّلَاةِ اقْتِدَاءً بِالْأَوَّلِينَ فِي تَسَامُحِهِمْ بِذَلِكَ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ وَشَفَتَيْهِ وَلَهَاتِهِ قَدْرَ إمْكَانِهِ بِخِلَافِ الْخِلْقِيِّ، وَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ تَعْلِيمُ غُلَامِهِ الْعَرَبِيَّةَ لِأَجْلِ التَّكْبِيرِ وَنَحْوِهِ، أَوْ تَخْلِيَتُهُ لِيَكْتَسِبَ أُجْرَةَ تَعَلُّمِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعَلِّمْهُ وَاسْتَكْسَبَهُ عَصَى بِذَلِكَ اهـ. فَإِنْ عَجَزَ عَنْ التَّكْبِيرَةِ بِكُلِّ وَجْهٍ فَيَدْخُلُ بِالصَّلَاةِ بِدُونِهَا كَالْأَخْرَسِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَرَفٍ

قَوْلُهُ: (مَنْكِبَيْهِ) الْمَنْكِبُ مَجْمَعُ عَظْمِ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ وَالْعَضُدُ مَا بَيْنَ الْمِرْفَقِ إلَى الْكَتِفِ وَفِيهِ خَمْسُ لُغَاتٍ وِزَانُ رَجُلٍ وَبِضَمَّتَيْنِ فِي لُغَةِ الْحِجَازِ، وَقَرَأَ بِهَا الْحَسَنُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [الكهف: ٥١] وَمِثَالُ كَبِدٍ فِي لُغَةِ بَنِي أَسَدٍ، وَمِثَالُ فَلَسٍ فِي لُغَةِ تَمِيمٍ، وَالْخَامِسَةُ مِثَالُ قُفْلٍ قَالَ أَبُو زَيْدٍ: أَهْلُ تِهَامَةَ يُؤَنِّثُونَ الْعَضُدَ، وَبَنُو تَمِيمٍ يُذَكِّرُونَ وَالْجَمْعُ أَعْضُدُ وَأَعْضَادٌ مِثْلُ أَفْلُسٍ وَأَقْفَالٍ. اهـ. مِصْبَاحُ اهـ ع ش.

قَوْلُهُ: (وَرَاحَتَاهُ) أَيْ ظَهْرُهُمَا

قَوْلُهُ: (قَرْنُ النِّيَّةِ) أَيْ قَرْنُ الْمَنْوِيِّ وَهُوَ أَرْكَانُ الصَّلَاةِ تَفْصِيلًا مَعَ التَّعْيِينِ وَنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ، وَيَقْصِدُ فِعْلَ ذَلِكَ وَإِيقَاعَهُ فِي الْخَارِجِ مِنْ أَوَّلِ التَّكْبِيرِ إلَخْ قَوْلُهُ: (بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) أَيْ بِجَمِيعِهَا وَهَلْ يُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهَا لِلزِّيَادَةِ الْفَاصِلَةِ الْمُغْتَفَرَةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الِاشْتِرَاطُ كَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ صَالِحٍ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَمَا فِي فَتَاوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ م ر. ثُمَّ قَالَ: وَعِنْدِي لَا يَجِبُ لِاغْتِفَارِ الْفَصْلِ وَكَلَامُهُمْ عَلَى الْغَالِبِ، وَهُوَ عَدَمُ الْفَصْلِ ابْنُ قَاسِمٍ شَوْبَرِيُّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا أَوَّلُ الْأَرْكَانِ) أَيْ فَوَجَبَ مُقَارَنَتُهَا لِذَلِكَ كَالْحَجِّ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقْرُنَهَا) هُوَ مِنْ بَابِ نَصَرَ يَنْصُرُ كَقَتَلَ يَقْتُلُ، وَفِيهِ لُغَةٌ مِنْ بَابِ ضَرَبَ مِصْبَاحٌ وَالْمُرَادُ بِقَرْنِهَا تَفْصِيلًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي التُّحْفَةِ وَمَا يَدُلُّ لَهُ الْمُقَابَلَةُ بِمَا اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَالنَّوَوِيُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَارَنَةِ الْعُرْفِيَّةِ الْمُقَارَنَةُ الْإِجْمَالِيَّةُ. وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْقَوْمِ هُنَا أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ: اسْتِحْضَارٌ حَقِيقِيٌّ بِأَنْ يَسْتَحْضِرَ جَمِيعَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ تَفْصِيلًا وَمُقَارَنَةٌ حَقِيقِيَّةٌ بِأَنْ يَقْرُنَ ذَلِكَ الْمُسْتَحْضَرَ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ التَّكْبِيرَةِ، وَاسْتِحْضَارٌ عُرْفِيٌّ بِأَنْ يَسْتَحْضِرَ الْأَرْكَانَ إجْمَالًا وَمُقَارَنَةٌ عُرْفِيَّةٌ بِأَنْ يَقْرُنَ ذَلِكَ الْمُسْتَحْضِرُ بِجُزْءٍ مَا مِنْ التَّكْبِيرِ وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ عِنْدَ م ر. وَإِنْ اكْتَفَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالْأَخِيرَيْنِ لِمَا قِيلَ إنَّ الِاسْتِحْضَارَ الْحَقِيقِيَّ مَعَ الْقَرْنِ الْحَقِيقِيِّ لَا تُطِيقُهُ الطَّبِيعَةُ الْبَشَرِيَّةُ، بَلْ يَكْفِي الِاسْتِحْضَارُ الْعُرْفِيُّ مَعَ الْقَرْنِ الْعُرْفِيِّ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بِحَيْثُ يُعَدُّ إلَخْ لَيْسَ بَيَانًا لِلْمُقَارَنَةِ الْعُرْفِيَّةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الِاسْتِحْضَارَ الْعُرْفِيَّ وَالْمُقَارَنَةَ الْعُرْفِيَّةَ مُتَغَايِرَانِ بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ كَمَا اكْتَفَى بِالِاسْتِحْضَارِ الْعُرْفِيِّ بِحَيْثُ يُعَدُّ إلَخْ فَالْحَيْثِيَّةُ بَيَانٌ لِلِاسْتِحْضَارِ الْعُرْفِيِّ. وَاعْتَمَدَ الْحِفْنِيُّ وَالْعَشْمَاوِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِالِاسْتِحْضَارِ الْعُرْفِيِّ وَالْمُقَارَنَةِ الْعُرْفِيَّةِ وَمَعْنَى عَدَّهُ مُسْتَحْضِرًا اسْتِحْضَارُهُ الْأَرْكَانَ إجْمَالًا كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (وَيَسْتَصْحِبُهَا) بِأَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي ذِهْنِهِ ذَاتَ الصَّلَاةِ تَفْصِيلًا وَمَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ مِنْ كَوْنِهَا ظُهْرًا وَفَرْضًا، ثُمَّ يَقْصِدُ فِعْلَ هَذَا الْمَعْلُومِ وَيَجْعَلُ قَصْدَهُ هَذَا مُقَارِنًا لِأَوَّلِ التَّكْبِيرِ، وَلَا يَغْفُلُ عَنْ تَذَكُّرِهِ حَتَّى يَتِمَّ التَّكْبِيرُ فَلَا يَكْفِي تَوْزِيعُهَا عَلَيْهِ، وَنَازَعَ فِيهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِأَنَّهُ لَا تَحْوِيه الْقُدْرَةُ الْبَشَرِيَّةُ، وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَ النَّوَوِيُّ إلَخْ زِيَادِيٌّ. لَا يُقَالُ اسْتِحْضَارُهُ الْكُلَّ مُمْكِنٌ فِي أَدْنَى لَحْظَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ نَفْسُهُ. لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ مِنْ حَيْثُ الْإِجْمَالُ وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ التَّفْصِيلُ اهـ عَبْدُ الْبَرِّ.

قَوْلُهُ: (عِنْد الْعَوَامّ) هَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالِاكْتِفَاءِ أَيْ يَكْفِي لِلْعَوَامِّ الْمُقَارَنَةُ الْعُرْفِيَّةُ أَوْ بِالْعُرْفِيَّةِ أَيْ الْعُرْفِيَّةُ عِنْدَ الْعَوَامّ، وَحِينَئِذٍ مَا الْمُرَادُ بِهِمْ؟ وَقَدْ أَسْقَطَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَلْيُحَرَّرْ

<<  <  ج: ص:  >  >>