للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا الشَّافِعِيَّ (- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) فَلْنَتَعَرَّضْ إلَى طَرَفٍ مِنْ أَخْبَارِهِ تَبَرُّكًا بِهِ. فَنَقُولُ: هُوَ حَبْرُ الْأُمَّةِ وَسُلْطَانُ الْأَئِمَّةِ مُحَمَّدٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَافِعِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَهَذَا نَسَبٌ عَظِيمٌ كَمَا قِيلَ:

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمَوْضُوعِ وَالْمَحْمُولِ وَالنِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا الَّتِي هِيَ الْحُكْمُ قَوْلُهُ: (مَجَازًا) أَيْ مُتَجَوِّزًا بِهِ عَنْ مَكَانِ إلَخْ. أَوْ مَنْقُولًا عَنْ مَكَانِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُهُمْ: حَالٌ مِنْ مَا ذَهَبَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَجَازَ لَفْظٌ وَمَا ذَهَبَ مَعَانٍ بِدَلِيلِ تَبْيِينِهِ بِالْأَحْكَامِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ دَالِّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَجَازًا، وَالْعَامِلُ فِي الْحَالِ مَحْذُوفٌ أَيْ اسْتَعْمَلَ فِيمَا ذُكِرَ مَجَازًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.

قَوْلُهُ: (إلَى طَرَفٍ) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالرَّاءِ أَوْ بِضَمِّ الطَّاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ جَمْعُ طُرْفَةٍ عَلَى الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (حَبْرُ الْأُمَّةِ) أَيْ عَالِمُهَا.

قَوْلُهُ: (وَسُلْطَانُ الْأَئِمَّةِ) أَيْ أَئِمَّةِ مَذْهَبِهِ أَيْ الْمُتَصَرِّفُ فِيهِمْ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ تَصَرُّفَ السُّلْطَانِ.

قَوْلُهُ: (ابْنُ إدْرِيسَ) وَأُمُّ الْإِمَامِ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

قَوْلُهُ: (هَاشِمِ) عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ هَاشِمٌ هُوَ غَيْرُ هَاشِمٍ الَّذِي هُوَ أَخُو الْمُطَّلِبِ وَجَدُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَهَاشِمٌ الْمَذْكُورُ فِي نَسَبِ الشَّافِعِيِّ هُوَ ابْنُ الْمُطَّلِبِ أَخُو هَاشِمٍ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَالْحَاصِلُ؛ أَنَّ الْمُطَّلِبَ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ لَهُ أَخٌ اسْمُهُ هَاشِمٌ جَدُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَابْنٌ يُسَمَّى هَاشِمًا أَيْضًا هُوَ جَدُّ الشَّافِعِيِّ، وَالشَّافِعِيُّ إنَّمَا يَجْتَمِعُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَبْدِ مَنَافٍ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ جَدُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصْفٌ لِعَبْدِ مَنَافٍ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ اهـ بِحُرُوفِهِ. فَهَاشِمٌ الَّذِي فِي نَسَبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمُّ هَاشِمٍ الَّذِي فِي نَسَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.

قَوْلُهُ: (ابْنِ هَاشِمِ) . هَاشِمٌ هَذَا غَيْرُ هَاشِمٍ الَّذِي فِي نَسَبِ الْإِمَامِ، فَاَلَّذِي فِي نَسَبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمُّ الَّذِي فِي نَسَبِ الْإِمَامِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ مَنَافٍ وَالِدُ ابْنَيْنِ شَقِيقَيْنِ: أَحَدُهُمَا هَاشِمٌ وَالْآخَرُ الْمُطَّلِبُ، فَهَاشِمٌ أَعْقَبَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ، وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَعْقَبَ عَبْدَ اللَّهِ أَبَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْمُطَّلِبُ أَعْقَبَ هَاشِمًا، وَهَاشِمٌ أَعْقَبَ عَبْدَ يَزِيدَ إلَى آخِرِ نَسَبِ الْإِمَامِ، فَالْمُطَّلِبُ عَمُّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَمَّا أَبُو طَالِبٍ فَعَمُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَاشِمٌ هُوَ عَمْرُو الْعَلَاءُ أَيْ لِعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ وَهُوَ أَخُو عَبْدِ شَمْسٍ، وَكَانَا تَوْأَمَيْنِ، وَكَانَتْ رِجْلُ هَاشِمٍ أَيْ أُصْبُعُهَا مُلْصَقَةً بِجَبْهَةِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَلَمْ يُمْكِنْ نَزْعُهَا إلَّا بِسَيَلَانِ دَمٍ، فَكَانُوا يَقُولُونَ سَيَكُونُ بَيْنَهُمَا دَمٌ فَكَانَ بَيْنَ وَلَدَيْهِمَا أَيْ بَيْنَ بَنِي الْعَبَّاسِ وَبَيْنَ بَنِي أُمَيَّةَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَقِيلَ لَهُ هَاشِمٌ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مِنْ هَشَمَ الثَّرِيدَ بَعْدَ جَدِّهِ إبْرَاهِيمَ، فَإِنَّ إبْرَاهِيمَ أَوَّلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَيْ ثَرَدَ الثَّرِيدَ وَأَطْعَمَهُ الْمَسَاكِينَ اهـ حَلَبِيٌّ فِي السِّيرَةِ.

قَوْلُهُ: (ابْنِ عَبْدِ مَنَافٍ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ الثَّالِثِ وَهُوَ الْأَبُ الرَّابِعُ، فَالْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ ابْنُ عَمِّ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَبْدُ مَنَافٍ اسْمُهُ الْمُغِيرَةُ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ قَمَرُ الْبَطْحَاءِ لِحُسْنِهِ وَجَمَالِهِ، وَمَنَافٌ أَصْلُهُ مَنَاةُ اسْمُ صَنَمٍ كَانَ أَعْظَمَ أَصْنَامِهِمْ، وَكَانَتْ أُمُّهُ جَعَلَتْهُ خَادِمًا لِذَلِكَ الصَّنَمِ، وَقِيلَ وَهَبَتْهُ لَهُ لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ وَلَدٍ وُلِدَ لِقُصَيٍّ عَلَى مَا قِيلَ ح ل فِي السِّيرَةِ.

قَوْلُهُ: (ابْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) وَيُدْعَى شَيْبَةُ الْحَمْدِ لِكَثْرَةِ حَمْدِ النَّاسِ لَهُ، لِأَنَّهُ كَانَ مَفْزِعَ قُرَيْشٍ فِي النَّوَائِبِ وَمَلْجَأَهُمْ فِي الْأُمُورِ، وَكَانَ شَرِيفَ قُرَيْشٍ وَسَيِّدَهَا كَمَالًا وَفِعَالًا مِنْ غَيْرِ مُدَافِعٍ، أَوْ قِيلَ لَهُ شَيْبَةُ الْحَمْدِ لِأَنَّهُ وُلِدَ فِي رَأْسِهِ شَيْبَةٌ، أَيْ وَفِي عِبَارَةٍ كَانَ وَسَطُ رَأْسِهِ أَبْيَضَ أَوْ سُمِّيَ بِذَلِكَ تَفَاؤُلًا بِأَنْ يَبْلُغَ سِنَّ الشَّيْبِ، قِيلَ اسْمُهُ عَامِرٌ وَعَاشَ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَيْ وَكَانَ مِمَّنْ حَرَّمَ الْخَمْرَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْفَيَّاضُ لِجُودِهِ، وَمُطْعِمُ طَيْرِ السَّمَاءِ لِأَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ مِنْ مَائِدَتِهِ لِلطَّيْرِ وَالْوُحُوشِ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ، وَكَانَ مِنْ حُلَمَاءِ قُرَيْشٍ وَحُكَمَائِهَا. وَقِيلَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِأَنَّ عَمَّهُ الْمُطَّلِبَ لَمَّا جَاءَ بِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ صَغِيرًا أَرْدَفَهُ خَلْفَهُ أَيْ وَكَانَ بِهَيْئَةٍ رَثَّةٍ أَيْ ثِيَابٍ خَلْقَةٍ فَصَارَ كُلُّ مَنْ يَسْأَلُ عَنْهُ وَيَقُولُ مَنْ هَذَا؟ يَقُولُ عَبْدِي أَيْ حَيَاءً

<<  <  ج: ص:  >  >>