للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَسَبٌ كَأَنَّ عَلَيْهِ مِنْ شَمْسِ الضُّحَى ... نُورًا وَمِنْ فَلَقِ الصَّبَاحِ عَمُودًا

مَا فِيهِ إلَّا سَيِّدٌ وَابْنُ سَيِّدٍ ... حَازَ الْمَكَارِمَ وَالتُّقَى وَالْجُودَا

وَشَافِعُ بْنُ السَّائِبِ: هُوَ الَّذِي يُنْسَبُ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، لَقِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُتَرَعْرِعٌ، وَأَسْلَمَ أَبُوهُ السَّائِبُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ كَانَ صَاحِبَ رَايَةِ بَنِي هَاشِمٍ، فَأُسِرَ فِي جُمْلَةِ مَنْ أُسِرَ وَفَدَى نَفْسَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَعَبْدُ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ ابْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ، وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى هَذَا النَّسَبِ إلَى عَدْنَانَ، وَلَيْسَ فِيمَا بَعْدَهُ إلَى آدَمَ طَرِيقٌ صَحِيحٌ فِيمَا يُنْقَلُ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَانَ إذَا انْتَهَى فِي النَّسَبِ إلَى عَدْنَانَ أَمْسَكَ ثُمَّ يَقُولُ: كَذَبَ النَّسَّابُونَ» أَيْ بَعْدَهُ. وُلِدَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى الْأَصَحِّ بِغَزَّةَ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا هَاشِمٌ جَدُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقِيلَ بِعَسْقَلَانَ، وَقِيلَ بِمِنًى سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، ثُمَّ حُمِلَ إلَى مَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ سَنَتَيْنِ وَنَشَأَ بِهَا، وَحَفِظَ الْقُرْآنَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَنْ يَقُولَ ابْنُ أَخِي، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ أَحْسَنَ وَأَظْهَرَ أَنَّهُ ابْنُ أَخِيهِ وَصَارَ يَقُولُ لِمَنْ يَقُولُ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، وَيْحَكُمْ إنَّمَا هُوَ شَيْبَةُ الْحَمْدِ ابْنُ أَخِي هَاشِمٍ لَكِنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَصْفُ الْمَذْكُورُ فَقِيلَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، أَيْ وَقِيلَ لِأَنَّهُ تَرَبَّى فِي حِجْرِ عَمِّهِ الْمُطَّلِبِ، وَعَادَةُ الْعَرَبِ أَنْ تَقُولَ لِلْيَتِيمِ الَّذِي يَتَرَبَّى فِي حِجْرِ أَحَدٍ هُوَ عَبْدُهُ.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ نَسَبُ الشَّافِعِيِّ قَوْلُهُ: (وَمِنْ فَلَقِ الصَّبَاحِ) الْفَلَقُ بِالتَّحْرِيكِ الصُّبْحُ بِعَيْنِهِ فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (وَابْنُ سَيِّدٍ) صَوَابُهُ مِنْ سَيِّدٍ فَإِنَّهُ مِنْ الْكَامِلِ وَلَا يَصِحُّ الْوَزْنُ عَلَى مَا فِي النُّسَخِ. قَوْلُهُ: (مُتَرَعْرِعٌ) هُوَ بِمُهْمَلَاتٍ مَنْ جَاوَزَ فِي الْعُمْرِ خَمْسَ سِنِينَ ق ل. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَيْ شَابٌّ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: تَرَعْرَعَ الصَّبِيُّ أَيْ تَحَرَّكَ وَنَشَأَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَافِعًا صَحَابِيٌّ ابْنُ صَحَابِيٍّ، فَلِذَا نُسِبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ خِفَّةِ اللَّفْظِ وَالتَّفَاؤُلِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ كَانَ) أَيْ فَسَبَبُ إسْلَامِهِ أَنَّهُ كَانَ إلَخْ قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَسْلَمَ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ ثَانِيًا مِنْ أَنَّ إسْلَامَهُ بَعْدَ الْفِدَاءِ يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ إسْلَامَهُ فِي يَوْمِ بَدْرٍ، لِأَنَّ الْفِدَاءَ كَانَ بَعْدَ انْفِضَاضِ غَزْوَةِ بَدْرٍ وَرُجُوعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمَدِينَةِ. وَأُجِيبُ بِأَجْوِبَةٍ: مِنْهَا أَنَّهُ أَسْلَمَ أَوَّلًا يَوْمَ بَدْرٍ خُفْيَةً، ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ الْفِدَاءِ جِهَارًا. وَمِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِيَوْمِ بَدْرٍ غَزْوَةُ بَدْرٍ. وَمِنْهَا: أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا أَسْلَمَ مَعْنَاهُ عَزَمَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ ثَانِيًا ثُمَّ أَسْلَمَ أَيْ بِالْفِعْلِ. وَمِنْهَا أَنَّ الْأَسْرَى مِنْهُمْ مَنْ فَدَى نَفْسَهُ يَوْمَ بَدْرٍ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَخَّرَ إلَى رُجُوعِهِ الْمَدِينَةَ.

قَوْلُهُ: (وَعَبْدُ مَنَافٍ) مُبْتَدَأٌ فَهُوَ بِالتَّنْوِينِ وَابْنُ خَبَرٌ. قَوْلُهُ: (كِلَابٍ) وَاسْمُهُ حَكِيمٌ، وَقِيلَ عُرْوَةُ وَلُقِّبَ بِكِلَابٍ لِأَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الصَّيْدَ وَأَكْثَرُ صَيْدِهِ كَانَ بِالْكِلَابِ.

قَوْلُهُ: (كِنَانَةَ) قِيلَ لَهُ كِنَانَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي كِنٍّ بَيْنَ قَوْمِهِ أَيْ مُخْتَفِيًا.

قَوْلُهُ: (إلْيَاسَ) بِهَمْزَةِ قَطْعٍ مَكْسُورَةٍ وَقِيلَ مَفْتُوحَةٌ أَيْضًا قِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ وُلِدَ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّ أَبِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى هَذَا النَّسَبِ إلَى عَدْنَانَ) وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ هَذَا النَّسَبَ فَقَالَ:

مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللَّهِ مُطَّلِبٌ هَاشِمُ ... مَنَافٍ قُصَيٌّ مَعَ كِلَابٍ فَمُرَّةُ

فَكَعْبٌ لُؤَيٌّ غَالِبٌ فَهُوَ مَالِكُ ... كَذَا النَّضْرُ نَجْلُ كِنَانَةَ بْنُ خُزَيْمَةَ

فَمُدْرِكَةٌ إلْيَاسُ مَعَ مُضَرَ كَذَا ... نِزَارُ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ أَثْبَتُ

قَوْلُهُ: (بِغَزَّةَ) مُعْتَمَدٌ وَهِيَ مِنْ الشَّامِ. وَقَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ ضَعِيفَانِ.

قَوْلُهُ: (سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ) وَالسَّنَةُ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تُوُفِّيَ فِيهَا الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ الْكُوفِيُّ بِبَغْدَادَ وَقَبْرُهُ هُنَاكَ ظَاهِرٌ يُزَارُ. وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانِينَ. وَفِي عَامِ ثَلَاثَةٍ وَثَمَانِينَ وَقِيلَ تِسْعِينَ وُلِدَ الْإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. وَتُوُفِّيَ فِي عَامِ تِسْعٍ بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَمِائَةٍ وَسَبْعِينَ بِدَارِ الْهِجْرَةِ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ. وَوُلِدَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَتُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي عَامِ إحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَعُمُرُ أَبِي حَنِيفَةَ سَبْعُونَ سَنَةً، وَعُمُرُ مَالِكٍ تِسْعٌ وَثَمَانُونَ، وَعُمُرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>