تَنْبِيهٌ: يُتَصَوَّرُ سُقُوطُ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ حَصَلَ لِلْمَأْمُومِ فِيهِ عُذْرُ تَخَلَّفَ بِسَبَبِهِ عَنْ الْإِمَامِ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَزَالَ عُذْرُهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فَيَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ، كَمَا لَوْ كَانَ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ امْتَنَعَ مِنْ السُّجُودِ بِسَبَبِ زَحْمَةٍ، أَوْ شَكَّ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ فِي قِرَاءَتِهِ الْفَاتِحَةَ فَتَخَلَّفَ لَهَا. نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ مَوْضِعٍ) أَيْ فِي كُلِّ صُورَةٍ فَلَيْسَ الْمَوْضِعُ شَامِلًا لِمَوْضِعِ الْعُذْرِ وَهُوَ الرَّكْعَةُ الْأُولَى إذْ الْفَاتِحَةُ لَا تَسْقُطُ فِيهَا لِأَنَّهُ قَرَأَهَا فِيهَا، وَسُقُوطُ الْفَاتِحَةِ إنَّمَا يَحْصُلُ فِي الثَّانِيَةِ فَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَيْسَ مُرَادًا عَلَى إطْلَاقِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالْمَوْضِعِ الصُّورَةُ كَمَا عَلِمْت قَوْلُهُ: (تَخَلَّفَ إلَخْ) الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِعُذْرٍ لِأَنَّ الْجُمَلَ بَعْدَ النَّكِرَاتِ صِفَاتٌ، وَجُمْلَةُ الصُّوَرِ الَّتِي اسْتَثْنَوْهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْقُدْوَةِ قَوْلُهُ: (بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ) صَوَابُهُ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ لِأَنَّ الرَّابِعَ يَجِبُ تَبَعِيَّةُ الْإِمَامِ فِيهِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ الْخَلَلِ إذْ الرَّكْعَةُ الَّتِي زَالَ الْعُذْرُ فِيهَا لَمْ تَسْقُطْ الْفَاتِحَةُ فِيهَا، فَالْمُرَادُ الرَّكْعَةُ الَّتِي بَعْدَهَا بِأَنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي رَكْعَةِ الْعُذْرِ وَجَرَى عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ، فَلَمَّا قَامَ لِلرَّكْعَةِ الَّتِي بَعْدَهَا رَأَى الْإِمَامَ رَاكِعًا فَإِنَّهُ يَرْكَعُ مَعَهُ وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ ق ل. وَقَوْلُهُ صَوَابُهُ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ بِأَنْ رَكَعَ قَبْلَ وُصُولِ إمَامِهِ لِمَحَلٍّ يُجْزِئُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ، أَوْ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَحَلٍّ يُجْزِئُ فِيهِ التَّشَهُّدُ إنْ كَانَ يَقْعُدُ م ر. قَالَ اج: يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُؤَلِّفِ بِأَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا سَبَقَهُ بِالْقِيَامِ زِيَادَةً عَلَى الثَّلَاثَةِ عَدَّهُ رَابِعًا إذْ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَأْمُومَ حِينَ قَامَ رَأَى الْإِمَامَ رَاكِعًا تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: لَمْ تَسْقُطْ الْفَاتِحَةُ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَقْتَضِي سُقُوطَ فَاتِحَةِ الْأُولَى.
قَوْلُهُ: (وَزَالَ عُذْرُهُ) أَيْ وَأَتَى بِمَا عَلَيْهِ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ، فَلَا يُقَالُ إنَّ زَوَالَ الْعُذْرِ كَالزَّحْمَةِ قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ، بَلْ الْمُرَادُ بِزَوَالِ الْعُذْرِ إتْيَانُهُ بِمَا عَلَيْهِ وَهُوَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَزُلْ عُذْرُهُ قَوْلُهُ: (وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ) أَوْ هَاوٍ لِلرُّكُوعِ، وَحِينَئِذٍ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمَأْمُومِ الْمُتَابَعَةُ، فَلَوْ تَخَلَّفَ عَنْ ذَلِكَ وَشَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ.
قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ كَانَ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا كَانَ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ وَالْإِمَامُ مُعْتَدِلُ الْقِرَاءَةِ يَتَخَلَّفُ لِقِرَاءَتِهَا وُجُوبًا وَلَوْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ، ثُمَّ إنْ كَمَّلَهَا قَبْلَ انْتِصَابِ الْإِمَامِ لِمَحَلٍّ تُجْزِئُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ جَرَى عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ، فَإِنْ قَامَ مِنْ سَجْدَتَيْهِ فَإِنْ وَجَدَ الْإِمَامَ قَائِمًا وَقَفَ مَعَهُ وَقَرَأَ مَا أَمْكَنَهُ مَعَهُ، وَإِنْ وَجَدَهُ رَاكِعًا رَكَعَ مَعَهُ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ، وَإِنْ وَجَدَهُ فِي الِاعْتِدَالِ فَمَا بَعْدَهُ وَافَقَهُ فِيهِ وَفَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ فَيَتَدَارَكُهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ إلَّا بَعْدَ أَنْ وَقَفَ الْإِمَامُ وَقَفَ مَعَهُ وَفَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى وَأَجْزَأَتْهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، وَإِنْ لَمْ يُتِمَّهَا وَرَكَعَ الْإِمَامُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ لَكِنْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ كَالْأُولَى. وَهَذَا التَّفْصِيلُ يَجْرِي فِي نِسْيَانِ الصَّلَاةِ، وَفِيمَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ رُكُوعِ الْإِمَامِ وَقَبْلَ رُكُوعِهِ هُوَ حَرْفًا بِحَرْفٍ. وَأَمَّا إذَا زُحِمَ عَنْ السُّجُودِ فَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا قَرَأَ مَعَ الْإِمَامِ وَرَكَعَ وَاعْتَدَلَ فَمُنِعَ مِنْ السُّجُودِ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ تَمَكُّنَهُ مِنْهُ، فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ جَرَى عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ وَكَمَّلَ رَكْعَتَهُ، فَإِنْ قَامَ وَوَجَدَ الْإِمَامَ قَائِمًا وَقَفَ مَعَهُ وَقَرَأَ مَا يُمْكِنُهُ، وَإِنْ وَجَدَهُ رَاكِعًا رَكَعَ مَعَهُ وَتَحَمَّلَ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ، وَإِنْ وَجَدَهُ اعْتَدَلَ تَبِعَهُ وَفَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ، وَأَمَّا إنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ فِي رُكُوعِ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ رَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَجْرِي عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ وَفَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى وَتُحْسَبُ لَهُ رَكْعَةٌ مُلَفَّقَةٌ مِنْ رُكُوعِ الْأُولَى وَسُجُودِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الرُّكُوعُ وَالِاعْتِدَالُ الَّذِي تَبِعَ الْإِمَامَ فِيهِمَا فَلِلْمُتَابَعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ السُّجُودِ إلَّا بَعْدَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الِاعْتِدَالِ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَزْحُومِ وَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ لِأَنَّهُ سُبِقَ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَقَدْ شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الْخَامِسِ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ) أَيْ وَقَبْلَ رُكُوعِهِ هُوَ، وَتَسْقُطُ أَيْضًا فِيمَا إذَا اقْتَدَى بِإِمَامٍ رَاكِعٍ فَلَمَّا تَمَّتْ رَكْعَتُهُ وَقَامَ رَأَى إمَامًا رَاكِعًا فَفَارَقَ إمَامَهُ وَاقْتَدَى بِهِ، وَهَكَذَا إلَى آخِرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute