للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجِبُ رِعَايَةُ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ، فَلَوْ أَتَى قَادِرٌ أَوْ مَنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ بَدَلَ حَرْفٍ مِنْهَا بِآخَرَ لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ لِتَغْيِيرِهِ النَّظْمَ، وَلَوْ أَبْدَلَ ذَالَ الَّذِينَ الْمُعْجَمَةِ بِالْمُهْمَلَةِ لَمْ تَصِحَّ كَمَا اقْتَضَى إطْلَاقُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الْجَزْمَ بِهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَكَذَا لَوْ أَبْدَلَ حَاءَ {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الفاتحة: ٢] بِالْهَاءِ، وَلَوْ نَطَقَ بِالْقَافِ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَافِ كَمَا تَنْطِقُ بِهِ الْعَرَبُ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِيهِ نَظَرٌ وَيَجِبُ رِعَايَةُ تَشْدِيدَاتِهَا الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْبَسْمَلَةِ، فَلَوْ خَفَّفَ مِنْهَا تَشْدِيدَةً بَطَلَتْ قِرَاءَةُ تِلْكَ الْكَلِمَةِ لِتَغْيِيرِهِ النَّظْمَ، وَلَوْ شَدَّدَ الْمُخَفَّفَ أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَيَجِبُ رِعَايَةُ تَرْتِيبِهَا بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى نَظْمِهَا الْمَعْرُوفِ لِأَنَّهُ مَنَاطُ الْبَلَاغَةِ وَالْإِعْجَازِ، فَلَوْ بَدَأَ بِنِصْفِهَا الثَّانِي لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَيَبْنِي عَلَى الْأَوَّلِ إنْ سَهَا بِتَأْخِيرِهِ وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، يَسْتَأْنِفُ إنْ تَعَمَّدَ أَوْ طَالَ الْفَصْلُ وَيَجِبُ رِعَايَةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَإِنْ تَرَكَ الْهَمْزَ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ لَمْ يَلْحَنْ، وَإِنْ هَمَزَ مَا لَيْسَ بِمَهْمُوزٍ لَحَنَ. الثَّالِثَةُ: إذَا شَكَّ فِي حَرْفٍ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ مَقْطُوعٌ أَوْ مَوْصُولٌ فَلْيَقْرَأْ بِالْوَصْلِ، فَإِنَّهُ إنْ قَرَأَ كُلَّ مَقْطُوعٍ فِي الْقُرْآنِ بِالْوَصْلِ لَمْ يَلْحَنْ، وَإِنْ قَطَعَ مَوْصُولًا لَحَنَ. الرَّابِعَةُ: إذَا شَكَّ فِي حَرْفٍ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ مَمْدُودٌ أَوْ مَقْصُورٌ فَلْيَقْرَأْ بِالْقَصْرِ، فَلَوْ أَنَّهُ قَصَرَ كُلَّ مَمْدُودٍ فِي الْقُرْآنِ لَمْ يَلْحَنْ، وَإِنْ مَدَّ مَقْصُورًا لَحَنَ. الْخَامِسَةُ: إذَا شَكَّ فِي حَرْفٍ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ مَفْتُوحٌ أَوْ مَكْسُورٌ فَلْيَقْرَأْ بِالْفَتْحِ، فَلَوْ أَنَّهُ فَتَحَ كُلَّ مَكْسُورٍ فِي الْقُرْآنِ لَمْ يَلْحَنْ، وَإِنْ كَسَرَ مَفْتُوحًا لَحَنَ فَمَدَارُ الْقُرْآنِ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسَةِ الْأَحْرُفِ اهـ

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ رِعَايَةُ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ، وَلَهَا شُرُوطٌ غَيْرُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ: (أَوْ مَنْ أَمْكَنَهُ) أَيْ عَاجِزٌ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ إلَخْ قَوْلُهُ: (لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ الْقِرَاءَةِ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى وَكَانَ عَامِدًا عَالِمًا ق ل كَالْهَمْدُ بِالْهَاءِ بَدَلَ الْحَاءِ، وَالدِّينَ بِالْمُهْمَلَةِ أَوْ الزَّايِ، وَمِثَالُ مَا لَا يُغَيِّرُ كَالْعَالَمُونَ بَدَلَ الْعَالَمِينَ، وَمِثْلُهُ رَفْعُ هَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ. وَفَتْحُ دَالِ نَعْبُدُ وَكَسْرُ بَائِهَا وَنُونِهَا لِبَقَاءِ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ الْمُتَعَمِّدُ لِذَلِكَ آثِمًا، وَضَمُّ صَادِ الصِّرَاطِ وَهَمْزَةِ اهْدِنَا وَإِنْ لَمْ تُسَمِّهِ النُّحَاةُ لَحْنًا، فَإِنَّ اللَّحْنَ عِنْدَهُمْ كَاللُّغَوِيِّينَ تَغْيِيرُ الْإِعْرَابِ وَالْخَطَأُ فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْأَعَمُّ فَيَشْمَلُ إبْدَالَ حَرْفٍ بِآخَرَ، وَالْمُرَادُ بِتَغْيِيرِ الْمَعْنَى أَنْ يَنْقُلَ مَعْنَى الْكَلِمَةِ إلَى مَعْنًى آخَرَ كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْتَ وَكَسْرِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَعْنًى أَصْلًا كَالدِّينَ بِالدَّالِ. اهـ. مَدَابِغِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ. وَقَوْلُهُ: كَالْعَالَمُونَ قَالَ سم فِي حَوَاشِي ابْنِ حَجَرٍ: وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ إبْدَالٌ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى، كَالْعَالَمُونَ بِالْوَاوِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالتَّعَمُّدِ وَالْعِلْمِ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ كَانَ نَظِيرَ مَا أَفَادَهُ كَلَامُهُمْ فِي اللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا، وَقَدْ قَالَ م ر بِالْبُطْلَانِ انْتَهَى. أَيْ إنْ تَعَمَّدَ قَالَ شَيْخُنَا: وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بِأَنَّ " الْعَالَمُونَ " وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْ الْمَعْنَى إلَّا أَنَّهَا صَارَتْ كَلِمَةً أَجْنَبِيَّةً انْتَهَى أُجْهُورِيٌّ وَفِيهِ إبْدَالُ حَرْفٍ بِآخَرَ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَبْدَلَ ذَالَ الَّذِينَ إلَخْ) الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَطَقَ) أَيْ الْقَادِرُ بِالْقَافِ إلَخْ وَقَوْلُهُ كَمَا نَطَقَ بِهَا الْعَرَبُ أَيْ أَجْلَافُهُمْ، أَمَّا الْفُصَحَاءُ مِنْهُمْ فَلَا يَنْطِقُونَ بِذَلِكَ بَابِلِيٌّ قَوْلُهُ: (صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ) وَوَجْهُ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِبْدَالِ حَرْفٍ بَلْ هِيَ قَافٌ غَيْرُ خَالِصَةٍ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر خِلَافًا لحج فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَوْ نَطَقَ بِقَافِ الْعَرَبِ الْمُتَرَدِّدَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَافِ بَطَلَتْ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ التَّعَلُّمُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ.

قَوْلُهُ: (الْأَرْبَعَ عَشَرَةَ) فَلَوْ زَادَ فِيهَا بِأَنْ أَدْغَمَ مِيمَ الرَّحِيمِ فِي مِيمِ مَالِكِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا فِي الْحَلَبِيِّ، لَكِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْعَامِدِ الْعَالِمِ بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر مِنْ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى السَّبْعَةِ شَاذٌّ كَمَا عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ إنْ غُيِّرَ الْمَعْنَى، وَأَمَّا الْإِدْغَامُ مَعَ إسْقَاطِ أَلِفِ مَالِكِ فَسَبُعِيَّةٌ أَفَادَهُ الشَّمْسُ الْحِفْنِيُّ قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ قِرَاءَةُ تِلْكَ الْكَلِمَةِ) وَكَذَا صَلَاتُهُ إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى وَعَلِمَ وَتَعَمَّدَ كَتَخْفِيفِ إيَّاكَ بَلْ إنْ اعْتَقَدَ مَعْنَاهُ كَفَرَ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِضَوْءِ الشَّمْسِ ق ل. فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَعَادَ الْقِرَاءَةَ عَلَى الصَّوَابِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ كَمَا قَالَهُ م ر. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الصَّوَابِ، فَإِنْ رَكَعَ عَامِدًا عَالِمًا قَبْلَ إعَادَتِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَدَّدَ الْمُخَفَّفَ أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ اللَّحْنَ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَلَيْسَ فِيهِ إبْدَالُ حَرْفٍ بِآخَرَ لَا يَضُرُّ قَوْلُهُ: (وَالْإِعْجَازِ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبِّبٍ قَوْلُهُ: (لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) أَيْ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (إنْ سَهَا بِتَأْخِيرِهِ) أَيْ بِتَأْخِيرِ الْأَوَّلِ أَيْ وَقَصَدَ بِهِ أَيْ بِالْأَوَّلِ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ لَا التَّكْمِيلَ كَمَا يَأْتِي قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) أَيْ بَيْنَ الْإِتْيَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>