الْمُعْتَدِلِ خِلْقَةً رُكْبَتَيْهِ إذَا أَرَادَ وَضْعَهُمَا، فَلَا يَحْصُلُ بِانْخِنَاسٍ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رُكُوعًا، فَلَوْ طَالَتْ يَدَاهُ أَوْ قَصُرَتَا أَوْ قُطِعَ شَيْءٌ مِنْهُمَا لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ، فَإِنْ عَجَزَ عَمَّا ذُكِرَ إلَّا بِمُعِينٍ وَلَوْ بِاعْتِمَادٍ عَلَى شَيْءٍ أَوْ انْحِنَاءٍ عَلَى شِقِّهِ لَزِمَهُ. وَالْعَاجِزُ يَنْحَنِي قَدْرَ إمْكَانِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الِانْحِنَاءِ أَصْلًا أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ بِطَرَفِهِ.
(وَ) السَّادِسُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ (الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ) أَيْ الرُّكُوعِ لِحَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ الْمَارِّ، وَأَقَلُّهَا أَنْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ رَاكِعًا، بِحَيْثُ يَنْفَصِلُ رَفْعُهُ عَنْ رُكُوعِهِ عَنْ هَوِيِّهِ أَيْ سُقُوطِهِ، فَلَا تَقُومُ زِيَادَةُ الْهَوِيِّ مَقَامَ الطُّمَأْنِينَةِ، وَلَا يَقْصِدُ بِالْهَوِيِّ غَيْرَ الرُّكُوعِ، قَصَدَهُ هُوَ أَمْ لَا كَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ مُنْسَحِبَةٌ عَلَيْهِ، فَلَوْ هَوَى لِتِلَاوَةٍ فَجَعَلَهُ رُكُوعًا، لَمْ يَكْفِ لِأَنَّهُ صَرَفَهُ إلَى غَيْرِ الْوَاجِبِ بَلْ يَنْتَصِبُ لِيَرْكَعَ
، وَلَوْ قَرَأَ إمَامُهُ آيَةَ سَجْدَةٍ ثُمَّ رَكَعَ عَقِبَهَا فَظَنَّ الْمَأْمُومُ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلتِّلَاوَةِ فَهَوَى لِذَلِكَ فَرَآهُ لَمْ يَسْجُدْ فَوَقَفَ عَنْ السُّجُودِ فَالْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ: أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِمُتَابَعَتِهِ. وَأَكْمَلُ الرُّكُوعِ تَسْوِيَةُ ظَهْرِهِ وَعُنُقِهِ، أَيْ يَمُدُّهُمَا بِانْحِنَاءٍ خَالِصٍ بِحَيْثُ يَصِيرَانِ كَالصَّفِيحَةِ الْوَاحِدَةِ لِلِاتِّبَاعِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَدَمُهُ شَرْحُ م ر. أَيْ إنْ كَانَ مُسْتَقِلًّا وَإِلَّا أَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَمَعْنَى الرُّكُوعِ فِي اللُّغَةِ مُطْلَقُ الِانْحِنَاءِ قَوْلُهُ (رَاحَتَيْ يَدَيْ الْمُعْتَدِلِ) وَهُمَا بَطْنُ الْكَفِّ، فَلَا تَكْفِي الْأَصَابِعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَوْلُهُ: (فَلَا يَحْصُلُ بِانْخِنَاسٍ) بِأَنْ يُؤَخِّرَ عُنُقَهُ وَيُقَدِّمَ صَدْرَهُ وَيَخْفِضَ عَجِيزَتَهُ وَيَمِيلَ شِقُّهُ مَيْلًا قَلِيلًا اهـ اج. فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَكْفِ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا وَإِلَّا أَعَادَ الرُّكُوعَ قَوْلُهُ: (لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ) أَيْ الْوَضْعَ مَعَ الطُّولِ أَوْ الْقِصَرِ فَلْيُرَاعِ الِاعْتِدَالَ. اهـ. ق ل قَوْلُهُ: (إلَّا بِمُعَيَّنٍ) وَلَوْ دَوَامًا بِخِلَافِ الْقِيَامِ لِطُولِ زَمَنِهِ دُونَ الرُّكُوعِ سم اج قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْقِبْلَةِ خِلَافًا لسم ع ش
قَوْلُهُ: (هَوِيِّهِ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا اهـ. مَرْحُومِيٌّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: الْهُوِيُّ بِضَمِّ الْهَاءِ السُّقُوطُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَآخَرُونَ بِفَتْحِهَا وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ بِفَتْحِهَا السُّقُوطُ، وَبِضَمِّهَا الصُّعُودُ وَالْخَلِيلُ هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (أَيْ سُقُوطُهُ) أَيْ لِلرُّكُوعِ قَوْلُهُ: (غَيْرَ الرُّكُوعِ) أَيْ فَقَطْ، فَلَوْ قَصَدَهُ وَغَيْرَهُ لَمْ يَضُرَّ وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ ق ل. فَلَوْ قَصَدَ قَطْعَ الرُّكُوعِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ حَتَّى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مَعَ دَوَامِ الْقِرَاءَةِ سِوَى النِّيَّةِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ، وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ نَوَى قَطْعَ الْقِرَاءَةِ وَلَمْ يَسْكُتْ لَمْ تَبْطُلْ قِرَاءَتُهُ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِاللِّسَانِ وَلَمْ يَقْطَعْهَا، وَفَارَقَ نِيَّةَ قَطْعِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ النِّيَّةَ رُكْنٌ فِيهَا تَجِبُ إدَامَتُهَا حُكْمًا وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ مَعَ نِيَّةِ الْقَطْعِ، وَالْقِرَاءَةُ لَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ خَالِصَةٍ فَلَا تَتَأَثَّرُ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ: (كَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ) أَيْ فَإِنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهَا غَيْرَهَا فَقَطْ فَلَا يَضُرُّ التَّشْرِيكُ وَيَكْفِي الْإِطْلَاقُ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ صَارِفٍ فَتَبْطُلُ بِالْإِطْلَاقِ كَالتَّبْلِيغِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ هَوَى إلَخْ) بِفَتْحِ الْوَاوِ بِمَعْنَى سَقَطَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ بِخِلَافِهِ بِكَسْرِ الْوَاوِ، فَمَعْنَاهُ الْمَيْلُ لِلشَّيْءِ مِنْ بَابِ فَرِحَ اهـ. وَقَوْلُهُ: فَلَوْ هَوَى أَيْ الْمُسْتَقِلُّ خَرَجَ الْمَأْمُومُ فَيُحْسَبُ لَهُ الرُّكُوعُ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ صَرَفَهُ إلَى غَيْرِ الْوَاجِبِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّهُ صَرَفَهُ إلَى مَا لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ ق ل.
قَوْلُهُ: (فَوَقَفَ عَنْ السُّجُودِ) فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِوُقُوفِ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ إلَّا بَعْدَ أَنْ وَصَلَ لِلسُّجُودِ قَامَ مُنْحَنِيًا، فَلَوْ انْتَصَبَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِزِيَادَتِهِ رُكُوعًا، وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ وَقَصَدَ أَنْ لَا يَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ وَهَوَى لِلرُّكُوعِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ لَهَا فَإِنْ كَانَ قَدْ انْتَهَى إلَى حَدِّ الرَّاكِعِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا جَازَ اهـ ح ل.
قَوْلُهُ: (وَيُحْسَبُ لَهُ) أَيْ لِلْمَأْمُومِ هَذَا إذَا قَرَأَ الْمَأْمُومُ الْفَاتِحَةَ كُلَّهَا، وَإِلَّا فَلَا يُحْسَبُ لَهُ هَذَا الرُّكُوعُ وَيُتَابِعُ إمَامَهُ فِي نَظْمِ الصَّلَاةِ فَلَا يَعُودُ لِلْقِرَاءَةِ، وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ قَوْلُهُ: (لِمُتَابَعَتِهِ) أَيْ لِأَنَّ وُجُوبَ الْمُتَابَعَةِ يُلْغِي قَصْدَهُ وَيُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ صَارِفًا، وَإِنْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَعُودُ لِلْقِيَامِ ثُمَّ يَرْكَعُ فَقَدْ قَالَ الْحَلَبِيُّ: إنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ اهـ.
قَوْلُهُ: (تَسْوِيَةُ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ: أَكْمَلُ، وَلْيُنْظَرْ وَجْهُ مُغَايَرَةِ الْخَبَرِ هُنَا لِسَابِقِهِ حَيْثُ أَتَى بِهِ مَصْدَرًا مُؤَوَّلًا وَهُنَا صَرِيحًا.