أَوْ عِمَامَتِهِ جَازَ إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ، فَإِنْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ فِي قِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمِنْدِيلٍ عَلَى عَاتِقِهِ لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ وَأَعَادَ السُّجُودَ وَلَوْ صَلَّى مِنْ قُعُودٍ فَلَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ، وَلَوْ صَلَّى مِنْ قِيَامٍ لَتَحَرَّكَ لَمْ يَضُرَّ إذْ الْعِبْرَةُ بِالْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ. هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ، وَخَرَجَ بِمُتَّصِلٍ بِهِ مَا هُوَ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ وَإِنْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ كَعُودٍ بِيَدِهِ فَلَا يَضُرُّ السُّجُودُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ.
وَلَوْ سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ كَوَرَقَةٍ فَالْتَصَقَتْ بِجَبْهَتِهِ وَارْتَفَعَتْ مَعَهُ وَسَجَدَ عَلَيْهَا ثَانِيًا ضَرَّ، وَإِنْ نَحَاهَا ثُمَّ سَجَدَ لَمْ يَضُرَّ.
وَلَوْ سَجَدَ عَلَى عِصَابَةِ جُرْحٍ أَوْ نَحْوِهِ لِضَرُورَةٍ بِأَنْ شَقَّ عَلَيْهِ إزَالَتُهَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الِاسْتِدْلَال عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ «خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ: شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُزِلْ شَكْوَانَا» فَلَوْ لَمْ يَجِبْ مُبَاشَرَةُ الْمُصَلِّي بِالْجَبْهَةِ لَأَرْشَدَهُمْ إلَى سَتْرِهَا.
قَوْلُهُ: (لِصِدْقِ اسْمِ السُّجُودِ عَلَيْهَا) وَإِنْ كَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِهَا مَكْرُوهًا كَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ، هَذَا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَيْهِ أَيْ الْبَعْضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ اكْتَسَبَ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ السُّجُودِ مِنْ شُرُوطٍ سَبْعَةٍ: الطُّمَأْنِينَةُ وَأَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ غَيْرَهُ فَقَطْ، وَأَنْ تَسْتَقِرَّ الْأَعْضَاءُ كُلُّهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَالتَّحَامُلُ عَلَى الْجَبْهَةِ، وَالتَّنْكِيسُ وَهُوَ أَنْ تَرْفَعَ الْأَسَافِلَ عَلَى الْأَعَالِي، وَكَشْفُ الْجَبْهَةِ، وَأَنْ لَا يَسْجُدَ عَلَى مُتَّصِلٍ يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ وَكُلُّهَا تُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ قَوْلُهُ: الْجَبِينُ وَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَهُوَ فَوْقَ الصُّدْغِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ فَلِلْإِنْسَانِ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ. فَإِنْ قُلْت: فَلِمَ أَفْرَدَهُ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْإِفْرَادَ يَجُوزُ أَنْ يُعَاقِبَ التَّثْنِيَةَ فِي كُلِّ اثْنَيْنِ يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، كَالْعَيْنَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ تَقُولُ: عَيْنٌ حَسَنَةٌ وَتُرِيدُ أَنَّ عَيْنَيْهِ جَمِيعًا حَسَنَتَانِ قَالَهُ فِي الْمَصَابِيحِ. اهـ. قَسْطَلَّانِيٌّ قَوْلُهُ: (فَلَا يَكْفِي وَضْعُهُمَا) أَيْ دُونَ الْجَبْهَةِ، وَيُنْدَبُ وَضْعُهُمَا مَعًا ق ل قَوْلُهُ: (عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ) وَلَوْ عَلَى طَرَفٍ شُدَّ عَلَى كَتِفِهِ، أَوْ طَرَفِ مِئْزَرٍ فِي وَسَطِهِ ق ل قَوْلُهُ: (فِي قِيَامٍ) أَيْ لِمَنْ يُصَلِّي قَائِمًا أَوْ قُعُودٍ لِمَنْ يُصَلِّي قَاعِدًا قَوْلُهُ: (وَأَعَادَ السُّجُودَ) أَيْ إنْ تَذَكَّرَ فِي صُورَةِ النِّسْيَانِ، أَوْ عَلِمَ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ عَقِبَ السُّجُودِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ اسْتَأْنَفَهَا ق ل. تَنْبِيهٌ: التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ بَيْنَ التَّحَرُّكِ وَعَدَمِهِ لَا يَجْرِي فِي جُزْئِهِ كَسِلْعَةٍ طَالَتْ أَيْ فِي غَيْرِ الْجَبْهَةِ. فَلَا يَكْفِي السُّجُودُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا، أَمَّا مَا نَبَتَ بِالْجَبْهَةِ مِنْ شَعْرٍ أَوْ سِلْعَةٍ فَإِنَّهُ يُجْزِي السُّجُودُ عَلَيْهِ وَإِنْ طَالَ اهـ م د.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَضُرَّ) تَبِعَ فِيهِ شَيْخَ الْإِسْلَامِ وَاعْتَمَدَ م ر خِلَافَهُ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ التَّحَرُّكَ بِالْقُوَّةِ. وَالشَّارِحُ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ يَعْتَبِرُونَ التَّحَرُّكَ بِالْفِعْلِ وَاعْتَمَدَ الْقَلْيُوبِيُّ كَلَامَ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ: وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ وَمُخَالَفَةُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي ذَلِكَ لَا وَجْهَ لَهَا فَتَأَمَّلْ. وَدَعْوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ لَمْ يَرَ مَنْ ذَكَرَهُ مَمْنُوعَةٌ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: نَفْيُ الرُّؤْيَةِ لَا يُنَافِي أَنَّ غَيْرَهُ ذَكَرَهُ فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ: (كَعُودٍ بِيَدِهِ فَلَا يَضُرُّ السُّجُودُ عَلَيْهِ) وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ بِأَنَّ اتِّصَالَ الثِّيَابِ بِهِ وَنِسْبَتَهَا إلَيْهِ أَكْثَرُ لِاسْتِقْرَارِهَا وَطُولِ مُدَّتِهَا بِخِلَافِ هَذَا، وَلَيْسَ مِثْلَهُ الْمِنْدِيلُ الَّذِي عَلَى عِمَامَتِهِ وَالْمُلْقَى عَلَى عَاتِقِهِ لِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ لَهُ بِخِلَافِ مَا فِي يَدِهِ انْتَهَى م ر. فَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى عُودٍ إلَخْ تَقْيِيدُ الْمَحْمُولِ الْمُتَقَدِّمِ بِالْمَلْبُوسِ كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ
قَوْلُهُ: (ضَرَّ) أَيْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ، وَيَجِبُ إعَادَةُ مَا احْتَمَلَ وُجُودُهُ أَيْ الْحَائِلُ فِيهِ ق ل
قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوِهِ) كَوَجَعِ رَأْسِهِ قَوْلُهُ: (بِأَنْ شَقَّ عَلَيْهِ إزَالَتُهَا) أَيْ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ ق ل. وَيَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَوْلِ الطَّبِيبِ الْعَدْلِ إنَّ إزَالَتَهَا تَشُقُّ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَةٌ إلَّا إنْ كَانَ تَحْتَهُ نَجَسٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ انْتَهَى م ر. وَلَوْ سَجَدَ عَلَى نَحْوِ وَرَقَةٍ فَالْتَصَقَتْ، فَإِنْ أَزَالَهَا ثُمَّ سَجَدَ ثَانِيًا لَمْ يَضُرَّ، وَلَوْ لَمْ يَدْرِ الْتِصَاقَهُ فِي أَيِّ سَجْدَةٍ فَإِنْ رَآهُ بَعْدَ الْأَخِيرَةِ وَجَوَّزَ أَنَّهُ كَانَ فِيمَا قَبْلَهَا وَلَوْ الْأُولَى قَدَّرَ أَنَّهُ فِيهَا وَحُسِبَ لَهُ رَكْعَةٌ إلَّا سَجْدَةً فَيُنَحِّيهِ وَيَسْجُدُهَا، ثُمَّ يُكْمِلُ الصَّلَاةَ أَوْ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute