لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَلْزَمْهُ مَعَ الْإِيمَاءِ لِلْعُذْرِ فَهَذَا أَوْلَى، وَكَذَا لَوْ سَجَدَ عَلَى شَعْرٍ نَبَتَ عَلَى جَبْهَتِهِ لِأَنَّ مَا نَبَتَ عَلَيْهَا مِثْلُ بَشَرَتِهِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ
. وَيَجِبُ وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَمِنْ بَاطِنِ كَفَّيْهِ وَمِنْ بَاطِنِ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ فِي السُّجُودِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: الْجَبْهَةِ، وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ» . وَلَا يَجِبُ كَشْفُهَا بَلْ يُكْرَهُ كَشْفُ الرُّكْبَتَيْنِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ
فَرْعٌ: لَوْ خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ وَأَرْبَعُ أَرْجُلٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَضْعُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الْجَبْهَتَيْنِ وَمَا بَعْدَهُمَا أَمْ لَا؟ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ، فِي ذَلِكَ إنْ عَرَفَ الزَّائِدَ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ وَإِلَّا اكْتَفَى فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ بِوَضْعِ بَعْضِ إحْدَى الْجَبْهَتَيْنِ وَبَعْضِ يَدَيْنِ وَرُكْبَتَيْنِ وَأَصَابِعِ رِجْلَيْنِ إنْ كَانَتْ كُلُّهَا أَصْلِيَّةً، فَإِنْ اشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ وَجَبَ وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا.
(وَ) الْعَاشِرُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ (الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ) أَيْ السُّجُودِ لِحَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ، وَيَجِبُ أَنْ يُصِيبَ مَحَلَّ سُجُودِهِ ثِقَلُ رَأْسِهِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ: «إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ جَبْهَتَك» . وَمَعْنَى الثِّقَلِ أَنْ يَتَحَامَلَ بِحَيْثُ لَوْ فُرِضَ تَحْتَهُ قُطْنٌ أَوْ حَشِيشٌ لَانْكَبَسَ وَظَهَرَ أَثَرُهُ فِي يَدٍ لَوْ فُرِضَتْ تَحْتَ ذَلِكَ، وَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا فِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَعِبَارَةِ التَّحْقِيقِ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَيَنْشُرَ أَصَابِعَهُمَا مَضْمُومَةً لِلْقِبْلَةِ وَيَعْتَمِدَ عَلَيْهِمَا، وَيَجِبُ أَنْ لَا يَهْوِيَ لِغَيْرِ السُّجُودِ كَمَا مَرَّ فِي الرُّكُوعِ، فَلَوْ سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ الِاعْتِدَالِ وَجَبَ الْعَوْدُ إلَيْهِ لِيَهْوِيَ مِنْهُ لِانْتِفَاءِ الْهَوِيِّ فِي السُّقُوطِ فَإِنْ سَقَطَ مِنْ الْهَوِيِّ لَمْ يَلْزَمْهُ الْعَوْدُ بَلْ يُحْسَبُ ذَلِكَ سُجُودًا، إلَّا إنْ قَصَدَ بِوَضْعِ الْجَبْهَةِ الِاعْتِمَادَ عَلَيْهَا فَقَطْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إعَادَةُ السُّجُودِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ. وَلَوْ سَقَطَ مِنْ الْهَوِيِّ عَلَى جَنْبِهِ فَانْقَلَبَ بِنِيَّةِ السُّجُودِ أَوْ بِلَا نِيَّةٍ أَوْ بِنِيَّتِهِ وَنِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ وَسَجَدَ أَجْزَأَهُ، فَإِنْ نَوَى الِاسْتِقَامَةَ لَمْ يُجْزِهِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ بَلْ يَجْلِسُ ثُمَّ يَسْجُدُ وَلَا يَقُومُ ثُمَّ يَسْجُدُ، فَإِنْ قَام
ــ
[حاشية البجيرمي]
سُجُودِ الْأُولَى حُسِبَ لَهُ رَكْعَةٌ بِغَيْرِ سُجُودٍ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ احْتَمَلَ حُدُوثَهُ بَعْدَهَا فَالْأَصْلُ مُضِيُّهَا عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِلَّا فَإِنْ قَرُبَ الْفَصْلُ بَنَى وَأَخَذَ بِالْأَسْوَأِ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَهَا.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ سَجَدَ عَلَى شَعْرٍ نَبَتَ عَلَى جَبْهَتِهِ) أَيْ وَإِنْ طَالَ، وَقَدَّرَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى غَيْرِ مَا لَاقَى الشَّعْرُ لِأَنَّهُ كَجُزْءٍ مِنْ الْجَبْهَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّهَا م ر. قَالَ ق ل: أَيْ وَلَمْ يَسْجُدْ عَلَى طَرَفِهِ الْمُسْتَرْسِلِ عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا يَكْفِي كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (ذَكَرَهُ) أَيْ ذَكَرَ مَا ذَكَرَ مِنْ صِحَّةِ السُّجُودِ عَلَى الشَّعْرِ
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ إلَخْ) عَبَّرَ بِهِ دُونَ أَنْ يَقُولَ: وَوَضْعُ جُزْءٍ عَطْفًا عَلَى مُبَاشَرَةٍ، وَيَكُونُ لَفْظُ أَقَلَّ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْغَرَضَ بِهِ رَدُّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَضْعُ غَيْرِ الْجَبْهَةِ، فَأَرَادَ رَدَّهُ صَرِيحًا. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ رُكْبَتَيْهِ الِاكْتِفَاءُ بِالسُّجُودِ عَلَى بَعْضِ رُكْبَةٍ وَيَدٍ وَأَصَابِعِ قَدَمٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ بَعْضُ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْيَدَيْنِ وَأَصَابِعِ الْقَدَمَيْنِ. وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلِاسْتِغْرَاقِ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَهْدٌ وَلَا يُصْرَفُ عَنْهُ إلَى الْمَجْمُوعِ إلَّا بِقَرِينَةٍ، فَكَأَنَّهُ قَالَ هُنَا بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ إلَى آخِرِهِ انْتَهَى ع ش عَلَى الْمَنْهَجِ. وَيُتَصَوَّرُ رَفْعُ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ مَا عَدَا الْجَبْهَةَ بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى حَجَرَيْنِ يَضَعُ رِجْلَيْهِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَالْجَبْهَةَ عَلَى الْآخَرِ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ قَصِيرٌ يَضَعُ بَطْنَهُ عَلَيْهِ، وَيَرْفَعُهَا أَيْ الْأَعْضَاءَ انْتَهَى شَرْحُ الرَّمْلِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَضْعُ جُزْءٍ) وَلَوْ قَلِيلًا جِدًّا حِفْنِيٌّ قَوْلُهُ: (مِنْ رُكْبَتَيْهِ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلُهُ: (وَمِنْ بَاطِنِ كَفَّيْهِ) سَوَاءٌ الْأَصَابِعُ وَالرَّاحَةُ، وَضَابِطُهُ مَا يُنْقَضُ مِنْهُ سم وَقِ ل. أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ أَصْلِيًّا فَلَا يَكْفِي وَضْعُ الزَّائِدِ وَإِنْ نَقَضَ مَسُّهُ، وَالْمُرَادُ وَضْعُهُمَا فِي آنٍ وَاحِدٍ مَعَ الْجَبْهَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، حَتَّى لَوْ وَضَعَهُمَا ثُمَّ رَفَعَهُمَا ثُمَّ وَضَعَ الْجَبْهَةَ أَوْ عَكَسَ لَمْ يَكْفِ لِأَنَّهَا أَعْضَاءٌ تَابِعَةٌ لِلْجَبْهَةِ، وَإِذَا رَفَعَ الْجَبْهَةَ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى وَجَبَ عَلَيْهِ رَفْعُ الْكَفَّيْنِ أَيْضًا خ ض. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَضْعُ الْكَفَّيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ. وَفِي حَاشِيَةِ ع ش عَلَى م ر: وَانْظُرْ لَوْ خُلِقَ كَفُّهُ مَقْلُوبًا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَضْعُ ظَهْرِ الْكَفِّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الظُّهْرَ فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ الْبَطْنِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ الِانْقِلَابُ هَلْ يَجِبُ وَضْعُ الْبَطْنِ وَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ وَلَوْ بِمُعَيَّنٍ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا.
قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: وَانْظُرْ لَوْ خُلِقَ بِلَا كَفٍّ <m s =١> وَبِلَا أَصَابِعَ هَلْ يُقَدِّرُ لَهُ مِقْدَارَهُمَا وَيَجِبُ وَضْعُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَقُولُ: قِيَاسُ النَّظَائِرِ تَقْدِيرُ مَا ذَكَرَ كَمَا لَوْ خُلِقَتْ يَدُهُ بِلَا مِرْفَقٍ وَذَكَرُهُ بِلَا حَشَفَةٍ مِنْ أَنَّهُ يُقَدِّرُ لَهُمَا مِنْ مُعْتَدِلِهِمَا قَوْلُهُ: (أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ) وَلَوْ جُزْءًا مِنْ أُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ رِجْلٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَعِبَارَةُ الرَّحْمَانِيِّ قَوْلُهُ بِبَاطِنِ الْكَفِّ أَيْ بِجُزْءٍ مِنْهَا وَلَوْ بَاطِنَ أُصْبُعٍ، كَذَا فِي الرَّجْلِ. نَعَمْ إنْ عَجَزَ لِنَحْوِ شَلَلٍ فَعَلَ مَقْدُورَهُ، فَلَوْ تَعَذَّرَ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ سَقَطَ الْفَرْضُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، فَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الزَّنْدِ لَمْ يَجِبْ وَضْعُهُ وَلَا وَضْعُ رِجْلٍ قُطِعَتْ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْفَرْضِ. قَوْلُهُ: «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ وَضْعِ الْبَاطِنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ» ، وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ اعْتِمَادُهُ عَلَى بُطُونِهَا. اهـ. م ر. وَسَمَّى كُلَّ وَاحِدَةٍ عَظْمًا بِاعْتِبَارِ الْجُمْلَةِ وَإِنْ اشْتَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى عِظَامٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْجُمْلَةِ بِاسْمِ بَعْضِهَا كَمَا فِي فَتْحِ الْبَارِي قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ كَشْفُهَا) إلَّا الْجَبْهَةَ فَيَجِبُ كَشْفُهَا كَمَا تَقَدَّمَ مَدَابِغِيٌّ قَوْلُهُ: (بَلْ يُكْرَهُ كَشْفُ الرُّكْبَتَيْنِ) أَيْ غَيْرَ الْجُزْءِ الَّذِي لَا تَتِمُّ الْعَوْرَةُ إلَّا بِهِ، أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ كَشْفُهُ وَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ ح ل وَعِبَارَةُ التَّحْرِيرِ وَحَوَاشِيهِ. وَيُسَنُّ كَشْفُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ أَيْ فِي حَقِّ الرَّجُلِ إذْ الْمَرْأَةُ يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُ قَدَمَيْهَا، وَيُكْرَهُ كَشْفُ كَفَّيْهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِلَّةِ كَشْفِ الرُّكْبَتَيْنِ ق ل. وَقَوْلُهُ: إذْ الْمَرْأَةُ يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُ قَدَمَيْهَا