للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَ وُجُوبُهَا فِيهَا، وَالْقَائِلُ بِوُجُوبِهَا مَرَّةً فِي غَيْرِهَا مَحْجُوجٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ وَلِحَدِيثِ: «عَرِّفْنَا كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك إذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْك. فَقَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ» إلَخْ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: «كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك إذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْك فِي صَلَاتِنَا؟ فَقَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ» إلَخْ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ. وَالْمُنَاسِبُ لَهَا مِنْ الصَّلَاةِ التَّشَهُّدُ آخِرَهَا فَتَجِبُ فِيهِ أَيْ بَعْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ. وَقَدْ «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نَفْسِهِ فِي الْوِتْرِ» كَمَا رَوَاهُ أَبُو

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ التَّشَهُّدِ) أَيْ عَقِبَهُ، وَلَوْ جُعِلَ الضَّمِيرُ عَائِدًا لِلْجُلُوسِ كَمَا هُوَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِتَوَافُقِ الضَّمَائِرِ لَكَانَ صَوَابًا، لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَالتَّشَهُّدُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْجُلُوسِ وَسَقَطَ بِهِ حِينَئِذٍ اعْتِرَاضُهُ الْآتِي بِقَوْلِهِ: وَلَا يُؤْخَذُ إلَخْ فَتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: فِيهِ أَيْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ كَانَ الظَّاهِرُ عَوْدَ الضَّمِيرِ عَلَى الْجُلُوسِ كَمَا أَعَادَهُ عَلَيْهِ فِيمَا قَبْلَهُ، لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجُلُوسُ الْأَخِيرُ وَالتَّشَهُّدُ فِيهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِيهِمَا لِلْجُلُوسِ لَا كُلُّ وَاحِدٍ لِمَا قَبْلَهُ، وَلِأَنَّ عَوْدَهُ لِلتَّشَهُّدِ يُوهِمُ أَنَّهُ فِي أَثْنَائِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ بَعْدَهُ وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ فِيهِ: أَيْ التَّشَهُّدِ أَيْ عَقِبَهُ، لَوْ جُعِلَ الضَّمِيرُ عَائِدًا لِلْجُلُوسِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِتَوَافُقِ الضَّمَائِرِ لَكَانَ صَوَابًا وَسَقَطَ بِهِ اعْتِرَاضُهُ الْآتِي بِقَوْلِهِ وَلَا يُؤْخَذُ إلَخْ تَأَمَّلْ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ الْجُلُوسُ لَهُ وَأَطْلَقَ الْحَالَ وَأَرَادَ الْمَحَلَّ لَكِنْ لَا يُنَاسِبُ اعْتِرَاضَ الشَّارِحِ. اهـ. مَدَابِغِيٌّ قَوْلُهُ: (صَلُّوا عَلَيْهِ) اعْلَمْ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ عَلَى كَوْنِهَا فِي الصَّلَاةِ. وَدَلِيلٍ عَلَى صِيغَتِهَا وَدَلِيلٍ عَلَى مَحَلِّهَا مِنْ الصَّلَاةِ. وَقَدْ ذَكَرَ الثَّلَاثَةَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ قَوْلُهُ: (قَالُوا إلَخْ) صِيغَةُ تَبَرِّي، وَسَبَبُهُ قَوْلُ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ قَوْلُهُمْ: أَجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ خَارِجَهَا إنْ أَرَادُوا عَيْنًا فَصَحِيحٌ لَكِنَّهُ لَا يُنْتِجُ وُجُوبَهَا عَيْنًا فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْوُجُوبُ الْمُطْلَقُ فَمَمْنُوعٌ وَأَيْضًا فِي الْكَشَّافِ فِي الْأَحْزَابِ ثَلَاثَةٌ أَقْوَالٍ تَجِبُ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ مَرَّةً وَإِنْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ، تَجِبُ كُلَّمَا ذُكِرَ، تَجِبُ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً؛ قَالَ: وَالِاحْتِيَاطُ فِعْلُهَا كُلَّمَا ذُكِرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَخْبَارِ. اهـ. عَمِيرَةُ شَوْبَرِيٌّ. وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ: اُخْتُلِفَ فِي وَقْتِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا كُلُّ صَلَاةٍ وَاخْتَارَهُ الشَّافِعِيُّ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنْهَا. وَالثَّانِي فِي الْعُمْرِ مَرَّةً. وَالثَّالِثُ كُلَّمَا ذُكِرَ. وَاخْتَارَهُ الْحَلِيمِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَاللَّخْمِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ، وَابْنُ بَطَّةَ مِنْ الْحَنَابِلَةِ. وَالرَّابِعُ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ. وَالْخَامِسُ فِي أَوَّلِ كُلِّ دُعَاءٍ وَوَسَطِهِ وَآخِرِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَجْعَلُونِي كَقَدَحِ الرَّاكِبِ، اجْعَلُونِي فِي أَوَّلِ كُلِّ دُعَاءٍ وَفِي وَسَطِهِ وَفِي آخِرِهِ» اهـ.

قَوْلُهُ: (مَحْجُوجٌ) أَيْ مَمْنُوعٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، فَكَأَنَّهُ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ فَالْقَائِلُونَ بِوُجُوبِهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ خَارِقُونَ لِلْإِجْمَاعِ فَلَا يَنْبَغِي مِنْهُمْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ إلَخْ) هَذَا دَلِيلُ كَيْفِيَّتِهَا قَوْلُهُ: (وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ) مُقْتَضَى الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ وَاجِبَةٌ لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ صَدَّنَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ لَا تَجِبُ قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ «كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك» إلَخْ وَجْهُ ذِكْرِ الْحَدِيثِ الثَّانِي أَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ ثِقَةٍ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ، فَيَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَهُوَ وُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ قَوْلُهُ: (وَالْمُنَاسِبُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسَبَةَ لَا تَصْلُحُ دَلِيلًا. قَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ: وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ أَنَّهَا دُعَاءٌ وَهُوَ أَلْيَقُ بِالْخَوَاتِيمِ، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ قَوْلُهُ: (أَيْ بَعْدَهُ) هَلْ الْمُرَادُ بِهِ عَقِبُهُ أَوْ الْأَعَمُّ شَوْبَرِيٌّ. وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ: وَلَا تَجِبُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّشَهُّدِ وَقَالَ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ: وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ رُكْنٌ مُسْتَقِلٌّ. وَقَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ مُسَمَّى التَّشَهُّدِ لَيْسَتْ بَعْضًا وَلَا جُزْءًا مِنْهُ وَهُوَ حَقٌّ لَا شُبْهَةَ فِيهِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ أَقَلُّ التَّشَهُّدِ كَذَا وَلَمْ يَذْكُرُوهَا فِي الْأَقَلِّ، فَلَوْ كَانَتْ بَعْضًا مِنْهُ مَا صَحَّ أَنْ أَقَلَّهُ كَذَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِهَا فِيهِ اهـ سم اهـ خ ض.

<<  <  ج: ص:  >  >>