للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَوَانَةَ فِي مُسْنَدِهِ وَقَالَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَلَمْ يُخْرِجْهَا شَيْءٌ عَنْ الْوُجُوبِ، وَأَمَّا عَدَمُ ذِكْرِهَا فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَعْلُومَةً لَهُ وَلِهَذَا لَمْ يُذْكَرْ لَهُ التَّشَهُّدُ وَالْجُلُوسُ لَهُ وَالنِّيَّةُ وَالسَّلَامُ. وَإِذَا وَجَبَتْ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَبَ الْقُعُودُ لَهَا بِالتَّبَعِيَّةِ، وَلَا يُؤْخَذُ وُجُوبُ الْقُعُودِ لَهَا مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَأَقَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآلِهِ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ. وَأَكْمَلُهَا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: «وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْوِتْرِ» أَيْ فِي تَشَهُّدِهِ الْأَخِيرِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ بَاقِي الصَّلَوَاتِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ أَيْ فِي الْقُنُوتِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ. وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ لَمْ يَظْهَرْ وَجْهٌ لِتَخْصِيصِ الْوِتْرِ مَعَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى نَفْسِهِ فِي الْوِتْرِ وَغَيْرِهِ، وَلَعَلَّهُ بِحَسَبِ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ الرَّاوِي فَلَا يُنَافِي صَلَاتَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي غَيْرِهِ قَوْلُهُ: وَقَالَ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي» إلَخْ أَيْ وَقَدْ عَلِمْنَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى نَفْسِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ. وَقَالَ شَيْخُنَا الْمَدَابِغِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ: وَالْمَنْقُولُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ فِي تَشَهُّدِهِ: وَأَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ» ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَذَانِ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ الْمَنْقُولُ أَنَّ تَشَهُّدَهُ كَتَشَهُّدِنَا. وَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ. وَتَعْرِيفُ السَّلَامِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فِي التَّشَهُّدِ أَوْلَى مِنْ تَنْكِيرِهِ لِكَثْرَتِهِ فِي الْأَخْبَارِ، وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَلِزِيَادَتِهِ وَمُوَافَقَتِهِ سَلَامَ التَّحَلُّلِ وَذِكْرُ الْوَاوِ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ لَا بُدَّ مِنْهُ اهـ

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُخْرِجْهَا شَيْءٌ عَنْ الْوُجُوبِ) أَيْ بِخِلَافِهَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهَا فِيهِ عَنْ الْوُجُوبِ فِيهِ قِيَامُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ، وَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْتَدْرِكْ إذْ عَدَمُ تَدَارُكِهِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ فَرْضِيَّتِهِ أَيْ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يُجْبَرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّ الصَّلَاةِ إلَخْ) وَلَا يَتَعَيَّنُ مَا ذَكَرَهُ بَلْ يَكْفِي صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ عَلَى رَسُولِهِ أَوْ عَلَى النَّبِيِّ دُونَ أَحْمَدَ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَكْفِي الضَّمِيرُ وَإِنْ تَقَدَّمَ مَرْجِعُهُ وَتَكْفِي الصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ إنْ قَصَدَ بِهَا الدُّعَاءَ، وَلَا يَكْفِي هُنَا وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى الرَّسُولِ أَوْ الْمَاحِي أَوْ الْعَاقِبِ أَوْ الْبَشِيرِ أَوْ النَّذِيرِ وَيُجْزِئُ فِي الْخُطْبَةِ مَدَابِغِيٌّ قَوْلُهُ: (وَآلِهِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَاجِبَةٌ، وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ فَيَكُونُ أَقَلُّ الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ فَلَا يَكُونُ هَذَا أَقَلَّ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ، أَوْ مُرَادُهُ، وَأَقَلُّ الصَّلَاةِ لَا بِقَيْدِ الْوُجُوبِ تَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ) تَقَدَّمَ السَّلَامُ فَسَقَطَتْ كَرَاهَةُ إفْرَادِهَا عَنْهُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّهَا فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ عَنْ الشَّارِعِ، حَتَّى لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ بَرَّ بِمَا هُنَا قَصَدَهُ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا يُقَالُ إنَّ إفْرَادَهَا مَكْرُوهٌ فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ.

نَعَمْ انْضِمَامُ السَّلَامِ لَهَا أَفْضَلُ وَأَكْمَلُ وَهِيَ مِنْ اللَّهِ رَحْمَةٌ مَقْرُونَةٌ بِتَعْظِيمٍ وَمِنَّا طَلَبُ ذَلِكَ لَهُ قَوْلُهُ: (كَمَا صَلَّيْت إلَخْ) التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ لَا لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ إبْرَاهِيمَ، فَكَيْفَ تُشَبَّهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِالصَّلَاةِ عَلَى إبْرَاهِيمَ شَيْخُنَا حِفْنِيٌّ. وَقَدْ يُقَالُ: لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لَا بَيْنَ الذَّاتَيْنِ. وَقَالَ ق ل: لَا يَخْفَى أَنَّ التَّشْبِيهَ مِنْ حَيْثُ طَلَبُ الصَّلَاةِ وَالْبَرَكَةِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَيْفِيَّةٍ أَوْ كَمِّيَّةٍ تَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ قَوْلُهُ: كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إلَخْ هَذَا تَشْبِيهٌ مِنْ حَيْثُ أَصْلُ الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ الْمُصَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّ نَبِيَّنَا أَفْضَلُ مِنْ إبْرَاهِيمَ، فَمَعْنَاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ بِمِقْدَارِ فَضْلِهِ وَشَرَفِهِ عِنْدَك كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ بِمِقْدَارِ فَضْلِهِ وَشَرَفِهِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ} [البقرة: ٢٠٠] يَعْنِي اُذْكُرُوا اللَّهَ بِقَدْرِ نِعَمِهِ وَآلَائِهِ عَلَيْكُمْ كَمَا تَذْكُرُونَ آبَاءَكُمْ بِمِقْدَارِ نِعَمِهِمْ عَلَيْكُمْ، وَتَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ يَصِحُّ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ لَا يُشْبِهُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ} [آل عمران: ٥٩] يَعْنِي مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ تَخْلِيقٌ عِيسَى مِنْ غَيْرِ أَبٍ اهـ قَوْلُهُ: (وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إلَخْ) إنَّمَا خَصَّ وَإِسْحَاقُ وَإِسْمَاعِيلُ مَعَ أَنَّ لَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ابْنًا لِشَرَفِهِمَا وَعِظَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>