مَجِيدٌ.» وَفِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَنَقْصٌ. وَآلُ إبْرَاهِيمَ إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَأَوْلَادُهُمَا، وَخَصَّ إبْرَاهِيمَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ وَالْبَرَكَةَ لَمْ يَجْتَمِعَا لِنَبِيٍّ غَيْرِهِ قَالَ تَعَالَى: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} [هود: ٧٣] . فَائِدَةٌ: كُلُّ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بَعْدِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ وَلَدِهِ إِسْحَاقَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَأَمَّا إسْمَاعِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ مِنْ نَسْلِهِ نَبِيٌّ إلَّا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيّ: وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ انْفِرَادُهُ بِالْفَضِيلَةِ فَهُوَ أَفْضَلُ الْجَمِيعِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
وَالتَّحِيَّاتُ جَمْعُ تَحِيَّةٍ وَهِيَ مَا يُحَيَّا بِهِ مِنْ سَلَامٍ وَغَيْرِهِ وَالْقَصْدُ بِذَلِكَ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِجَمِيعٍ التَّحِيَّاتِ مِنْ الْخَلْقِ، وَمَعْنَى الْمُبَارَكَاتِ النَّامِيَاتُ، وَالصَّلَوَاتُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالطَّيِّبَاتُ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ، وَالسَّلَامُ مَعْنَاهُ اسْمُ السَّلَامِ أَيْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْك وَعَلَيْنَا أَيْ الْحَاضِرِينَ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَمَلَائِكَةٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالْعِبَادُ جَمْعُ عَبْدٍ، وَالصَّالِحِينَ جَمْعُ صَالِحٍ وَهُوَ الْقَائِمُ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ عِبَادِهِ، وَالرَّسُولُ هُوَ الَّذِي يُبَلِّغُ خَبَرَ مَنْ أَرْسَلَهُ، وَحَمِيدٌ بِمَعْنَى مَحْمُودٍ، وَمَجِيدٌ بِمَعْنَى مَاجِدٍ وَهُوَ مَنْ كَمُلَ شَرَفًا وَكَرَمًا.
(وَ) السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ (التَّسْلِيمَةُ الْأُولَى) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» قَالَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَدْرِهِمَا، وَإِبْرَاهِيمُ اسْمٌ مَعْنَاهُ أَبٌ رَحِيمٌ مَاتَ وَهُوَ ابْنُ مِائَتَيْ سَنَةٍ. وَقِيلَ مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ، وَأَكْبَرُ أَوْلَادِهِ إسْمَاعِيلُ بِاللَّامِ وَبِالنُّونِ أَيْضًا وَوُلِدَ إِسْحَاقُ بَعْدَهُ بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَعَاشَ إِسْحَاقُ مِائَةً وَثَمَانِينَ سَنَةً وَمَعْنَى إِسْحَاقَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ الضَّحَّاكُ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْإِتْقَانِ لِلسُّيُوطِيِّ قَوْلُهُ: (فِي الْعَالَمِينَ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَأَدِمْ ذَلِكَ فِي الْعَالَمِينَ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الرَّحْمَةَ) أَيْ الَّتِي هِيَ مَعْنَى الصَّلَاةِ مِنْ اللَّهِ قَوْلُهُ: (لَمْ يَجْتَمِعَا لِنَبِيٍّ غَيْرِهِ) أَيْ فِي الْقُرْآنِ بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْآيَةِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا لِلْأَنْبِيَاءِ غَيْرِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ قَوْلُهُ (مِنْ وَلَدِهِ إِسْحَاقَ) أَيْ مِنْ وَلَدِ وَلَدِهِ وَهُوَ يَعْقُوبُ لِأَنَّ إِسْحَاقَ لَهُ وَلَدَانِ يَعْقُوبُ وَالْعَيْصُ، فَيَعْقُوبُ أَبُو الْأَنْبِيَاءِ وَالْعَيْصُ أَبُو الْمُلُوكِ وَالْجَبَابِرَةِ وَإِسْحَاقُ ابْنُ سَارَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ ابْنُ هَاجَرَ قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ مِنْ نَسْلِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى فَلَمْ يَكُنْ بِالْفَاءِ قَوْلُهُ: (بِالْفَضِيلَةِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِاجْتِمَاعِ الْفَضَائِلِ الَّتِي فِي غَيْرِهِ ق ل فَأَلْ لِلِاسْتِغْرَاقِ قَوْلُهُ: (مَا يُحَيَّا بِهِ) أَيْ مَا يُعَظَّمُ بِهِ قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِ) كَالسُّجُودِ وَتَقْبِيلِ الْأَرْضِ مِمَّا كَانَ يُحَيَّا بِهِ، وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ التَّحِيَّاتُ جُمِعَتْ لِأَنَّ كُلَّ مَلِكٍ كَانَ لَهُ تَحِيَّةٌ يُحَيَّا بِهَا؛ فَمَلِكُ الْعَرَبِ يُحَيَّا بِالسَّلَامِ، وَمَلِكُ الْأَكَاسِرَةِ يُحَيَّا بِالسُّجُودِ وَتَقْبِيلِ الْأَرْضِ، وَتَحِيَّةُ مَلِكِ الْفُرْسِ طَرْحُ الْيَدِ عَلَى الْأَرْضِ، وَتَحِيَّةُ مَلِكِ الْحَبَشَةِ عَقْدُ الْيَدَيْنِ عَلَى الصَّدْرِ مَعَ السَّكِينَةِ، وَمَلِكِ الرُّومِ كَشْفُ غِطَاءِ الرَّأْسِ وَتَنْكِيسُهَا، وَمَلِكِ النُّوبَةِ جَعْلُ الْيَدَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ، وَمَلِكِ حِمْيَرَ الْإِيمَاءُ بِالْأَصَابِعِ قَوْلُهُ: (النَّامِيَاتُ) لِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَنْمُو حَتَّى تَبْلُغَ قَدْرَ جَبَلِ أُحُدٍ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ قَوْلُهُ: (مَعْنَاهُ اسْمُ السَّلَامِ إلَخْ) فِيهِ بُعْدٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّحِيَّةُ أَوْ السَّلَامَةُ مِنْ النَّقَائِصِ وَنَحْوِهَا، وَتَوْجِيهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّ اسْمَ السَّلَامِ عَلَى الْمَدْعُوِّ لَهُ لِيَسْلَمَ بِبَرَكَتِهِ مِنْ كُلِّ مُؤْذٍ، أَمَّا إذَا قُلْنَا اسْمُ الرَّحْمَنِ عَلَى فُلَانٍ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ بِالرَّحْمَةِ وَاسْمُ الْمُنْعِمِ بِالنِّعْمَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْقَائِمُ بِحُقُوقِ اللَّهِ إلَخْ) لَا يَرِدُ عَلَى هَذَا أَنَّهُمْ فَسَّرُوا الصَّالِحَ فِي خَبَرِ: «أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ» بِالْمُسْلِمِ. لِأَنَّا نَقُولُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ إذْ الْمَقْصُودُ بِالدُّعَاءِ تَعْظِيمُ الْمَدْعُوِّ لَهُ، فَالْمُنَاسِبُ تَفْسِيرُهُ بِالْقَائِمِ إلَخْ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْحَدِيثِ التَّرْغِيبُ وَالْحَثُّ عَلَى التَّزَوُّجِ لِكَثْرَةِ النَّسْلِ، وَأَنَّ الْوَلَدَ مِنْ كَسْبِ وَالِدِهِ فَنَاسَبَ تَفْسِيرَهُ بِالْمُسْلِمِ وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ ع ش
قَوْلُهُ: (وَالتَّسْلِيمَةُ الْأُولَى) وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ السَّلَامِ تَعْرِيفُهُ بِأَلْ وَكَافُ الْخِطَابِ وَمِيمُ الْجَمْعِ وَإِسْمَاعُ نَفْسِهِ وَتَوَالِي كَلِمَتَيْهِ وَعَدَمُ قَصْدِ الْإِعْلَامِ أَيْ وَحْدَهُ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ قُعُودٍ، وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَأَنْ يَأْتِيَ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ إذَا كَانَ قَادِرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute