للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. قَالَ الْقَفَّالُ الْكَبِيرُ: وَالْمَعْنَى فِي السَّلَامِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ كَانَ مَشْغُولًا عَنْ النَّاسِ وَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَأَقَلُّهُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَلَا يُجْزِئُ عَلَيْهِمْ، وَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ لِغَائِبٍ، وَلَا عَلَيْك وَلَا عَلَيْكُمَا، وَلَا سَلَامِي عَلَيْكُمْ وَلَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، فَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَيُجْزِئُ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ، وَأَكْمَلُهُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ لِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ. وَلَا تُسَنُّ زِيَادَةُ وَبَرَكَاتُهُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَصَوَّبَهُ.

(وَ) السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ (نِيَّةُ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ) وَيَجِبُ قَرْنُهَا بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى (عَلَى قَوْلٍ) فَإِنْ قَدَّمَهَا عَلَيْهَا أَوْ أَخَّرَهَا عَنْهَا عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَجِبُ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَلِأَنَّ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ مُنْسَحِبَةٌ عَلَى جَمِيعِ الصَّلَاةِ، وَلَكِنْ تُسَنُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَيْهَا، وَأَنْ لَا يَزِيدَ فِيهِ زِيَادَةً تُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَأَنْ قَالَ: السَّلَامُ وَعَلَيْكُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ السَّلَامُ التَّامُّ عَلَيْكُمْ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ اللَّهُ الْجَلِيلُ أَكْبَرُ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الِانْعِقَادَ يُحْتَاطُ لَهُ، وَأَنْ لَا يُنْقِصَ مِنْهُ مَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَأَنْ يَقُولَ: السَّامُّ عَلَيْكُمْ أَوْ السِّلْمُ عَلَيْكُمْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْحَفْنَاوِيُّ وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:

شُرُوطُ تَسْلِيمِ تَحْلِيلِ الصَّلَاةِ إذَا ... أَرْدَتْهَا تِسْعَةً صَحَّتْ بِغَيْرِ مِرَا

عَرِّفْ وَخَاطِبْ وَصِلْ وَاجْمَعْ وَوَالِ وَكُنْ ... مُسْتَقْبِلًا ثُمَّ لَا تَقْصِدْ بِهِ الْخَبَرَا

وَاجْلِسْ وَأَسْمِعْ نَفْسًا فَإِنْ وُجِدَتْ ... تِلْكَ الشُّرُوطُ وَتَمَّتْ كَانَ مُعْتَبَرَا

قَالَ ق ل: وَيُجْزِي السِّلْمُ عَلَيْكُمْ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهَا إنْ أَرَادَ بِهِ السَّلَامَ قَوْلُهُ: (تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ) أَيْ مُحَرِّمُهَا التَّكْبِيرُ، فَتَحْرِيمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ أَيْ مُحَرِّمٍ مَا كَانَ حَلَالًا قَبْلَهَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: وَتَحْلِيلُهَا وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ السَّلَامِ رُكْنًا قَوْلُهُ: (قَالَ الْقَفَّالُ الْكَبِيرُ) أَيْ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيُّ: كَانَ يَصْنَعُ الْقُفْلَ وَمِفْتَاحَهُ وَزْنَ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ لِشِدَّةِ حِذْقِهِ، وَالصَّغِيرُ هُوَ الْقَفَّالُ الْمَرْوَزِيُّ شَيْخُ الْمَرَاوِزَةِ، وَالْقَفَّالُ صِيغَةُ نَسَبٍ كَالْخَبَّازِ وَالطَّحَّانِ وَالْقَزَّازِ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

وَمَعَ فَاعِلٍ وَفِعَالٍ فَعْلٌ ... فِي نَسَبٍ أَغْنَى عَنْ الْيَا فَقُبِلَ

اط ف.

قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى) أَيْ الْحِكْمَةُ قَوْلُهُ: (فِي السَّلَامِ) أَيْ فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّهُ) أَيْ السَّلَامِ وَلَوْ مَعَ تَسْكِينِ الْمِيمِ مِنْ السَّلَامِ وَالْمُنَاسِبُ وَأَقَلُّهَا. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ ذَكَرَ الضَّمِيرَ نَظَرًا لِكَوْنِ التَّسْلِيمَةِ بِمَعْنَى السَّلَامِ قَوْلُهُ: (وَلَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) مُقْتَضَاهُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، لَكِنْ يَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ الْجَاهِلِ الْمَعْذُورِ وَتَبْطُلُ أَيْضًا بِتَعَمُّدِ: سَلَامِي أَوْ سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَوْ عَلَيْك أَوْ عَلَيْكُمَا لَا مَعَ ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ، فَلَا تَبْطُلُ بِهِ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ لَا خِطَابَ فِيهِ وَلَا يُجْزِيهِ. اهـ. ابْنُ شَرَفٍ.

وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَحَلَّلَ بِمَا لَمْ يَرِدْ وَخَاطَبَ وَتَعَمَّدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.

قَوْلُهُ: (وَنِيَّةُ الْخُرُوجِ) أَيْ لِيَكُونَ الْخُرُوجُ كَالدُّخُولِ فِي أَنَّ كُلًّا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ قَوْلُهُ: (عَلَى قَوْلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ.

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي قَوْلٍ قَوْلُهُ: (أَوْ أَخَّرَهَا) الْبُطْلَانُ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ لِانْقِضَاءِ الصَّلَاةِ، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ تَأْخِيرِهَا أَنَّهُ سَلَّمَ قَبْلَ نِيَّةِ الْخُرُوجِ وَالسَّلَامُ قَبْلَ نِيَّتِهِ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَرَكَ مِنْ الصَّلَاةِ رُكْنًا اهـ م د قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) فَلَوْ نَوَى قَبْلَ السَّلَامِ الْخُرُوجَ عِنْدَهُ أَوْ الْخُرُوجَ بِهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لَكِنْ لَا تَكْفِيهِ، بَلْ تَجِبُ النِّيَّةُ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا مَعَ السَّلَامِ أَيْضًا ابْنُ قَاسِمٍ قَوْلُهُ: (مُنْسَحِبَةٌ عَلَى جَمِيعِ الصَّلَاةِ) أَيْ وَمِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ التَّسْلِيمَةُ الْأُولَى، فَقَرْنُ نِيَّةِ الْخُرُوجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>