للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَشْرُوعَانِ بِالْإِجْمَاعِ فَهُمَا سُنَّةٌ لِلْمَكْتُوبَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ كَالسُّنَنِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْمَنْذُورَةِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِمَا فِيهِ بَلْ يُكْرَهَانِ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ

وَيُشْرَعُ الْأَذَانُ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ الْيُمْنَى وَالْإِقَامَةُ فِي الْيُسْرَى كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْعَقِيقَةِ

. وَيُشْرَعُ الْأَذَانُ أَيْضًا إذَا تَغَوَّلَتْ الْغِيلَانُ أَيْ تَمَرَّدَتْ الْجَانُّ لِخَبَرٍ صَحِيحٍ وَرَدَ فِيهِ.

وَيُنْدَبُ الْأَذَانُ لِلْمُنْفَرِدِ، وَأَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِهِ إلَّا بِمَوْضِعٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَانْصَرَفُوا وَيُؤَذِّنُ لِلْأُولَى فَقَطْ مِنْ صَلَوَاتٍ وَالَاهَا

، وَمُعْظَمُ الْأَذَانِ مَثْنَى وَمُعْظَمُ الْإِقَامَةِ فُرَادَى. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ: «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» وَالْمُرَادُ مِنْهُ مَا قُلْنَاهُ.

وَالْإِقَامَةُ إحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَالْأَذَانُ كَلِمَاتُهُ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً بِالتَّرْجِيعِ، وَيُسَنُّ الْإِسْرَاعُ بِالْإِقَامَةِ مَعَ بَيَانِ حُرُوفِهَا، فَيُجْمَعُ بَيْنَ كُلِّ كَلِمَتَيْنِ مِنْهَا بِصَوْتٍ وَالْكَلِمَةُ الْأَخِيرَةُ بِصَوْتٍ، وَالتَّرْتِيلُ فِي الْأَذَانِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

سَبَبًا فِي الْقِيَامِ لَهُمَا قَوْلُهُ: (مَشْرُوعَانِ) أَيْ لِكُلِّ مَكْتُوبَةٍ وَلَوْ فَائِتَةً إذَا تَفَرَّقَتْ وَقْتًا أَوْ فِعْلًا أَوْ هُمَا. فَمِثَالُ مَا إذَا تَفَرَّقَتْ وَقْتًا فَقَطْ كَمَا إذَا صَلَّى فَائِتَةً أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَأُخْرَى آخِرَهُ، وَمِثَالُ مَا تَفَرَّقَتْ فِعْلًا فَقَطْ كَمَا إذَا صَلَّى فَائِتَةً قُبَيْلَ الظُّهْرِ ثُمَّ دَخَلَ وَقْتُ الظُّهْرِ عَقِبَ سَلَامِهِ، وَمِثَالُ مَا تَفَرَّقَتْ وَقْتًا وَفِعْلًا مَا لَوْ صَلَّى فَائِتَةً أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ آخِرَ وَقْتِهَا فَفِي ذَلِكَ يُسَنُّ الْأَذَانُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْهُمَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا صَلَّى الظُّهْرَ آخِرَ وَقْتِهَا ثُمَّ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ عَقِبَ سَلَامِهِ فَيُؤَذِّنُ لِلْعَصْرِ أَيْضًا لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا وَقْتًا، فَالْمُرَادُ بِالِاخْتِلَافِ فِي الْفِعْلِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَدَاءً وَالْآخَرُ قَضَاءً، وَالْمُرَادُ بِالِاخْتِلَافِ فِي الْوَقْتِ أَنْ تَكُونَ كُلُّ صَلَاةٍ وَقَعَتْ فِي وَقْتٍ غَيْرِ مَحْدُودٍ لِلْأُخْرَى قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ ثُبُوتِهِمَا فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْغَيْرِ أَعْنِي غَيْرَ الْمَكْتُوبَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيُشْرَعُ الْأَذَانُ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ) لِمَا قِيلَ إنَّهُ يَدْفَعُ عَنْهُ أُمَّ الصِّبْيَانِ ق ل. وَيُشْتَرَطُ فِيمَا ذُكِرَ الذُّكُورَةُ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ م ر ز ي اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الْمَوْلُودُ كَافِرًا وَلَا يَبْعُدُ. نَعَمْ إذْ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَإِنَّمَا أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، وَالْأَقْرَبُ اشْتِرَاطُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَوْلُودِ فَخَرَجَ ابْنُ الْكَافِرِ لِمُعَامَلَتِهِ فِي الدُّنْيَا مُعَامَلَةَ الْكُفَّارِ كَمَا نَقَلَهُ الَأُجْهُورِيُّ.

وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الْمَدَابِغِيِّ فِي حَاشِيَةِ التَّحْرِيرِ: وَحِكْمَةُ الْأَذَانِ فِي الْيَمِينِ أَنَّ الْأَذَانَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِقَامَةِ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ نَفْعًا، وَالْيَمِينُ أَشْرَفُ مِنْ الْيَسَارِ فَجُعِلَ الْأَشْرَفُ لِلْأَشْرَفِ

قَوْلُهُ: (أَيْ تَمَرَّدَتْ) أَيْ تَلَوَّنَتْ فِي صُوَرٍ اهـ اج. قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: وَلَا قُدْرَةَ لِلشَّيَاطِينِ عَلَى تَغْيِيرِهِمْ خِلْقَتَهُمْ وَالِانْتِقَالِ فِي الصُّوَرِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَلِمَاتٍ وَضَرَبَاتٍ مِنْ ضُرُوبِ الْأَفْعَالِ أَيْ أَنْوَاعٍ إذَا فَعَلَهَا وَتَكَلَّمَ بِهَا نَقَلَهُ اللَّهُ مِنْ صُورَةٍ إلَى صُورَةٍ أُخْرَى لِجَرْيِ الْعَادَةِ، وَأَمَّا أَنْ يُصَوِّرَ نَفْسَهُ فَذَلِكَ مُحَالٌ لِأَنَّ انْتِقَالَهَا مِنْ صُورَةٍ إلَى صُورَةٍ إنَّمَا يَكُونُ بِنَقْضِ الْبِنْيَةِ وَتَفْرِيقِ الْأَجْزَاءِ. وَيُسَنُّ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ أَيْضًا خَلْفَ الْمُسَافِرِ، وَيُسَنُّ الْأَذَانُ فِي أُذُنِ دَابَّةٍ شَرِسَةٍ وَفِي أُذُنِ مَنْ سَاءَ خَلْقُهُ وَفِي أُذُنِ الْمَصْرُوعِ. اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: (لِلْمُنْفَرِدِ) أَيْ الذِّكْرُ يَقِينًا وَإِنْ سَمِعَ أَذَانَ غَيْرِهِ إلَّا إنْ سَمِعَهُ مِنْ مَحَلٍّ وَقَصَدَ الصَّلَاةَ فِيهِ وَصَلَّى فِيهِ فَلَا يُسَنُّ لَهُ. وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: وَهُوَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ أَيْ لِلْجَمَاعَةِ وَسُنَّةُ عَيْنٍ لِلْوَاحِدِ، وَإِنْ بَلَغَهُ أَذَانُ غَيْرِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَدْعُوًّا بِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ مَدْعُوًّا بِهِ بِأَنْ سَمِعَهُ مِنْ مَكَان وَأَرَادَ الصَّلَاةَ فِيهِ وَصَلَّى مَعَهُمْ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الْأَذَانُ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَانْصَرَفُوا لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهِ إذَا حَصَلَ مِنْهُ إيهَامُ دُخُولِ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى، أَوْ إيهَامُ وُقُوعِ الْأُولَى قَبْلَ وَقْتِهَا كَمَا قَالَهُ الْحَلَبِيُّ وَقِ ل قَوْلُهُ: (وَيُؤَذِّنُ لِلْأُولَى) وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْأُولَى، بَلْ لَوْ أَطْلَقَ كَانَ مُنْصَرِفًا لِلْأُولَى، فَلَوْ قَصَدَ بِهِ الثَّانِيَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْتَفِيَ بِهِ ح ل. أَيْ وَيُقِيمُ لِكُلٍّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: (مِنْ صَلَوَاتٍ وَالَاهَا) كَفَوَائِتَ وَصَلَاتَيْ جُمَعٍ وَفَائِتَةٍ، وَحَاضِرَةٍ دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْأَذَانِ، لِأَنَّهُ لَمَّا وَالَاهَا كَانَتْ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ

قَوْلُهُ: (وَمُعْظَمُ الْأَذَانِ إلَخْ) إنَّمَا قَالَ: وَمُعْظَمُ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ أَوَّلَ الْأَذَانِ أَرْبَعٌ وَالتَّوْحِيدَ آخِرَهُ وَاحِدٌ وَالتَّكْبِيرُ الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ وَلَفْظُ الْإِقَامَةِ فِيهَا مَثْنَى ش الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: (مَا قُلْنَاهُ) أَيْ الْمُعْظَمُ مِنْهُمَا.

قَوْلُهُ: (الْإِسْرَاعُ بِالْإِقَامَةِ) وَحِكْمَتُهُ الْمُبَادَرَةُ بِالصَّلَاةِ، وَأَمَّا الْأَذَانُ فَالْغَرَضُ مِنْهُ الْإِعْلَامُ فَيُنَاسِبُ تَطْوِيلُهُ

قَوْلُهُ: (وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>