للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحَنِيفُ، الْمَائِلُ إلَى الْحَقِّ وَعِنْدَ الْعَرَبِ مَنْ كَانَ عَلَى مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ، وَالْمَحْيَا وَالْمَمَاتُ الْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ، وَالنُّسُكُ الْعِبَادَةُ.

(وَ) الرَّابِعَةُ (الِاسْتِعَاذَةُ) لِلْقِرَاءَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨] أَيْ إذَا أَرَدْت قِرَاءَتَهُ فَقُلْ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِأَنَّهُ يَبْتَدِئُ فِيهَا قِرَاءَةً، وَالْأُولَى آكَدُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا.

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَوْلَى، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الذَّاتُ فَمَعْنَى وَجَّهْت وَجْهِي أَقْبَلْت بِذَاتِي، وَكَنَّى عَنْهَا بِالْوَجْهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ وَجْهًا مُقْبِلًا عَلَى رَبِّهِ لَا يَلْتَفِتُ لِغَيْرِهِ فِي جُزْءٍ مِنْهَا أَيْ الصَّلَاةِ، وَيَجْتَهِدُ فِي تَحْصِيلِ الصِّدْقِ خَوْفًا مِنْ الْكَذِبِ فِي هَذَا الْمَقَامِ قَوْلُهُ: (الْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ) لَوْ قَالَ الْإِحْيَاءُ وَالْإِمَاتَةُ لَكَانَ أَوْلَى، وَيَزِيدُ مُنْفَرِدٌ وَإِمَامُ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ أَيْ الَّذِينَ لَا يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ وَرَضُوا بِالتَّطْوِيلِ صَرِيحًا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونُوا غَيْرَ أُجَرَاءَ إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى عَمَلٍ نَاجِزٍ وَغَيْرَ مُتَزَوِّجَاتٍ " اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْت بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعَهَا لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْك وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك، أَنَا بِك وَإِلَيْك فَتَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ " اهـ. وَقَوْلُهُ وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك أَيْ لَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَيْك وَقِيلَ: لَا يُفْرَدُ بِالْإِضَافَةِ إلَيْك وَإِنَّمَا يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ وَقِيلَ لَيْسَ شَرًّا بِالنِّسْبَةِ إلَيْك فَإِنَّك خَلَقْته لِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرٌّ بِالنِّسْبَةِ لِخَلْقِك. اهـ. خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ قَوْلُهُ: (وَالنُّسُكُ الْعِبَادَةُ) فَعَطْفُهُ عُلِمَ.

قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِعَاذَةُ لِلْقِرَاءَةِ) أَيْ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَدَلِهَا مِنْ ذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ. اهـ. م ر خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إبْعَادُ الشَّيْطَانِ عَنْ عِبَادَتِهِ، وَلَوْ كَانَ بَدَلُهَا التَّعَوُّذَ تَعَوَّذَ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَرَفٍ وَمِثْلُهُ ق ل. وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ الْمَسْبُوقِ إذَا خَافَ رُكُوعَ إمَامِهِ قَبْلَ إتْمَامِهِ الْفَاتِحَةَ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ خ ض وَالْمُعْتَمَدُ التَّعَوُّذُ لِلذِّكْرِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ لِأَنَّ الْبَدَلَ يُعْطَى حُكْمَ مُبْدَلِهِ وَلَوْ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الِافْتِتَاحِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِهِ هُنَا كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ، وَخِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي مُهِمَّاتِهِ وَالْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَالْخَطِيبِ حَيْثُ قَيَّدُوا نَدْبَ ذَلِكَ بِالْقِرَاءَةِ اهـ. وَلَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الِانْتِصَابِ إذْ هُوَ تَابِعٌ لَهَا فِي الْمَحَلِّ، فَإِذَا أَتَى بِهِ فِي نُهُوضِهِ لِلْقِيَامِ لَا يُحْسَبُ وَكَانَ مَكْرُوهًا لِفَوَاتِ تَعْمِيمِ الرُّكْنِ بِالتَّكْبِيرِ إذْ يُسَنُّ مَدُّهُ إلَى تَمَامِ الِانْتِصَابِ، وَيُسِرُّ بِهِمَا أَيْ بِالتَّعَوُّذِ وَالِافْتِتَاحِ نَدْبًا فِي السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ الْمُسْتَحَبَّةِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ سَمِيعًا قَوْلُهُ: (أَيْ إذَا أَرَدْت قِرَاءَتَهُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ التَّعْبِيرِ عَنْ إرَادَةِ الْفِعْلِ بِالْفِعْلِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَيْهِ سُؤَالٌ وَهُوَ أَنَّ الْإِرَادَةَ إذَا أُخِذَتْ مُطْلَقًا أَيْ مُتَّصِلَةً بِالْقِرَاءَةِ أَوْ لَا لَزِمَ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِعَاذَةِ بِمُجَرَّدِ إرَادَةِ الْقِرَاءَةِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْقِرَاءَةَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَقْرَأَ اُسْتُحِبَّ لَهُ الِاسْتِعَاذَةُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ أُخِذَتْ الْإِرَادَةُ بِشَرْطِ اتِّصَالِهَا بِالْقِرَاءَةِ اسْتَحَالَ الْعِلْمُ بِوُقُوعِهَا أَيْ الْإِرَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْقِرَاءَةِ، وَيَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ اسْتِحْبَابُهَا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: بَقِيَ عَلَيْهِ قِسْمٌ آخَرُ بِاخْتِيَارِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ وَذَلِكَ أَنَّا نَأْخُذُهَا مُقَيَّدَةً بِأَنْ لَا يَعِنَّ لَهُ صَارِفٌ عَنْ الْقِرَاءَةِ اهـ عَنَانِيٌّ قَوْلُهُ: (فَقُلْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَى الِاسْتِعَاذَةِ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ، كَأَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَفْضَلُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لِمُوَافَقَةِ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨] . وَلِمَا رُوِيَ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَرَأْت عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت: أَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، فَقَالَ لِي: قُلْ يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. هَكَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>