للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ عِنْدَك الْجَدُّ لِلِاتِّبَاعِ. وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَيُسِرُّ بِرَبَّنَا لَك الْحَمْدُ وَيُسِرُّ غَيْرُهُ بِهِمَا. نَعَمْ الْمُبَلِّغُ يَجْهَرُ بِمَا يَجْهَرُ بِهِ الْإِمَامُ وَيُسِرُّ بِمَا يُسِرُّ بِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهُ نَاقِلٌ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ شَارِحِي الْمِنْهَاجِ وَبَالَغَ بَعْضُهُمْ فِي التَّشْنِيعِ عَلَى تَارِكِ الْعَمَلِ بِهِ بَلْ اسْتَحْسَنَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَالَ: يَنْبَغِي مَعْرِفَتُهَا لِأَنَّ غَالِبَ عَمَلِ النَّاسِ عَلَى خِلَافِهِ اهـ. وَتَرْكُ هَذَا مِنْ كَثْرَةِ جَهْلِ الْأَئِمَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ.

(وَ) الْعَاشِرَةُ (التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ) بِأَنْ يَقُولَ: " سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ " ثَلَاثًا لِلِاتِّبَاعِ، وَيَزِيدُ مُنْفَرِدٌ وَإِمَامُ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ: " اللَّهُمَّ لَك رَكَعْت وَبِك آمَنْتُ وَلَك أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَك سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي وَمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَبْدٍ وَاحِدٍ وَقَلْبٍ وَاحِدٍ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ. أَوْ يُقَالُ أُفْرِدَ بِالنَّظَرِ لِلَفْظِ كُلُّ لِأَنَّهُ يَجُوزُ مُرَاعَاةُ لَفْظِهَا وَمُرَاعَاةِ مَعْنَاهَا قَالَ تَعَالَى {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم: ٩٥] وَقَالَ تَعَالَى {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} [النمل: ٨٧] . اهـ. ق ل بِزِيَادَةٍ قَوْلُهُ: (لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت) مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ تَرْكِ تَنْوِينِ اسْمِ لَا، أَعْنِي مَانِعَ وَمُعْطِيَ مَعَ أَنَّهُ عَامِلٌ فِيمَا بَعْدَهُ مُوَافِقٌ لِلرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ الْمُوجِبِينَ تَنْوِينَهُ. وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ عَمَلِهِ هُنَا فِيمَا بَعْدَهُ بِأَنْ يُقَدَّرَ لَهُ عَامِلٌ، أَيْ لَا مَانِعَ يَمْنَعُ لِمَا أَعْطَيْت وَاللَّامُ لِلتَّقْوِيَةِ، أَوْ يُخَرَّجُ عَلَى لُغَةِ الْبَغْدَادِيِّينَ فَإِنَّهُمْ يَتْرُكُونَ تَنْوِينَ الشَّبِيهِ بِالْمُضَافِ وَيُجْرُونَهُ مَجْرَى الْمُفْرَدِ فِي بِنَائِهِ عَلَى الْفَتْحِ سم ز ي قَوْلُهُ (ذَا الْجَدِّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَعْنَى الْغِنَى وَيُرْوَى بِالْكَسْرِ بِمَعْنَى الِاجْتِهَادِ، وَقَوْلُهُ: مِنْك أَيْ عِنْدَك أَيْ لَا يَنْفَعُ صَاحِبَ الْغِنَى عِنْدَك غِنَاهُ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَنْفَعُهُ عِنْدَك رِضَاك وَرَحْمَتُك لَا غَيْرُ، وَتَفْسِيرُ مِنْك بِمَعْنَى عِنْدَك ذَكَرَهُ الْأَزْهَرِيُّ

قَوْلُهُ: (وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ) أَيْ عِنْدَ الْحَاجَةِ. قَوْلُهُ: (بَلْ اسْتَحْسَنَهُ) أَيْ التَّشْنِيعَ.

قَوْلُهُ: (مَعْرِفَتُهَا) أَيْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ الْجَهْرُ بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مِنْ الْإِمَامِ وَالْمُبَلِّغِ وَالْإِسْرَارُ بِرَبَّنَا لَك الْحَمْدُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ كَثْرَةِ جَهْلِ الْأَئِمَّةِ) أَيْ إنْ كَانُوا شَافِعِيَّةً. وَقَوْلُهُ: وَالْمُؤَذِّنِينَ أَيْ الْمُبَلِّغِينَ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ يُبَلِّغُ. وَعِبَارَةُ حَجّ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ التَّبْلِيغَ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ حَيْثُ بَلَغَ الْمَأْمُومِينَ صَوْتُ الْإِمَامِ، لِأَنَّ السُّنَّةَ حِينَئِذٍ فِي حَقِّهِ أَنْ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ وَمُرَادُهُ بِكَوْنِهِ بِدْعَةً أَنَّهُ مَكْرُوهٌ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ فَأَخَذَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اهـ.

قَوْلُهُ: (سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ) وَيُسْتَحَبُّ زِيَادَةُ وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا، وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِمَرَّةٍ وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ ثُمَّ خَمْسٌ ثُمَّ سَبْعٌ ثُمَّ تِسْعٌ ثُمَّ إحْدَى عَشْرَةَ وَهُوَ الْأَكْمَلُ لِلْمُنْفَرِدِ وَإِمَامِ مَحْصُورِينَ بِشَرْطِهِمْ، أَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لِلتَّخْفِيفِ عَلَى الْمُقْتَدِينَ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ لَك رَكَعْتُ) قَدَّمَ الظَّرْفَ هُنَا وَأَخَّرَهُ فِي قَوْلِهِ: خَشَعَ لَك سَمْعِي إلَخْ هَلْ لِهَذَا مِنْ نُكْتَةٍ؟ سَأَلْت شَيْخَنَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَتْ الْعِبَادَةُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ لِغَيْرِ اللَّهِ بِجَمِيعِ ذَاتِهِمْ، قَدَّمَ الظَّرْفَ لِقَصْدِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ إذْ تَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ يُفِيدُ الْحَصْرَ، وَلَمَّا لَمْ تَحْصُلْ الْعِبَادَةُ مِنْهُمْ بِالْخُشُوعِ بِالسَّمْعِ وَنَحْوِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَقْدِيمٍ بَلْ بَقِيَ عَلَى أَصْلِ تَأْخِيرِ الْمَعْمُولِ اهـ. وَهُوَ بِمَكَانٍ مِنْ الدِّقَّةِ وَالنَّفَاسَةِ اهـ اج بِاخْتِصَارٍ.

قَوْلُهُ: (وَبِك آمَنْتُ) فَإِنْ قِيلَ: يَرِدُ عَلَى الْحَصْرِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ تَقْدِيمِ الْمَعْمُولِ الْإِيمَانُ بِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِمْ كَالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكُتُبِ قُلْت: يُجَابُ بِأَنَّ الْإِيمَانَ بِمَا أَوْجَبَهُ إيمَانٌ بِهِ أَوْ الْمُرَادُ الْحَصْرُ الْإِضَافِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ عَبَدَ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (خَشَعَ إلَخْ) يَقُولُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَعَبَّدٌ بِهِ وِفَاقًا لَمْ ر. وَقَالَ حَجّ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى الْخُشُوعَ عِنْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا يَكُونُ كَاذِبًا مَا لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ بِصُورَةِ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ. قَالَ الْمَدَابِغِيُّ: وَفِيهِ مِنْ الْمُبَالَغَةِ مَا لَا مَزِيدَ لِأَنَّ الْخَاشِعَ هُوَ الشَّخْصُ بِجُمْلَتِهِ لَا أَبْعَاضُهُ، فَإِسْنَادُ الْخُشُوعِ لِلسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَنَحْوِهِمَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْخُشُوعَ يَشْمَلُ جَمِيعَ أَعْضَائِهِ وَأَبْعَاضِهِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ إضَافَةَ الْخُشُوعِ الَّذِي هُوَ حُضُورُ الْقَلْبِ وَسُكُونُ الْجَوَارِحِ لِهَذِهِ الْحَوَاسِّ لِأَنَّهَا آلَتُهُ، فَهِيَ إضَافِيَّةٌ مَجَازِيَّةٌ وَالْمُتَّصِفُ بِهِ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْهَيْكَلُ الْإِنْسَانِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>