للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي " لِلِاتِّبَاعِ. وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ غَيْرِ الْقِيَامِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

(وَ) الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ التَّسْبِيحُ فِي (السُّجُودِ) بِأَنْ يَقُولَ: " سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى " ثَلَاثًا لِلِاتِّبَاعِ. وَيَزِيدُ مُنْفَرِدٌ وَإِمَامُ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ: " اللَّهُمَّ لَك سَجَدْتُ وَبِك آمَنْتُ وَلَك أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

جَمِيعُهُ، لَكِنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْقَلْبِ بِدَلِيلِ «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ رَآهُ يَعْبَثُ فِي صَلَاتِهِ: لَوْ سَكَنَ قَلْبُ هَذَا لَسَكَنَتْ جَوَارِحُهُ» وَالسَّمْعُ أَفْضَلُ مِنْ الْبَصَرِ قَوْلُهُ: (وَمُخِّي) يُطْلَقُ الْمُخُّ عَلَى الْوَدَكِ أَيْ الشَّحْمِ الَّذِي فِي الْعَظْمِ وَعَلَى خَالِصِ كُلِّ شَيْءٍ وَعَلَى الدِّمَاغِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَيُمْكِنُ إرَادَةُ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَيُرَادُ بِالْمَعْنَى الثَّانِي الْقَلْبُ لِأَنَّهُ خَالِصُ الْبَدَنِ وَسُلْطَانُهُ قَوْلُهُ: (وَعَصَبِي) وَبَعْدَهُ وَشَعْرِي وَبَشَرِي وَفِي آخِرِهِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ وَالْمُحَرَّرِ.

قَوْلُهُ: (قَدَمِي) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْيَاءِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ وَإِلَّا لَقَالَ قَدَمَايَ، وَهُوَ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ وَالْقَدَمُ مُؤَنَّثَةٌ قَالَ تَعَالَى: {فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا} [النحل: ٩٤] وَلَا يَصِحُّ هُنَا التَّشْدِيدُ لِفَقْدِ أَلِفِ الرَّفْعِ عَمِيرَةُ. لَا يُقَالُ: يَصِحُّ مُثَنًّى عَلَى لُغَةِ هُذَيْلٍ مِنْ قَلْبِ الْأَلِفِ يَاءً لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْمَقْصُورِ الْمُضَافِ لِيَاءِ الْمُتَكَلِّمِ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ.

وَفِي الْمَقْصُورِ عَنْ هُذَيْلٍ انْقِلَابُهَا يَاءً حَسَنٌ

، وَكَنَّى بِالْقَدَمِ عَنْ الذَّاتِ، وَعَبَّرَ عَنْهَا بِهِ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ تُنَالُ بِهَا غَالِبًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْجَارِحَةَ وَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ، وَنُكْتَتُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْأَعْمَالَ تُنَالُ بِهَا كَمَا قَالَهُ الْبَابِلِيُّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ ذِكْرِ الْكُلِّ بَعْدَ الْجُزْءِ وَنَصَّ عَلَى الْأَجْزَاءِ أَوَّلًا لِخَفَاءِ دُخُولِهَا فِي الْقَدَمِ كَمَا فِي الْإِطْفِيحِيِّ، وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ خَشَعَ لَك سَمْعِي وَبَصَرِي إلَخْ لِلتَّوْكِيدِ قَوْلُهُ: (وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي الرُّكُوعِ) أَيْ بِقَصْدِهَا لِأَنَّ الرُّكُوعَ مَحَلُّ الذِّكْرِ فَيَكُونُ صَارِفًا عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الدُّعَاءَ أَوْ أَطْلَقَ، وَعِبَارَةُ ق ل وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ إنْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهَا وَإِلَّا فَلَا لِلصَّارِفِ كَمَا فِي الْجَنَابَةِ اهـ. فَإِنْ قُلْت: لِمَ أَوْجَبُوا الذِّكْرَ فِي قِيَامِ الصَّلَاةِ وَجُلُوسِ التَّشَهُّدِ وَلَمْ يُوجِبُوهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَعَ أَنَّ كُلًّا رُكْنٌ؟ قُلْت: لِأَنَّ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ يَقَعَانِ لِلْعِبَادَةِ وَالْعَادَةِ، فَاحْتَجْنَا إلَى ذِكْرٍ يُخْلِصُهُمَا لِلْعِبَادَةِ، وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ يَقَعَانِ لِلْعِبَادَةِ فَقَطْ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِمَا ذِكْرٌ. اهـ.

قَوْلُهُ: (سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى) وَمَنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ مَنْ تَرَكَهُ عَامِدًا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا جَبَرَ بِسُجُودِ السَّهْوِ قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ لَك سَجَدْتُ) قُدِّمَ لِلِاخْتِصَاصِ، وَلَوْ قَالَ: سَجَدْت لِلَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ خ ض. وَكَذَا لَوْ قَالَ سَجَدَ الْفَانِي لِلْبَاقِي لَمْ يَضُرَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالضَّرَرِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ اهـ شَرْحُ م ر. قَالَ ع ش: ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الثَّنَاءَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا قَصَدَ بِهِ الثَّنَاءَ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلَك أَسْلَمْتُ) أَيْ انْقَدْت أَوْ فَوَّضْت أَمْرِي. قَوْلُهُ: (سَجَدَ وَجْهِي) أَيْ وَكُلُّ بَدَنِي، وَخَصَّ الْوَجْهَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ أَعْضَاءِ السَّاجِدِ، وَفِيهِ بَهَاؤُهُ وَتَعْظِيمُهُ فَإِذَا خَضَعَ وَجْهُهُ فَقَدْ خَضَعَ بَاقِي جَوَارِحِهِ اهـ خ ض. فَهُوَ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ الْوَجْهُ حَقِيقَةً وَيَلْزَمُ مِنْ سُجُودِهِ سُجُودُ بَاقِي بَدَنِهِ.

قَوْلُهُ: (لِلَّذِي خَلَقَهُ) أَيْ أَوْجَدَهُ مِنْ الْعَدَمِ وَصَوَّرَهُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ الْعَجِيبَةِ، أَيْ جَعَلَ لَهُ فَمًا وَعَيْنَيْنِ وَأَنْفًا وَأُذُنَيْنِ وَرَأْسًا وَيَدَيْنِ وَبَطْنًا وَرِجْلَيْنِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَعَطْفُ التَّصْوِيرِ عَلَى الْخَلْقِ مُغَايِرٌ ز ي، وَهُوَ أَعْنِي قَوْلَهُ: وَصَوَّرَهُ دَفْعٌ لِمَا قَدْ يُقَالُ إنَّهُ خَلَقَ مَادَّةَ الْوَجْهِ دُونَ صُورَتِهِ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ خ ض وَصَوَّرَهُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ الْعَجِيبَةِ الْبَدِيعَةِ قَالَ تَعَالَى {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: ٤] وَكَذَلِكَ صَرَّحُوا فِي الطَّلَاقِ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ تَكُونِي أَحْسَنَ مِنْ الْقَمَرِ فَأَنْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>