(يَقْرَبُ) لِوُضُوحِ عِبَارَتِهِ (عَلَى الْمُتَعَلِّمِ) أَيْ الْمُبْتَدِئِ فِي التَّعَلُّمِ شَيْئًا فَشَيْئًا (دَرْسُهُ) أَيْ بِسَبَبِ اخْتِصَارِهِ وَعُذُوبَةِ أَلْفَاظِهِ، (وَيَسْهُلُ) أَيْ يَتَيَسَّرُ (عَلَى الْمُبْتَدِئِ) أَيْ فِي طَلَبِ الْفِقْهِ (حِفْظُهُ) عَنْ ظَهْرِ غَيْبٍ لِمَا مَرَّ عَنْ الْخَلِيلِ: إنَّ الْكَلَامَ يُخْتَصَرُ لِيُحْفَظَ.
تَنْبِيهٌ: حَرْفُ الْمُضَارَعَةِ فِي الْفِعْلَيْنِ مَفْتُوحٌ
(وَ) سَأَلَنِي أَيْضًا بَعْضُ الْأَصْدِقَاءِ (أَنْ أُكْثِرَ فِيهِ مِنْ التَّقْسِيمَاتِ) لِمَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَالْحَذْفُ مِنْ الطُّولِ أَنْ لَا يُكَرِّرَ فَتَرْكُ التَّكْرِيرِ اخْتِصَارٌ وَتَرْكُ الْإِطْنَابِ إيجَازٌ اهـ سم. وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِتَرَادُفِ الِاخْتِصَارِ وَالْإِيجَازِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِلتَّأْكِيدِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِمَا مِنْ الْمُبَالَغَةِ لِلْقَطْعِ بِثُبُوتِ مَا هُوَ أَوْضَحُ وَأَوْجَزُ اهـ اج.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ) لَمْ يُعْلَمْ الْفَرْقُ مِنْ كَلَامِهِ إذْ لَمْ يُبَيِّنْ مَعْنَى النِّهَايَةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: عُلِمَ الْفَرْقُ مِنْ الْعَطْفِ إذْ هُوَ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ. أَوْ يُقَالُ عُلِمَ الْفَرْقُ مِنْ تَغَايُرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (يَقْرُبُ لِوُضُوحِ عِبَارَتِهِ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ) ، أَيْ يَسْهُلُ.
فَإِنْ قُلْت: هَذَا مُنَافٍ لِقَوْلِهِ فِي غَايَةِ الِاخْتِصَارِ. أُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ عِبَارَتُهُ وَاضِحَةٌ، فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ لِوُضُوحِ عِبَارَتِهِ فَهُوَ جَوَابٌ عَنْ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (أَيْ الْمُبْتَدِئِ فِي التَّعَلُّمِ) وَقَالَ سم أَيْ مُرِيدِ التَّعَلُّمِ قَوْلُهُ: (شَيْئًا فَشَيْئًا) أَخَذَهُ مِنْ التَّاءِ.
قَوْلُهُ: (دَرْسُهُ) أَيْ قِرَاءَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُ مَعْنَاهُ ع ش. هَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ لِوُضُوحِ عِبَارَتِهِ لِأَنَّ وُضُوحَ الْعِبَارَةِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْقِرَاءَةِ، فَالْأَوْلَى تَفْسِيرُ قَوْلِهِ دَرْسُهُ بِقَوْلِ الرَّحْمَانِيِّ أَيْ تَعْلِيمُهُ وَتَعَلُّمُهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (أَيْ بِسَبَبِ اخْتِصَارِهِ إلَخْ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ لِوُضُوحِ عِبَارَتِهِ أَيْ يُغْنِي عَنْهُ فِي التَّعْلِيلِ وَإِلَّا فَمَعْنَاهُمَا مُخْتَلِفٌ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ لِوُضُوحِ عِبَارَتِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ دَرْسُهُ. قَوْلُهُ: (وَعُذُوبَةِ أَلْفَاظِهِ) أَيْ حَلَاوَتِهَا فَفِيهِ اسْتِعَارَةٌ مَكْنِيَّةٌ وَتَخْيِيلٌ بِأَنَّ شَبَّهَ الْأَلْفَاظَ بِشَيْءٍ عَذْبٍ وَالْعُذُوبَةُ تَخْيِيلٌ.
قَوْلُهُ: (أَيْ يَتَيَسَّرُ عَلَى الْمُبْتَدِئِ) أَيْ وَعَلَى غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى وَخَصَّ الْمُبْتَدِئَ لِأَنَّهُ أَشَدُّ اعْتِنَاءً بِهِ مِنْ غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (حِفْظُهُ) الْحِفْظُ لُغَةً صَوْنُ الشَّيْءِ عَنْ الضَّيَاعِ وَاصْطِلَاحًا اسْتِحْضَارُهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ ظَهْرِ غَيْبٍ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَوْ مِنْ إضَافَةِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ أَيْ غَيْبٍ كَالظَّهْرِ فِي الْقُوَّةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ.
قَوْلُهُ: (حَرْفُ الْمُضَارَعَةِ إلَخْ) وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمُضَارِعَ يُضَمُّ أَوَّلُهُ إنْ كَانَ مَاضِيهِ رُبَاعِيًّا وَيُفْتَحُ فِي غَيْرِهِ. قَالَ الْعِمْرِيطِيُّ فِي نَظْمِ الْأَجْرُومِيَّةِ:
وَافْتَتَحُوا مُضَارِعًا بِوَاحِدْ ... مِنْ أَحْرُفٍ أَرْبَعَةٍ زَوَائِدْ
هَمْزٌ وَنُونٌ ثُمَّ يَاءٌ ثُمَّ تَا ... يَجْمَعُهَا قَوْلُك أَنَيْت يَا فَتَى
وَحَيْثُ كَانَتْ فِي رُبَاعِيٍّ تُضَمّْ ... وَفَتْحُهَا فِيمَا سِوَاهُ مُلْتَزَمْ
قَوْلُهُ: (وَسَأَلَنِي إلَخْ) لَمْ يُقَدِّرْهُ فِي سَابِقِهِ وَهُوَ يَقْرُبُ وَلَعَلَّهُ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ فِي صِفَاتِ الْمُخْتَصَرِ الْمَسْئُولِ فِيهِ لَمْ يُصَرِّحْ السَّائِلُ بِهِ، وَيُمْكِنُ أَنَّ السَّائِلَ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْضًا وَلَعَلَّ التَّصْرِيحَ فِي الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ سَأَلَنِي وَإِعَادَةُ الشَّيْخِ لَهُ هُنَا لِلْإِشَارَةِ إلَى تَغَايُرِ الْمَوْصُوفَيْنِ. إذْ الْأَوَّلُ مِنْ أَوْصَافِ الْمُخْتَصَرِ، وَالثَّانِي مِنْ أَوْصَافِ الْمُصَنَّفِ وَالصِّنَاعَةُ تَقْتَضِي ذَلِكَ أَيْضًا ع ش قَوْلُهُ: (مِنْ التَّقْسِيمَاتِ) جَمْعُ تَقْسِيمَةٍ بِمَعْنَى الْمَرَّةِ مِنْ التَّقْسِيمِ، أَوْ جَمْعُ تَقْسِيمٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ وَصْفٌ لِغَيْرِ الْعَاقِلِ وَهُوَ الْمُخْتَصَرُ فَيَنْقَاسُ فِيهِ جَمْعُ الْمُؤَنَّثِ السَّالِمُ نَحْوُ: قَوْلُهُ: {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} [سبأ: ١٣] {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} [سبأ: ١١] قَالَ النَّاظِمُ:
وَقِسْهُ فِي ذِي التَّا وَنَحْوِ ذِكْرَى
وَدِرْهَمٍ مُصَغَّرٍ وَصَحْرَا ... وَزَيْنَبَ وَوَصْفِ غَيْرِ الْعَاقِلْ
وَغَيْرُ ذَا مُسَلَّمٌ لِلنَّاقِلْ
وَالتَّقْسِيمُ لُغَةً التَّفْرِيقُ وَاصْطِلَاحًا ضَمُّ قُيُودٍ إلَى أَمْرٍ مُشْتَرَكٍ لِتَحْصِيلِ أُمُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ هِيَ أَقْسَامٌ لِذَلِكَ الْأَمْرِ الْمُشْتَرَكِ كَالْمَاءِ، فَإِذَا ضَمَمْت إلَيْهِ الْمُطْلَقَ صَارَ قِسْمًا، وَإِذَا ضَمَمْت إلَيْهِ الْمُسْتَعْمَلَ صَارَ قِسْمًا، وَإِذَا ضَمَمْت إلَيْهِ الْمُتَنَجِّسَ صَارَ