الْوَقْتِ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ قَلِيلُ الْجَمْعِ لَيْسَ فِي أَرْضِهِ شُبْهَهٌ وَكَثِيرُ الْجَمْعِ بِخِلَافِهِ لِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ عَلَيْهِ فَالسَّلَامَةُ مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى، وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ وَالْمَأْمُومُ بَطِيئَهَا لَا يُدْرِكُ مَعَهُ الْفَاتِحَةَ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَالْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ إمَامٍ بَطِيءِ الْقِرَاءَةِ وَإِدْرَاكُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ فَضِيلَةٌ، وَإِنَّمَا تَحْصُلُ بِالِاشْتِغَالِ بِالتَّحَرُّمِ عَقِبَ تَحَرُّمِ إمَامِهِ مَعَ حُضُورِهِ تَكْبِيرَةَ إحْرَامِهِ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ: «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكُبِّرُوا» وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ فَإِبْطَاؤُهُ بِالْمُتَابَعَةِ لِوَسْوَسَةٍ غَيْرِ ظَاهِرَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عُذْرٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْطَأَ لِغَيْرِ وَسْوَسَةٍ وَلَوْ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ كَالطَّهَارَةِ أَوْ لَمْ يَحْضُرْ تَكْبِيرَةَ إحْرَامِ إمَامِهِ أَوْ لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ.
وَتُدْرَكُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ مَعَهُ، أَمَّا الْجُمُعَةُ فَإِنَّهَا لَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمَا سَيَأْتِي.
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَلَا يَنْتَظِرُهُمْ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ الْوَقْتِ بِجَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ أَفْضَلُ مِنْهَا آخِرَهُ بِجَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ اهـ وَمَنْ عَلَيْهِ إمَامَةُ مَسْجِدٍ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فِيهِ. وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ يُصَلِّي مَعَهُ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ الْمَيْسُورُ بِالْمَعْسُورِ، بِخِلَافِ مُدَرِّسٍ. لَمْ تَحْضُرْ طَلَبَتُهُ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّمَ بِلَا مُتَعَلِّمٍ ق ل عَلَى الْجَلَالِ
قَوْلُهُ: (لِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ) أَيْ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الَّذِي بَنَاهُ ظَالِمٌ مَشْهُورٌ بِالظُّلْمِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ مَحَلَّ الصَّلَاةِ بِعَيْنِهِ حَرَامٌ وَإِلَّا فَالصَّلَاةُ فِيهِ حَرَامٌ. وَلَوْ اسْتَوَى مَسْجِدًا جَمَاعَةٍ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ مَسَافَةً لِحُرْمَةِ الْجِوَارِ؛ ثُمَّ مَا انْتَفَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ عَنْ بَانِيهِ أَوْ وَاقِفِهِ أج قَوْلُهُ: (لِوَسْوَسَةٍ غَيْرِ ظَاهِرَةٍ) أَيْ خَفِيفَةٍ وَقَدْرُهَا بِأَنْ لَا تَكُونَ قَدْرَ مَا يَسَعُ رُكْنًا قَصِيرًا ق ل. وَقَالَ ح ل: حَيْثُ لَا يَكُونُ زَمَنُهَا يَسَعُ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ وَلَوْ طَوِيلًا وَقَصِيرًا مِنْ الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ وَإِلَّا كَانَتْ ظَاهِرَةً كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى التَّخَلُّفِ عَنْ الْإِمَامِ، وَلَوْ خَافَ فَوَاتَ هَذِهِ الْفَضِيلَةِ لَوْ لَمْ يُسْرِعْ فِي الْمَشْيِ لَمْ يُسْرِعْ بَلْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ لَوْ لَمْ يُسْرِعْ فَإِنَّهُ يُسْرِعُ وُجُوبًا كَمَا لَوْ خَشِيَ فَوْتَ الْجُمُعَةِ اهـ. وَقَوْلُهُ: بَلْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ: أَيْ وَفِي فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ قَصَدَ امْتِثَالَ الشَّارِعِ بِالتَّأَنِّي أَنْ يُثِيبَهُ عَلَى ذَلِكَ قَدْرَ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ أَوْ فَوْقَهَا كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر
قَوْلُهُ: (وَتُدْرَكُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُعِيدًا، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: وَيُسَنُّ لِلْمُفْتَرِضِ أَنْ لَا يَقْتَدِيَ بِالْمُتَنَفِّلِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَمَحَلُّهُ فِي النَّفْلِ الْمَحْضِ، أَمَّا الْمُعَادَةُ فَلَا لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي فَرْضِيَّتِهَا كَمَا ذَكَرَهُ م ر فِي الْفَتَاوَى. وَإِدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ: إدْرَاكُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَإِدْرَاكُ الْجُمُعَةِ وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ وَإِدْرَاكُ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ: وَتُدْرَكُ إلَخْ قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: لَا يُخْفَى أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ وَمَفْهُومُهُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَمَّا الْجُمُعَةُ إلَخْ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي إدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ لَمْ تُدْرَكْ الْجُمُعَةُ فَتَأَمَّلْ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّمَا قَيَّدَ فِي الْجُمُعَةِ بِالرَّكْعَةِ لِأَنَّهَا لَا تَحْصُلُ الْجَمَاعَةُ الْمُعْتَبَرَةُ لِصِحَّتِهَا إلَّا بِرَكْعَةٍ فَتَأَمَّلْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ عَلَى ابْنِ قَاسِمٍ قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ) أَيْ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي السَّلَامِ وَإِلَّا انْعَقَدَتْ فُرَادَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ م د. وَمِثْلُهُ س ل وأ ج لِأَنَّهُ بِالشُّرُوعِ فِي السَّلَامِ اخْتَلَّتْ الْقُدْوَةُ، وَقِيلَ تَنْعَقِدُ جَمَاعَةً وَقِيلَ تَبْطُلُ. وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: قَوْلُهُ لِإِدْرَاكِهِ رُكْنًا مَعَهُ وَلَوْ رُكْنَ السَّلَامِ بِأَنْ أَتَمَّ التَّكْبِيرَةَ قَبْلَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يُدْرِكْهَا بَلْ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ ق ل.
وَقَالَ الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ: تَنْعَقِدُ فُرَادَى وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي شَرْحِ م ر، فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَاحْفَظْهُ وَاحْذَرْ خِلَافَهُ. وَلَوْ أَحْرَمَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ سَبَقَهُ بِفَرَاغِ السَّلَامِ لَكِنْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ لِنَحْوِ سَهْوٍ عَلَيْهِ اسْتَمَرَّتْ الْقُدْوَةُ، وَعَلَى الْمَأْمُومِ مُوَافَقَتُهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ مَعَهُ) بِأَنْ سَلَّمَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ، فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ قَعَدَ الْمَأْمُومُ، فَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ عَامِدًا عَالِمًا بَلْ اسْتَمَرَّ قَائِمًا إلَى أَنْ سَلَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ، نَعَمْ يُغْتَفَرُ هَذَا التَّخَلُّفُ بِقَدْرِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ شَوْبَرِيٌّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute