للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُنْدَبُ أَنْ يُخَفِّفَ الْإِمَامُ مَعَ فِعْلِ الْأَبْعَاضِ وَالْهَيْئَاتِ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِتَطْوِيلِهِ مَحْصُورُونَ لَا يُصَلِّي وَرَاءَهُ غَيْرُهُمْ وَيُكْرَهُ التَّطْوِيلُ لِيَلْحَقَ آخَرُونَ سَوَاءٌ أَكَانَ عَادَتُهُمْ الْحُضُورَ أَمْ لَا، وَلَوْ أَحَسَّ الْإِمَامُ فِي رُكُوعٍ غَيْرِ ثَانٍ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَوْ فِي تَشَهُّدٍ أَخِيرٍ بِدَاخِلِ مَحَلِّ الصَّلَاةِ يَقْتَدِي بِهِ سُنَّ انْتِظَارُهُ لِلَّهِ تَعَالَى إنْ لَمْ يُبَالِغْ فِي الِانْتِظَارِ وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الدَّاخِلِينَ وَإِلَّا كُرِهَ، وَيُسَنُّ إعَادَةُ الْمَكْتُوبَةِ مَعَ غَيْرِهِ وَلَوْ وَاحِدًا فِي الْوَقْتِ، وَهَلْ تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ أَمْ لَا؟

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (مَعَ فِعْلِ الْأَبْعَاضِ وَالْهَيْئَاتِ) أَيْ جَمِيعِ مَا يُطْلَبُ مِنْ وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ بِحَيْثُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَقَلِّ كَتَسْبِيحَةٍ، وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ وَإِلَّا كُرِهَ بَلْ يَأْتِي بِأَدْنَى الْكَمَالِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ لِخَبَرِ «إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطِلْ مَا شَاءَ» . اهـ. م ر. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ «إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَالْمَرِيضَ وَذَا الْحَاجَةِ وَإِذَا صَلَّى» إلَخْ وَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَرْضَى) أَيْ تَظْهَرَ قَرِينَةُ رِضَاهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ، فَإِنْ ظَهَرَتْ قَرِينَةُ الرِّضَا وَلَوْ مَعَ سُكُوتِهِمْ نُدِبَ لَهُ التَّطْوِيلُ كَمَا فِي م ر. وَالْمُرَادُ بِالْمَحْصُورِينَ مَنْ لَا يُصَلِّي وَرَاءَهُ غَيْرُهُمْ وَلَوْ أَلْفًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ أج: إلَّا أَنْ يَرْضَى بِتَطْوِيلِهِ قَوْمٌ بِاللَّفْظِ لَا بِالسُّكُوتِ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ. قَالَ م ر: بَلْ مِثْلُ اللَّفْظِ السُّكُوتُ إذَا عَلِمَ رِضَاهُمْ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ قَوْلُهُ: (لَا يُصَلِّي وَرَاءَهُ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِلْمَحْصُورِينَ قَوْلُهُ: (لِيَلْحَقَ آخَرُونَ) أَيْ لَمْ يُحِسَّ بِهِمْ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَلَا أَحَسَّ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَحَسَّ) بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا قَبْلَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ يُكْرَهُ التَّطْوِيلُ إلَّا فِيمَا لَوْ أَحَسَّ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ انْتِظَارُ الْإِمَامِ لِمَنْ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ بِشُرُوطٍ تِسْعَةٍ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الِانْتِظَارُ فِي الرُّكُوعِ أَوْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَأَنْ لَا يَخْشَى فَوْتَ الْوَقْتِ، وَأَنْ يَكُونَ الَّذِي يَنْتَظِرُهُ. دَاخِلٌ مَحَلَّ الصَّلَاةِ دُونَ مَنْ هُوَ خَارِجُهَا، وَأَنْ يَنْتَظِرَهُ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِتَوَدُّدٍ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا كُرِهَ.

وَذَهَبَ الْفُورَانِيُّ إلَى حُرْمَتِهِ عِنْدَ قَصْدِ التَّوَدُّدِ وَأَنْ لَا يُبَالِغَ فِي الِانْتِظَارِ وَلَوْ بِضَمِّ انْتِظَارِ مَأْمُومٍ إلَى آخَرَ وَإِلَّا كُرِهَ، وَأَنْ لَا يُمَيِّزَ بَيْنَ الدَّاخِلِينَ، وَأَنْ يَظُنَّ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ ذَلِكَ الدَّاخِلُ، وَأَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يَرَى إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ بِالرُّكُوعِ، وَأَنْ يَظُنَّ أَنْ يَأْتِيَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ مِنْ كَوْنِهِ فِي الْقِيَامِ، وَالْإِمَامُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ الْمُنْفَرِدُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَأْتِي فِيهِ جَمِيعُ الشُّرُوطِ قَوْلُهُ: (بِدَاخِلٍ مَحَلَّ الصَّلَاةِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَحَسَّ بِهِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الدُّخُولِ فَلَا يَنْتَظِرُهُ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (سُنَّ انْتِظَارُهُ) وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُونَ لَمْ يَرْضَوْا بِالتَّطْوِيلِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ إلَخْ) قَيْدٌ فِي الْإِمَامِ لَا فِي غَيْرِهِ فَلِغَيْرِهِ انْتِظَارُهُ وَلَوْ بَالَغَ. وَمِثْلُهُ إمَامُ قَوْمٍ رَاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. م د. وَضَابِطُ الْمُبَالَغَةِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُطَوِّلَ تَطْوِيلًا لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ لَظَهَرَ أَثَرُهُ فِيهِ اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ. أَيْ لَوْ وُزِّعَ عَلَى الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَثَلًا لَعُدَّ كُلٌّ مِنْهَا تَطْوِيلًا فِي عُرْفِ النَّاسِ شَيْخُنَا. بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَا يَرَى إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ بِالرُّكُوعِ كَالْحَنَفِيِّ فَلَا يُسَنُّ انْتِظَارُهُ قَوْلُهُ: (غَيْرُ ثَانٍ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ) أَيْ لِمَنْ يُصَلِّي الْكُسُوفَ أَيْضًا أَمَّا غَيْرُهُ فَيُسَنُّ انْتِظَارُهُ فِي رُكُوعِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ رَكْعَةٌ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُمَيِّزْ) وَانْظُرْ مَا صُورَةُ الِانْتِظَارِ لِلَّهِ مَعَ التَّمْيِيزِ لِأَنَّهُ مَتَى مَيَّزَ لَمْ يَكُنْ الِانْتِظَارُ لِلَّهِ. وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الِانْتِظَارَ لِغَيْرِ اللَّهِ هُوَ التَّمْيِيزُ فَلْيُحَرَّرْ ح ل. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الِانْتِظَارِ لِلَّهِ لَكِنَّهُ انْتَظَرَ زَيْدًا مَثَلًا لِخِصَالِهِ الْحَمِيدَةِ وَلَمْ يَنْتَظِرْ عَمْرًا مَثَلًا لِفَقْدِ تِلْكَ الْخِصَالِ فِيهِ، فَالِانْتِظَارُ لِلَّهِ وُجِدَ مَعَ التَّمْيِيزِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا كَانَ يَتَصَدَّقُ لِلَّهِ وَيُعْطِي زَيْدًا لِكَوْنِهِ فَقِيرًا وَلَمْ يُعْطِ عَمْرًا لِكَوْنِهِ غَنِيًّا فَوُجِدَ هُنَا التَّمْيِيزُ مَعَ كَوْنِ التَّصَدُّقِ لِلَّهِ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ إعَادَةُ الْمَكْتُوبَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِعَادَةِ الْوَقْتُ وَلَوْ رَكْعَةً، وَالْجَمَاعَةُ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا. قَالَ ق ل: فَلَوْ انْفَرَدَ بِجُزْءٍ مِنْهَا وَلَوْ مِنْ آخِرِهَا لِنَحْوِ تَأْخِيرِ سَلَامِهِ عَنْ سَلَامِ إمَامِهِ بَطَلَتْ. وَقَالَ م ر: الْجَمَاعَةُ فِي الْمُعَادَةِ بِمَنْزِلَةِ الطَّهَارَةِ لَهَا وَنِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، وَأَنْ تَكُونَ الْأُولَى صَحِيحَةً وَإِنْ لَمْ تُغْنِهِ عَنْ الْقَضَاءِ، وَأَنْ تَكُونَ مَعَ مَنْ يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ أَوْ نَدْبَهَا، فَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ الْمُعِيدُ شَافِعِيًّا وَالْمَأْمُومُ حَنَفِيٌّ أَوْ مَالِكِيٌّ لَا يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ يَرَى بُطْلَانَ الصَّلَاةِ فَلَا قُدْوَةَ، وَأَنْ تُعَادَ مَرَّةً فَقَطْ.

وَقَالَ الْمُزَنِيّ: تُعَادُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً، وَكَانَ يَفْعَلُهَا كَذَلِكَ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْبَكْرِيُّ: تُعَادُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ وَأَنْ تَكُونَ مَكْتُوبَةً أَوْ نَافِلَةً تُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ مَا عَدَا الْوِتْرَ لِخَبَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>