(وَ) الثَّالِثُ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ (الْوَقْتُ) وَهُوَ وَقْتُ الظُّهْرِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَيُشْتَرَطُ الْإِحْرَامُ بِهَا وَهُوَ (بَاقٍ) بِحَيْثُ يَسَعُهَا جَمِيعَهَا. (فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ) أَوْ ضَاقَ عَنْهَا وَعَنْ خُطْبَتَيْهَا أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ (أَوْ عُدِمَتْ الشُّرُوطُ) أَيْ شُرُوطُ صِحَّتِهَا أَوْ بَعْضُهَا كَأَنْ فُقِدَ الْعَدَدُ أَوْ الِاسْتِيطَانُ (صُلِّيَتْ) حِينَئِذٍ (ظُهْرًا) كَمَا لَوْ فَاتَ شَرْطُ الْقَصْرِ يَرْجِعُ إلَى الْإِتْمَامِ فَعُلِمَ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ لَا تُقْضَى جُمُعَةً بَلْ ظُهْرًا، أَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُمْ فِيهَا وَجَبَ الظُّهْرُ بِنَاءً إلْحَاقًا لِلدَّوَامِ بِالِابْتِدَاءِ فَيُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، وَأَمَّا الْمَسْبُوقُ الْمُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ مِنْهَا رَكْعَةً فَهُوَ كَغَيْرِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ. فَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ سَلَامِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ ظُهْرٌ بِنَاءً وَإِنْ كَانَتْ تَابِعَةُ الْجُمُعَةِ صَحِيحَةً، وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ الْأُولَى وَتِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ فِي الْوَقْتِ وَسَلَّمَهَا الْبَاقُونَ خَارِجَهُ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ، أَمَّا الْمُسَلِّمُونَ خَارِجَهُ أَوْ فِيهِ لَوْ نَقَصُوا عَنْ أَرْبَعِينَ كَأَنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فِيهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَعَهُ أَوْ بَعْضُهُمْ خَارِجَهُ فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ فَإِنْ قِيلَ: لَوْ تَبَيَّنَ حَدَثُ الْمَأْمُومِينَ دُونَ الْإِمَامِ صَحَّتْ جُمُعَتُهُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَيَانِ مَعَ عَدَمِ انْعِقَادِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالْجُمُعَةُ لَا يَبْعُدُ أَنَّهَا كَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الصَّلَاةِ؛ وَلِهَذَا لَوْ خَطَبَ الْخَطِيبُ قَاعِدًا وَبَانَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ لَا يَضُرُّ م ر.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ) أَيْ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا وَلَوْ بِخَبَرِ عَدْلٍ بِخُرُوجِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ عَمَلًا بِخَبَرِ الْعَدْلِ كَمَا فِي غَالِبِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، وَمِنْ ثَمَّ رَجَّحَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ وَأَلْحَقَ بِهِ الْفَاسِقَ إذَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الشَّكِّ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ احْتِيَاطًا لِانْعِقَادِهَا وَيَضُرُّ فِي الِابْتِدَاءِ فَيَمْنَعُ الِانْعِقَادَ كَمَا قَالَهُ الرَّحْمَانِيُّ. وَعِبَارَةُ ابْنِ شَرَفٍ: فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَيْ يَقِينًا لَا ظَنًّا حَتَّى لَوْ ظَنَّ أَنَّ الْوَقْتَ لَا يَسَعُهَا لَمْ تَنْقَلِبْ ظُهْرًا إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ يَأْكُلَ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَأَتْلَفَهُ قَبْلَ الْغَدِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ، وَلَوْ نَوَى الْجُمُعَةَ إنْ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا وَإِلَّا فَالظُّهْرُ صَحَّتْ إنْ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْحَالِ قِيَاسًا عَلَى نَظِيرِهِ فِي الصَّوْمِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَرَفٍ وَمِثْلُهُ فِي م ر. وَخَالَفَ ابْنُ حَجَرٍ وَقَالَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ. وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَرَاجِعْهُ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَلَوْ شَكُّوا فِي خُرُوجِهِ فِي أَثْنَائِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ، فَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ الْأُولَى وَتِسْعَةً وَثَلَاثُونَ فِي الْوَقْتِ وَسَلَّمَهَا الْبَاقُونَ خَارِجَهُ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ فَقَطْ دُونَ الْمُسَلِّمِينَ خَارِجَهُ فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ، وَكَذَا جُمُعَةُ الْمُسَلِّمِينَ فِيهِ لَوْ نَقَصُوا عَنْ الْأَرْبَعِينَ. وَإِنَّمَا صَحَّتْ الْجُمُعَةُ لِلْإِمَامِ وَحْدَهُ فِيمَا لَوْ كَانُوا مُحْدِثِينَ دُونَهُ لِأَنَّ سَلَامَهُ وَقَعَ فِي الْوَقْتِ فَثَبَتَتْ فِيهِ صُورَةُ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ السَّلَامِ؛ وَلِأَنَّ الْمُحْدِثَ تَصِحُّ صَلَاتُهُ فِيمَا إذَا فَقَدْ الطَّهُورَيْنِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ خَارِجَ الْوَقْتِ؛ وَلِأَنَّهُ هُنَا مُقَصِّرٌ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَى خُرُوجِ بَعْضِهَا عَنْ الْوَقْتِ بِخِلَافِهِ فِي ذَلِكَ اهـ شَرْحِ م ر.
قَوْلُهُ: (أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ) أَيْ الْخُرُوجِ أَوْ الضِّيقِ أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا، فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ أَيْ وَهُمْ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (صُلِّيَتْ ظُهْرًا) قَالَ سم: لَا يَخْفَى مَا فِي إعَادَةِ الضَّمِيرِ إلَى الْجُمُعَةِ مِنْ التَّجَوُّزِ، إذْ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ الْجُمُعَةِ تُصَلَّى ظُهْرًا؛ لَكِنَّهُ أَعَادَهُ إلَيْهَا نَظَرًا لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ أَوَّلًا. وَيُمْكِنُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي صُلِّيَتْ عَائِدٌ عَلَى الصَّلَاةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ الْمَقَامِ لَا لِلْجُمُعَةِ، وَلَوْ قَالَ صُلِّيَ الظُّهْرُ بِحَذْفِ التَّاءِ لَسَلِمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ فِي إعَادَةِ الضَّمِيرِ مُؤَنَّثًا.
تَنْبِيهٌ: لَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا صَحَّتْ إنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ، وَمِثْلُهُ تَرْكُ بَعْضِهِمْ الْقِرَاءَةَ أَوْ الْبَسْمَلَةَ كَمَا يَقَعُ فِي الْأَرْيَافِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ الْمَالِكِيَّةِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ عَمِيرَةُ.
قَوْلُهُ (بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ) أَيْ وَهُمْ فِيهَا كَمَا هُوَ الْفَرْضُ أَمَّا لَوْ شَكُّوا فِي خُرُوجِ الْوَقْتِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامُ بِالظُّهْرِ، فَلَوْ أَحْرَمُوا عِنْدَ الشَّكِّ بِالظُّهْرِ فَبَانَتْ سَعَةَ الْوَقْتِ تَعَيَّنَ عَدَمُ انْعِقَادِ الظُّهْرِ سم عَلَى حَجّ. قَالَ ع ش: وَتَنْعَقِدُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا. قُلْتُ: مَحَلُّهُ إنْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ مِنْ نَوْعِهَا وَإِلَّا وَقَعَتْ عَنْهَا اهـ أج.
قَوْلُهُ: (وَتِسْعَةٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ (فِي الْوَقْتِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ سَلَّمَ قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْضُهُمْ) أَيْ بَعْضُ مَنْ مَعَهُ.
قَوْلُهُ: (فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ) أَيْ الْجَمِيعِ حَتَّى الْإِمَامِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ قِيلَ) وَارِدٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ جُمُعَةِ الْإِمَامِ.