للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ يُجْزِئُ أَنْ يَقْرَأَ بَيْنَ قِرَاءَتَيْهِمَا قَالَ: وَكَذَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُمَا وَنَقَلَ ابْنُ كَجٍّ ذَلِكَ عَنْ النَّصِّ صَرِيحًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُسَنُّ جَعْلُهَا فِي الْأُولَى، وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ نَزَلَ وَسَجَدَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كُلْفَةٌ، فَإِنْ خَشِيَ مِنْ ذَلِكَ طُولَ فَصْلٍ سَجَدَ مَكَانَهُ إنْ أَمْكَنَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ وَخَامِسُهَا: مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ دُعَاءٍ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِأُخْرَوِيٍّ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الدُّعَاءَ يَلِيقُ بِالْخَوَاتِيمِ وَلَوْ خَصَّ بِهِ الْحَاضِرِينَ كَقَوْلِهِ: رَحِمَكُمْ اللَّهُ كَفَى،

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ يُجْزِئُ أَنْ يَقْرَأَ بَيْنَ قِرَاءَتَيْهِمَا) هَذَا لَيْسَ زَائِدًا عَلَى قِرَاءَتِهِ آيَةً فِي إحْدَاهُمَا فَهُوَ تَأْيِيدٌ لَهُ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَتَى بِهِ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدُ، وَحِينَئِذٍ سَقَطَ اسْتِشْكَالُ الْمَرْحُومِيِّ حَيْثُ قَالَ مَا نَصُّهُ: كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُبَيِّنَ مَا فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ عُسْرِ الْفَهْمِ حَيْثُ ذَكَرَهُ أَوْ يُسْقِطَهُ كَمَا أَسْقَطَهُ غَيْرُهُ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا يَخْفَى أَنَّ فِي فَهْمِ هَذَا الْكَلَامِ عُسْرًا؛ لِأَنَّهُ إنْ أَتَى بِالْآيَةِ قَبْلَ الْفَصْلِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِالْجُلُوسِ فَقَدْ أَتَى بِهَا فِي الْأُولَى أَوْ بَعْدَ الْفَصْلِ فَقَدْ أَتَى بِهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا السُّنِّيَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا فَهِيَ حَالَةُ الْفَصْلِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ يَفْصِلُ بِالْجُلُوسِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ فَلَا تُجْزِئُ الْقِرَاءَةُ حَالَةَ الْجُلُوسِ لِأَنَّ شَرْطَهَا الْقِيَامُ لِكَوْنِهَا مِنْ الْأَرْكَانِ وَإِنْ كَانَ يَفْصِلُ بِالسُّكُوتِ لِكَوْنِهِ يَخْطُبُ مِنْ جُلُوسٍ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ فَلَا تُتَصَوَّرُ الْقِرَاءَةُ حَالَةَ السُّكُوتِ اهـ. قَالَ الْعَلَّامَةُ أج: قُلْتُ: كَلَامُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَهُ هَذَا الْقَائِلُ، إذْ قَوْلُهُ " أَنْ يَقْرَأَ بَيْنَ قِرَاءَتَيْهِمَا " أَيْ بَيْنَ قِرَاءَةِ أَحَدِهِمَا، أَيْ يُجْزِئُ قِرَاءَةُ الْآيَةِ بَيْنَ أَرْكَانِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: " وَكَذَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ إلَخْ " وَذَلِكَ التَّأْوِيلُ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: ٢٢] أَيْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْبَحْرُ الْمِلْحُ؛ فَالْمُرَادُ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ تَعَيُّنِ مَحَلِّهَا وَأَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْأَرْكَانِ غَيْرُ وَاجِبٍ، فَتَأَمَّلْهُ يَظْهَرْ لَك حُسْنُ كَلَامِ الْإِمَامِ الْمَاوَرْدِيُّ. وَرُدَّ قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي فَهْمِهِ عُسْرٌ وَقَوْلُهُ بَيْنَ قِرَاءَةِ إحْدَاهُمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ إضَافَةُ بَيْنَ لِمُفْرَدٍ مَعَ أَنَّهَا لَا تُضَافُ إلَّا لِمُتَعَدِّدٍ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْضًا، وَالتَّقْدِيرُ: بَيْنَ قِرَاءَةِ أَجْزَاءِ أَحَدِهِمَا، وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْخُطْبَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْأُولَى) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِهَا ح ل؛ أَيْ لِتَكُونَ فِي مُقَابَلَةِ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ. وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةٌ فِي كُلِّ خُطْبَةِ جُمُعَةٍ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ: وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْحَاضِرِينَ كَمَا لَمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي قِرَاءَةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَتْ السُّنَّةُ التَّخْفِيفَ، وَلَا يُجْزِئُ عَنْ الْخُطْبَةِ آيَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى الْأَرْكَانِ كُلِّهَا أَيْ مَا عَدَا الصَّلَاةِ هُنَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذْ لَيْسَ لَنَا آيَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْ لَفْظِ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُطْبَةً اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ) وَلَا يَجُوزُ السُّجُودُ لِلْحَاضِرَيْنِ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ سَجَدَ هُوَ أَمْ لَا ق ل؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا فَرَغَ قَبْلَهُمْ مِنْ السُّجُودِ فَيَكُونُونَ مُعْرِضِينَ عَنْهُ.

قَوْلُهُ (بِأُخْرَوِيٍّ) فَلَا يَكْفِي الدُّنْيَوِيُّ وَلَوْ لَمْ يَحْفَظْ الْأُخْرَوِيَّ. اهـ. م د. لَكِنْ قَالَ الْإِطْفِيحِيُّ: إنَّ الدُّنْيَوِيَّ يَكْفِي حَيْثُ لَمْ يَحْفَظْ الْأُخْرَوِيَّ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَجْزِ عَنْ الْفَاتِحَةِ، بَلْ مَا هُنَا أَوْلَى. وَجَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْغَزَالِيُّ بِتَحْرِيمِ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِمَغْفِرَةِ جَمِيعِ ذُنُوبِهِمْ وَعَدَمِ دُخُولِهِمْ النَّارَ، لِأَنَّا نَقْطَعُ بِخَبَرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَخَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ فِيهِمْ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ. وَأَمَّا الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٍ عَنْ نُوحٍ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} [نوح: ٢٨] الْآيَةَ فَإِنَّهُ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ لِأَنَّ الْأَفْعَالَ نَكِرَاتٌ وَيَجُوزُ قَصْدُ مَعْهُودٍ خَاصٍّ وَهُوَ أَهْلُ زَمَانِهِ مَثَلًا اهـ شَرْحُ م ر أج. وَأَيْضًا شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا.

قَوْلُهُ: (فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ) الْمُرَادُ الْمَفْعُولَةُ ثَانِيًا وَلَوْ عَلَى عَكْسِ التَّرْتِيبِ الْمَعْهُودِ، شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَصَّ بِهِ الْحَاضِرِينَ) عِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ: فَلَوْ خَصَّ أَرْبَعِينَ مِنْ الْحَاضِرِينَ كَفَى أَوْ دُونَهُمْ أَوْ غَيْرَهُمْ لَمْ يَكْفِ، فَذَكَرَ الْمُؤْمِنَاتِ فِي كَلَامِهِ لِلْكَمَالِ وَالتَّعْمِيمِ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْهُنَّ دَخَلْنَ تَغْلِيبًا اهـ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>