للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ مَا لَوْ خَصَّ بِهِ الْغَائِبِينَ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ.

وَلَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ بِعَيْنِهِ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي وَصْفِهِ مُجَازَفَةٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا يَجُوزُ وَصْفُهُ بِالصِّفَاتِ الْكَاذِبَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ بِالصَّلَاحِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْحَقِّ وَالْقِيَامِ بِالْعَدْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا عَرَبِيَّتَيْنِ، وَالْمُرَادُ أَرْكَانُهُمَا لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ وَلَمْ يُمْكِنْ تَعَلُّمُهَا خَطَبَ بِغَيْرِهَا أَوْ أَمْكَنَ تَعَلُّمُهَا وَجَبَ عَلَى الْجَمِيعِ عَلَى سَبِيلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَيَكْفِي فِي تَعَلُّمِهَا وَاحِدٌ.

وَأَنْ (يَقُومَ) الْقَادِرُ (فِيهِمَا) جَمِيعًا فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ خَطَبَ جَالِسًا (وَ) أَنْ (يَجْلِسَ بَيْنَهُمَا) لِلِاتِّبَاعِ بِطُمَأْنِينَةٍ فِي جُلُوسِهِ كَمَا فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.

وَمَنْ خَطَبَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَا لَوْ خَصَّ بِهِ الْغَائِبِينَ) كَأَنْ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ زَيْدًا وَعُمْرًا وَبَكْرًا وَكَانُوا غَائِبِينَ عَنْ الْمَسْجِدِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ع ش. قَالَ ابْنُ شَرَفٍ: وَلَوْ انْصَرَفَ مَنْ خَصَّهُمْ وَأَقَامَ الْجُمُعَةَ بِأَرْبَعِينَ غَيْرِهِمْ وَلَمْ يَدْعُ لَهُمْ كَفَى.

قَوْلُهُ: (وَلَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ بِعَيْنِهِ) أَيْ بِخُصُوصِهِ.

قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ فِي وَصْفِهِ مُجَازَفَةٌ) أَيْ مُبَالَغَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْحَدِّ كَأَنْ يَقُولَ: أَخْفَى أَهْلَ الشِّرْكِ وَالضَّلَالِ مَثَلًا كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَفِيهِ أَنَّ الْمُجَازَفَةَ فِي وَصْفِهِ لَيْسَتْ مِنْ الدُّعَاءِ حَتَّى يُحْتَرَزَ عَنْهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الدُّعَاءَ قَدْ يَشْتَمِلُ عَلَيْهَا، كَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ اُنْصُرْ السُّلْطَانَ الَّذِي أَخْفَى جَمِيعَ أَهْلِ الشِّرْكِ.

قَوْلُهُ: (مُجَازَفَةٌ) هِيَ الْمُبَالَغَةُ فِي الْأَوْصَافِ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَخْشَ مِنْ تَرْكِهَا ضَرَرًا وَفِتْنَةً وَإِلَّا وَجَبَتْ كَمَا فِي قِيَامِ بَعْضِهِمْ أَيْ النَّاسِ لِبَعْضٍ؛ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي خَوْفِ الْفِتْنَةِ غَلَبَةُ الظَّنِّ. اهـ. حَجّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدُّعَاءَ لِلسُّلْطَانِ بِخُصُوصِهِ مُبَاحٌ؛ وَلِذَا قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ. وَأَمَّا الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ عُمُومًا بِالصَّلَاةِ بِالصَّلَاحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْعَدْلِ فَسُنَّةٌ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ (وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ إلَخْ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَشْغَلُوا قُلُوبَكُمْ بِسَبِّ الْمُلُوكِ وَلَكِنْ تَقَرَّبُوا إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ لَهُمْ يُعَطِّفْ اللَّهُ تَعَالَى قُلُوبَهُمْ عَلَيْكُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا عَرَبِيَّتَيْنِ) وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ كَوْنِ أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ إنْ كَانَ فِي الْقَوْمِ عَرَبِيٌّ وَإِلَّا كَفَى كَوْنُهَا بِالْعَجَمِيَّةِ إلَّا فِي الْآيَةِ فَهِيَ كَالْفَاتِحَةِ، وَيَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ الْعَرَبِيَّةَ فَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّمْهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَصَوْا كُلُّهُمْ وَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّعَلُّمِ، بِرْمَاوِيٌّ. وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: قَوْلُهُ: " عَرَبِيَّةٌ " وَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ عَجَمًا، وَفَائِدَتُهَا الْعِلْمُ بِالْوَعْظِ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَوْلُهُ " الْجُمْلَةُ " أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ؛ قَالَهُ الرَّحْمَانِيُّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يُعْرَفَ بِقَرِينَةٍ أَنَّهُ وَاعِظٌ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مَا وَعَظَ بِهِ. وَقَوْلُهُ " فَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّمْهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَصَوْا كُلُّهُمْ " أَيْ وَلَا تَصِحُّ خُطْبَتُهُمْ قَبْلَ التَّعَلُّمِ فَيُصَلُّونَ ظُهْرًا. وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ إمْكَانِ التَّعَلُّمِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ خَطَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِلِسَانِهِ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ الْحَاضِرُونَ بِأَنْ اخْتَلَفَتْ لُغَاتُهُمْ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ أَحْسَنَ مَا أَحْسَنَهُ الْقَوْمُ فَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَخْطُبَ بِهِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ التَّرْجَمَةَ فَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا.

قَوْلُهُ: (لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ) السَّلَفُ الصَّحَابَةُ وَالْخَلَفُ مَنْ عَدَاهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ أَوْ السَّلَفُ الْمُتَقَدِّمُونَ وَقَالَ حَجّ: الْحَدُّ الْفَاصِلُ بَيْنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَالْمُتَأَخِّرِينَ الثَّلَاثُمِائَةِ أَوْ الْأَرْبَعُمِائَةِ. اهـ. رَحْمَانِيٌّ. قَوْلُهُ: (خَطَبَ بِغَيْرِهَا) أَيْ بِلُغَتِهِ وَلَوْ لَمْ يَفْهَمْهَا الْقَوْمُ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَحْسَنَ مَا يَفْهَمُونَهُ ز ي وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَا الْآيَةِ مِنْ الْأَرْكَانِ، أَمَّا هِيَ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يُتَرْجَمُ عَنْهُ فَلْيَنْظُرْ مَاذَا يَفْعَلُ حِينَئِذٍ. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا فِي الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ كَوْنِهِ يَأْتِي بَدَلَهَا بِذِكْرٍ ثُمَّ دُعَاءٍ ثُمَّ يَقِفُ بِقَدْرِهَا شَوْبَرِيٌّ. وَعِبَارَةُ م د: قَوْلُهُ " خَطَبَ بِغَيْرِهَا " أَيْ إنْ أَحْسَنَ أَحَدٌ مِنْهُمْ التَّرْجَمَةَ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ ذَلِكَ فَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا، فَلَوْ لَمْ يُحْسِنْ إلَّا بَعْضَ الْأَرْكَانِ أَتَى بِهِ اهـ. قَوْلُهُ: (فَيَكْفِي فِي تَعَلُّمِهَا وَاحِدٌ) فَلَوْ تَرَكُوا التَّعَلُّمَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَصَوْا وَلَا جُمُعَةَ فَيُصَلُّونَ الظُّهْرَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَقُومَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَعَدَّ الْقِيَامَ وَالْجُلُوسَ هُنَا شَرْطَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِجُزْءٍ مِنْ الْخُطْبَةِ، إذْ هِيَ الذِّكْرُ وَالْوَعْظُ؛ وَفِي الصَّلَاةِ رُكْنَيْنِ لِأَنَّهُمَا فِي جُمْلَةِ الْأَعْمَالِ وَهِيَ تَكُونُ أَذْكَارًا وَغَيْرَ أَذْكَارٍ اهـ. أَيْ لَمَّا كَانَ مُسَمَّى الصَّلَاةِ الْأَقْوَالَ وَالْأَفْعَالَ عِنْدَ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ مِنْ أَرْكَانِهَا وَمُسَمَّى الْخُطْبَةِ الْأَقْوَالَ جَعَلَ الْقِيَامَ وَالْجُلُوسَ شَرْطًا لَهَا. قَوْلُهُ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ) أَيْ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الصَّلَاةِ ق ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>