للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهَا لِتَقْصِيرِ الْقَوْمِ بِإِخْلَاءِ فُرْجَةٍ، لَكِنْ يُسَنُّ إذَا وَجَدَ غَيْرَهَا أَنْ لَا يَتَخَطَّى، فَإِنْ زَادَ فِي التَّخَطِّي عَلَيْهِمَا وَلَوْ مِنْ صَفٍّ وَاحِدٍ وَرَجَا أَنْ يَتَقَدَّمُوا إلَى الْفُرْجَةِ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ كُرِهَ لِكَثْرَةِ الْأَذَى وَمِنْهَا إذَا سَبَقَ الصِّبْيَانُ أَوْ الْعَبِيدُ أَوْ غَيْرُ الْمُسْتَوْطِنِينَ إلَى الْجَامِعِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْكَامِلِينَ إذَا حَضَرُوا التَّخَطِّي لِسَمَاعِ الْخُطْبَةِ إذَا كَانُوا لَا يَسْمَعُونَهَا مَعَ الْبُعْدِ.

وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ الْكَهْفَ فِي يَوْمِهَا وَلَيْلَتِهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَرَأَ الْكَهْفَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ: «مَنْ قَرَأَهَا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» وَيُكْثِرُ مِنْ الدُّعَاءِ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، أَمَّا يَوْمُهَا فَلِرَجَاءِ أَنْ يُصَادِفَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَالصَّحِيحُ فِي سَاعَةِ الْإِجَابَةِ مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ» قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ سَاعَةَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

التَّخَطِّي ق ل. وَلَيْسَ كَمَا ذُكِرَ، بَلْ الْمُرَادُ الرَّجُلُ وَلَا يَكُونُ إلَّا مِنْ صَفٍّ أَوْ الرَّجُلَانِ وَلَوْ مِنْ صَفَّيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. وَمِثَالُ تَخَطِّي الرَّجُلِ فَقَطْ مَا إذَا كَانَ فِي آخِرِ الصَّفِّ بِجَنْبِ الْحَائِطِ قَوْلُهُ: (بِإِخْلَاءِ فُرْجَةٍ) لَوْ قَالَ بِإِخْلَائِهَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَقَامَ لِلْإِضْمَارِ قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُسَنُّ) فَالتَّخَطِّي خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ زَادَ فِي التَّخَطِّي إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَتُفَارِقُ إبَاحَةَ التَّخَطِّي حَيْثُ قُيِّدَتْ بِمَا ذُكِرَ إبَاحَةُ خَرْقِ الصُّفُوفِ حَيْثُ لَمْ تَتَقَيَّدْ بِذَلِكَ بِأَنَّ فِي تَرْكِ خَرْقِهَا إدْخَالًا لِلنَّقْصِ عَلَى صَلَاتِهِ وَصَلَاتِهِمْ، بِخِلَافِ تَخَطِّي الرِّقَابِ فَإِنَّهُ إذَا صَبَرَ تَقَدَّمُوا عِنْدَ إقَامَةِ الصُّفُوفِ وَتَسْوِيَتِهَا لِلصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَ بِتَسْوِيَتِهَا كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مِنْ صَفٍّ) ذِكْرُ الْغَايَةِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ كَمَا قَالَهُ ق ل. وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِرَاضِهِ السَّابِقِ، وَقَدْ عَلِمْتَ رَدَّهُ. وَيُتَصَوَّرُ قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ صَفِّ وَاحِدٍ، بِمَا إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَاسْتَدَارُوا حَوْلَهَا فَإِنَّ الدَّائِرَةَ بِتَمَامِهَا صَفٌّ وَاحِدٌ وَحِينَئِذٍ فَيُتَصَوَّرُ التَّخَطِّي أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ مِنْ صَفٍّ وَاحِدٍ، فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (وَرَجَا أَنْ يَتَقَدَّمُوا) فَإِنْ لَمْ يَرْجُ سَدَّهَا فَلَا يُكْرَهُ التَّخَطِّي وَلَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ رَجُلَيْنِ قَوْلُهُ: (كُرِهَ) أَيْ إنْ وَجَدَ غَيْرَهَا أَوْ كَانَتْ بَعِيدَةً ق ل قَوْلُهُ: (إذَا كَانُوا لَا يَسْمَعُونَهَا) أَيْ أَرْكَانَ الْخُطْبَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ مَنْ يَقْعُدَ لَهُ فِي مَكَانِهِ لِيَقُومَ عَنْهُ إذَا قَدِمَ هُوَ وَلِغَيْرِهِ تَنْحِيَةُ فُرُشِ مَنْ بَعَثَهُ قَبْلَ حُضُورِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَحَدٌ وَالْجُلُوسُ فِي مَحَلِّهِ، لَكِنَّهُ إنْ رَفَعَهُ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ. نَعَمْ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ فَرْشِ السَّجَّادَاتِ بِالرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْفَجْرِ أَوْ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَبْلَ حُضُورِ أَصْحَابِهَا مَعَ تَأَخُّرِهِمْ إلَى الْخُطْبَةِ أَوْ مَا يُقَارِبُهَا لَا بُعْدَ فِي كَرَاهَتِهِ بَلْ يُقَالُ بِتَحْرِيمِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْجِيرِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِحُصُولِ ضَرَرٍ لِمَنْ نَحَّاهَا وَجَلَسَ فِي مَكَانِهَا، وَيُؤَيِّدُهُ حُرْمَةُ صَوْمِ الْمَرْأَةِ مَعَ حُضُورِ حَلِيلِهَا وَإِنْ جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهُ يَهَابُ قَطْعَ الصَّوْمِ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَهُ، وَبِهِ فَارَقَ مَنْ بَعَثَ مَنْ يَقْعُدُ لَهُ لِأَنَّ الْجَالِسَ بِهِ فَائِدَةٌ وَهِيَ إحْيَاءُ الْبُقْعَةِ اهـ شَرْحُ م ر أج.

قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ الْكَهْفَ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ شَذَّ فَكَرِهَ ذِكْرِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ سُورَةٍ، وَحِكْمَةُ تَخْصِيصِهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ فِيهَا أَهْوَالَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ يُشْبِهُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ اجْتِمَاعِ الْخَلْقِ وَلِأَنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَيْلَتُهَا) وَقِرَاءَتُهَا فِي الْيَوْمِ أَفْضَلُ مِنْ اللَّيْلِ وَفِي أَوَّلِهِ أَفْضَلُ مِنْ آخِرِهِ مُسَارَعَةً لِلْخَيْرِ مَا أَمْكَنَ. وَسُئِلَ الشَّمْسُ م ر عَمَّنْ قَرَأَ نِصْفَ الْكَهْفِ لَيْلًا وَنِصْفَهَا نَهَارًا: هَلْ يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ الْمَخْصُوصُ أَوْ لَا؟ أَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ الْمَخْصُوصُ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ لَهُ أَصْلُ الثَّوَابِ اهـ مِنْ الْفَتَاوَى. وَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ قِرَاءَتِهَا، وَأَقَلُّ الْإِكْثَارِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ؛ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَدْ وَرَدَ «أَنَّ مَنْ دَاوَمَ عَلَى الْعَشْرِ آيَاتِ أَوَّلَهَا أَمِنَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ» قَوْلُهُ: «أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ» إلَخْ كِنَايَةٌ عَنْ غُفْرَانِ الذُّنُوبِ أَوْ حُصُولِ الثَّوَابِ مَجَازًا ق ل قَوْلُهُ: (الْبَيْتُ الْعَتِيقُ) إنْ أُرِيدَ بِهِ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ فَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْكَعْبَةُ لَزِمَ زِيَادَةُ النُّورِ مَعَ زِيَادَةِ الْبُعْدِ عَنْهُ. قِيلَ: وَلَا مَانِعَ مِنْهُ. وَقِيلَ: الْأَقْرَبُ أَعْظَمُ مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةِ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، فَرَاجِعْهُ ق ل. وَقَوْلُهُ: " الْبَيْتُ الْعَتِيقُ أَيْ الْكَعْبَةُ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ الْكَعْبَةُ عَتِيقًا لِأَنَّ اللَّهَ أَعْتَقَهَا مِنْ الْجَبَابِرَةِ أَوْ مَعْنَاهُ الْقَدِيمُ أَوْ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهَا مِنْ الْغَرَقِ أَيَّامَ الطُّوفَانِ قَوْلُهُ: (مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ إلَخْ) أَيْ الْجُلُوسَ الْأَوَّلَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>