فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا فَيُسْقَوْنَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
(وَيُصَلِّي) الْإِمَامُ (بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (كَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ) فِي كَيْفِيَّتِهِمَا مِنْ التَّكْبِيرِ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ وَقَبْلَ التَّعَوُّذِ وَالْقِرَاءَةِ سَبْعًا فِي الْأُولَى، وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَوُقُوفُهُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ كَآيَةٍ مُعْتَدِلَةٍ، وَالْقِرَاءَةُ فِي الْأُولَى جَهْرًا بِسُورَةِ {ق} [ق: ١] ، وَفِي الثَّانِيَةِ {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر: ١] أَوْ سَبِّحْ وَالْغَاشِيَةُ قِيَاسًا لَا نَصًّا، وَلَا تُؤَقَّتُ بِوَقْتِ عِيدٍ وَلَا غَيْرِهِ، فَتُصَلَّى فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ لِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ فَدَارَتْ مَعَ سَبَبِهَا (ثُمَّ يَخْطُبُ) الْإِمَامُ (بَعْدَهُمَا) أَيْ الرَّكْعَتَيْنِ، وَتُجْزِئُ الْخُطْبَتَانِ قَبْلَهُمَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَيُبْدَلُ تَكْبِيرُهُمَا بِاسْتِغْفَارِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ سَعْدٍ: «أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ اسْتَسْقَى بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تَتَابَعَتْ عَلَيْهِمْ سُنُونَ أَهْلَكَتْهُمْ، فَسَمِعُوا قَائِلًا يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إنَّ فِيكُمْ نَبِيًّا آنَ أَوَانُ خُرُوجِهِ بِهِ يَأْتِيكُمْ الْحَيَا وَالْخِصْبُ، فَاخْرُجُوا إلَى جَبَلِ أَبِي قَيْسٍ، فَتَقَدَّمَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَمَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَفَعَ يَدَيْهِ يَدْعُو وَيَطْلُبُ الْغَوْثَ أَيْ الْإِجَابَةَ بِوَجْهِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ مُتَوَسِّلًا بِهِ فَسُقُوا» . وَلِذَلِكَ يَقُولُ فِيهِ عَبْدُ الْمُطَّلِب.
وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ
قَوْلُهُ: (قَحَطْنَا) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْحَاءِ، وَحَكَى الْفَرَّاءُ كَسْرَ الْحَاءِ، وَقُحِطَ عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ؛ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ح ف عَلَى ابْنِ حَجَرٍ عَلَى الْهَمَزِيَّةِ قَوْلُهُ: (وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَخْ) وَحِكْمَةُ تَوَسُّلِهِ بِهِ دُونَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَنَّهُ أَعْظَمُ وَسِيلَةً حَيًّا وَمَيِّتًا الْإِشَارَةُ إلَى رِفْعَةِ قَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُرْبِهِمْ مِنْ اللَّهِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ح ف فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ الْهَمَزِيَّةِ
قَوْلُهُ: (كَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تُزَادُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ. قَالَ الرَّحْمَانِيُّ: وَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ لَمْ تَنْعَقِدْ اهـ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ شَرْحِ الرَّمْلِيِّ: أَنَّهُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ، لَكِنْ لَمْ يَعْتَمِدْهُ ز ي لِكَوْنِهِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ: لَكِنْ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا، وَكَلَامُ الزِّيَادِيِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِكَلَامِ الرَّمْلِيِّ مِنْ غَيْرِهِ فَافْهَمْ قَوْلُهُ: (قِيَاسًا لَا نَصًّا) يَرْجِعُ لِسَبِّحْ وَالْغَاشِيَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِيهِمَا ضَعِيفٌ. وَعِبَارَةُ م ر: وَيَقْرَأُ فِي الْأُولَى جَهْرًا بِسُورَةِ " ق " وَفِي الثَّانِيَةِ " اقْتَرَبَتْ " أَوْ " سَبِّحْ وَالْغَاشِيَةَ " قِيَاسًا وَلِوُرُودِهِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَقِيلَ: يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ بَدَلَ " اقْتَرَبَتْ " {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: ١] لِاشْتِمَالِهَا عَلَى اسْتِغْفَارٍ وَنُزُولِ الْمَطَرِ اللَّائِقِينَ بِالْحَالِ. وَرَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ. عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا مَا يَقْرَأُ فِي الْعِيدِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تُؤَقَّتُ بِوَقْتِ عِيدٍ) أَيْ وَلَكِنْ لَا تُؤَقَّتُ، فَهُوَ فِي مَعْنَى الِاسْتِدْرَاكِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ. وَعِبَارَةُ عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى التَّحْرِيرِ: وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الِاخْتِلَافَ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهَا مُعَيَّنٌ وَأَنَّ أَكْثَرَ أَحْكَامِهَا كَالْعِيدِ، لَكِنَّهَا تُخَالِفُهُ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِيَوْمٍ مُعَيَّنٍ؛ وَهَلْ تُصْنَعُ بِاللَّيْلِ؟ اسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مِنْ كَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا بِالنَّهَارِ أَنَّهَا نَهَارِيَّةٌ كَالْعِيدِ، وَنَقَلَ ابْنُ قُدَامَةَ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهَا لَا تُصَلَّى فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ اهـ كَلَامُهُ، وَهُوَ مَرْجُوحٌ. وَاعْتَمَدَ خ ض نَقْلًا عَنْ م ر أَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهَا مَتَى شَاءَ وَلَوْ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ وَهُوَ الْحَاجَةُ فَدَارَتْ مَعَهُ كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَوَافَقَهُمْ الشَّارِحُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَخْطُبُ) أَيْ كَالْعِيدِ فِي الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ وَالسُّنَنِ. وَيُنْدَبُ أَنْ يَجْلِسَ أَوَّلَ مَا يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ ثُمَّ يَقُومَ لِيَخْطُبَ شَرْحُ م ر. فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِيَامُ فِيهِمَا، نَعَمْ إنْ نَذَرَهُمَا وَجَبَ الْقِيَامُ اهـ خ ض قَوْلُهُ: (وَتُجْزِئُ الْخُطْبَتَانِ قَبْلَهُمَا) وَلَا يُجْزِئُ الِاقْتِصَارُ عَلَى خُطْبَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَدَابِغِيُّ، خِلَافًا لِلرَّحْمَانِيِّ وَغَيْرِهِ حَيْثُ قَالُوا: لَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدَةٍ إلَّا بِالنَّذْرِ، فَلَا تَكْفِي وَاحِدَةٌ، وَلَا يَجِبُ الْقِيَامُ فِيهِمَا إلَّا إذَا نَذَرَهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ.
قَوْلُهُ: (وَيُبْدِلُ إلَخْ) وَيُبْدَلُ أَيْضًا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِطْرَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِسْقَاءِ اهـ م د.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute