تَعَذَّرَ كَأَنْ وَقَعَ فِي حُفْرَةٍ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ وَطُهْرُهُ لَمْ يُصْلَ عَلَيْهِ. وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ قَبْلَ تَكْفِينِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِازْدِرَاءِ بِالْمَيِّتِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ، كَالْمَكْتُوبَةِ بَلْ تُسَنُّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ شَيْئًا إلَّا شَفَّعَهُمْ اللَّهُ فِيهِ» وَيَكْفِي فِي إسْقَاطِ فَرْضِهَا ذَكَرٌ وَلَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، وَلِأَنَّ الصَّبِيَّ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لِلرَّجُلِ لَا غَيْرِهِ مِنْ خُنْثَى وَامْرَأَةٍ مَعَ وُجُودِ الذَّكَرِ لِأَنَّ الذَّكَرَ أَكْمَلُ مِنْ غَيْرِهِ فَدُعَاؤُهُ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ، وَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الدَّفْنِ، وَتَصِحُّ عَلَى قَبْرِ غَيْرِ نَبِيٍّ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَتَصِحُّ عَلَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا تَنْزِيلًا لِلْمَيِّتِ مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يُوجَدَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَحِلُّ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ، وَأَمَّا فِي الدَّوَامِ بِأَنْ رُفِعَتْ الْجِنَازَةُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَزَادَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى مَا ذَكَرَ أَوْ حَالَ حَائِلٌ فَلَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.
قَوْلُهُ: (كَالْمَكْتُوبَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ، أَيْ فِي الْجُمْلَةِ، فَلَا يُنَافِي اشْتِرَاطَهَا فِي بَعْضِهَا كَالْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَفِي الْمَجْمُوعَةِ بِالْمَطَرِ تَقْدِيمًا وَفِي الْمُعَادَةِ.
قَوْلُهُ: (مَا مِنْ رَجُلٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ.
قَوْلُهُ: (أَرْبَعُونَ رَجُلًا) هَذَا يَصْدُقُ بِصَلَاتِهِمْ فُرَادَى فَلَا يَدُلُّ عَلَى سَنِّ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُفْهَمُ مِنْهُ، فَرُبَّمَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ هَذَا الْعَدَدِ مَعَ أَنَّ الْمُدَّعَى أَعَمُّ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَيَكْفِي فِي إسْقَاطِ فَرْضِهَا ذَكَرٌ وَلَوْ صَبِيًّا) وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ؛ عِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ: وَيَسْقُطُ الْفَرْضُ بِصَلَاةِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ مَعَ وُجُودِ الرِّجَالِ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِمْ، وَفَارَقَ سُقُوطُ الْفَرْضِ هُنَا عَدَمَ سُقُوطِهِ بِهِ فِي رَدِّ السَّلَامِ بِأَنَّ السَّلَامَ شُرِعَ فِي الْأَصْلِ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَالِمٌ مِنْ الْآخَرِ وَآمِنٌ مِنْهُ، وَأَمَانُ الصَّبِيِّ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ صَلَاتِهِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الدُّعَاءُ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، وَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِصَلَاةِ النِّسَاءِ مَعَ ذَكَرٍ وَلَوْ صَبِيًّا لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْهُنَّ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَكْفِي فِي أَرْبَعَةٍ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، وَهِيَ: رَدُّ السَّلَامِ وَالْجَمَاعَةُ وَإِحْيَاءُ الْكَعْبَةِ بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ يَكْفِي فِيهِ الصَّبِيُّ كَالْجِنَازَةِ وَالْجِهَادِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْكَامِلِينَ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا) فَلَوْ حَضَرَ مَعَ امْرَأَةٍ كَانَ الْمُتَوَجَّهُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَمْرَهُ بِالصَّلَاةِ، كَالْوَلِيِّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَمْرُهُ بِالصَّلَاةِ وَالْخُنْثَى فِيمَا ذَكَرَ كَالْمَرْأَةِ؛ وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْخَنَاثَى لَا بُدَّ مِنْ صَلَاةِ الْجَمِيعِ فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِوَاحِدٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أُنْثَى وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ ذَكَرٌ. اهـ. ز ي.
قَوْلُهُ: (مَعَ وُجُودِ الذَّكَرِ) أَظْهَرُ فِي مَحِلِّ الْإِضْمَارِ لِلْإِيضَاحِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِوُجُودِهِ فِي مَحِلِّ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ لَا وُجُودِهِ مُطْلَقًا وَلَا فِي دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ شَرْحُ م ر أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فَتَلْزَمُهُنَّ وَيَسْقُطُ بِفِعْلِهِنَّ، وَتُسَنُّ لَهُنَّ الْجَمَاعَةُ كَمَا بَحَثَهُ زَكَرِيَّا وحج وَلَوْ حَضَرَ رَجُلٌ بَعْدَ صَلَاتِهِنَّ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ؛ وَلَوْ حَضَرَ بَعْدَ الشُّرُوعِ وَقَبْلَ فَرَاغِهَا فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ أَوْ لَا؟ مَحِلُّ تَرَدُّدٍ وَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِاللُّزُومِ. اهـ. شَوْبَرِيُّ مَعَ زِيَادَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الدَّفْنِ) فَإِنْ دُفِنَ قَبْلَهَا أَثِمَ الدَّافِنُونَ وَصُلِّيَ عَلَى الْقَبْرِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَلَا يُنْبَشُ؛ فَوُجُوبُ تَقْدِيمِهَا عَلَى الدَّفْنِ لَيْسَ لِأَنَّهُ شَرْطُ صِحَّةٍ.
قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ عَلَى قَبْرِ غَيْرِ نَبِيٍّ إلَخْ) أَيْ عَلَى صَاحِبِهِ، أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْبِلَى وَالِانْدِرَاسِ، وَيَسْقُطُ بِهَا الْفَرْضُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ فِي الْمَنْبُوشَةِ مُشْكِلٌ لِلْعِلْمِ بِنَجَاسَةِ مَا تَحْتَ الْمَيِّتِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ غَيْرُ الْمَنْبُوشَةِ ع ش عَلَى م ر وَذَكَرَ ق ل خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ: نَعَمْ لَا يَضُرُّ اتِّصَالُ نَجَاسَةٍ بِهِ فِي الْقَبْرِ لِأَنَّهُ كَانْفِجَارِهِ، وَهُوَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (غَيْرِ نَبِيٍّ) أَمَّا عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ فَلَا تَصِحُّ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» شَرْحُ الْمَنْهَجِ؛ أَيْ بِصَلَاتِهِمْ إلَيْهَا وَدَلَالَةُ هَذَا عَلَى الْمُدَّعَى إنَّمَا هِيَ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى كَانُوا يُصَلُّونَ الْمَكْتُوبَةَ لِقُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْمُدَّعَى هُنَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَتُقَاسُ عَلَى الْمَكْتُوبَةِ الَّتِي وَرَدَ اللَّعْنُ فِيهَا وَقَوْلُهُ " اتَّخَذُوا " يُشْعِرُ بِالتَّكَرُّرِ، وَالْمُدَّعَى هُنَا أَعَمُّ وَقَوْلُهُ " مَسَاجِدَ " أَيْ قِبَلًا يُصَلُّونَ إلَيْهَا؛ قَالَ السُّيُوطِيّ: هَذَا فِي، الْيَهُودِ وَاضِحٌ لِأَنَّ نَبِيَّهُمْ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَاتَ، وَفِي