للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَطْعُونِ وَالْمَيِّتِ عِشْقًا وَالْمَيِّتَةِ مُطْلَقًا وَالْمَقْتُولِ فِي غَيْرِ الْقِتَالِ الْمَذْكُورِ ظُلْمًا فَيُغْسَلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيَجِبُ غَسْلُ نَجَسٍ أَصَابَهُ غَيْرُ دَمِ الشَّهَادَةِ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى زَوَالِ دَمِهَا، وَيُسَنُّ تَكْفِينُهُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا إذَا اُعْتِيدَ لُبْسُهَا غَالِبًا، أَمَّا ثِيَابُ الْحَرْبِ كَدِرْعٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُعْتَادُ لُبْسُهُ غَالِبًا كَخُفٍّ وَفَرْوَةٍ فَيُنْدَبُ نَزْعُهَا كَسَائِرِ الْمَوْتَى، فَإِنْ لَمْ تَكْفِ ثِيَابُهُ وَجَبَ تَتْمِيمُهَا بِمَا يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ كَمَا مَرَّ (و) الثَّانِي (السِّقْطُ) بِتَثْلِيثِ السِّينِ (الَّذِي لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ خَلْقُهُ، فَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ غُسْلُهُ، وَيُسَنُّ سَتْرُهُ بِخِرْقَةِ وَدَفْنُهُ دُونَ غَيْرِهِمَا، أَمَّا إذَا عُلِمَتْ حَيَاتُهُ بِصِيَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ ظَهَرَتْ أَمَارَتُهَا كَاخْتِلَاجٍ أَوْ تَحَرُّكٍ فَكَكَبِيرٍ فَيُغْسَلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ لِتَيَقُّنِ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ بَعْدَهَا فِي الْأُولَى وَظُهُورِ أَمَارَتِهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ وَظَهَرَ خَلْقُهُ وَجَبَ تَجْهِيزُهُ بِلَا صَلَاةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمَعْرَكَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشُّهَدَاءَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: شَهِيدُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهُوَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَشَهِيدُ الدُّنْيَا فَقَطْ، وَهُوَ مَنْ قَاتَلَ لَا لِذَلِكَ بَلْ لِلْغَنِيمَةِ وَنَحْوِهَا وَشَهِيدُ الْآخِرَةِ فَقَطْ، وَهُوَ كَثِيرٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَالْغَرِيقِ إلَخْ اهـ.

قَوْلُهُ: (كَالْغَرِيقِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عَاصِيًا بِرُكُوبِ الْبَحْرِ كَأَنْ رَكِبَ سَفِينَةً لَا يَسِيرُ مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْبَحْرِ لِصِغَرِهَا أَوْ ثِقَلِهَا، وَالْعِصْيَانُ بِالتَّعَدِّي بِالرُّكُوبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُنَافِي حُصُولَ الشَّهَادَةِ وَعِبَارَةُ ق ل:

قَوْلُهُ: " كَالْغَرِيقِ " مَا لَمْ يُسَيِّرْ السَّفِينَةَ فِي وَقْتِ الْغَرَقِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ شَهَادَتِهِ رُكُوبُهَا لِشُرْبِ الْخَمْرِ إنْ لَمْ يَمُتْ بِشَرْقٍ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمَيِّتِ عِشْقًا) وَلَوْ الْأَمْرَدَ إنْ عَفَّ وَكَتَمَ وَلَوْ عَنْ نَظَرٍ مُحَرَّمٍ وَعِبَارَةُ أج: وَالْمَيِّتُ عِشْقًا أَيْ بِشَرْطِ الْعِفَّةِ وَالْكِتْمَانِ وَإِمْكَانِ إبَاحَةِ الْمَعْشُوقِ شَرْعًا وَتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ، وَخَرَجَ عِشْقُ الْأَمْرَدِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إبَاحَتُهُ فَعِشْقُهُ مَعْصِيَةٌ فَلَا يَنَالُ بِهِ دَرَجَةَ الشَّهَادَةِ؛ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى عِشْقٍ اخْتِيَارِيٍّ فَلَوْ كَانَ اضْطِرَارِيًّا مَعَ الْعِفَّةِ وَالْكِتْمَانِ فَالْوَجْهُ حُصُولُ الشَّهَادَةِ ق ل قَالَ ع ش عَلَى م ر: مَعْنَى الْعِفَّةِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي نَفْسِهِ إذَا اخْتَلَى بِهِ يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا فَاحِشَةٌ، وَالْكِتْمَانُ أَنْ لَا يَذْكُرَ مَا بِهِ لِأَحَدٍ وَلَوْ لِمَحْبُوبِهِ، لَطِيفَةٌ: حُكِيَ أَنَّ شَخْصًا نَزَلَ هُوَ وَمَحْبُوبُهُ يَسْبَحَانِ فِي الْبَحْرِ فَغَرِقَ مَحْبُوبُهُ، فَأَشَارَ إلَى الْبَحْرِ وَأَنْشَدَ وَقَالَ:

يَا مَاءُ مَالَكَ قَدْ أَتَيْتَ بِضِدِّ مَا ... قَدْ قِيلَ فِيك مُخَبِّرًا بِعَجِيبِ

اللَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ فِيك حَيَاتَنَا ... فَلِأَيِّ شَيْءٍ مَاتَ فِيكَ حَبِيبِي

فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ أَحْيَاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَطَلَعَ لَهُ مِنْ الْبَحْرِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمَيْتَةِ مُطْلَقًا) وَلَوْ مِنْ زِنًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ ز ي.

قَوْلُهُ: (غَسْلُ نَجِسٍ) غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ، وَلَا يَجُوزُ غَسْلُ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ إنْ أَدَّى إلَى إزَالَةِ دَمِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ م د.

قَوْلُهُ: (الَّتِي مَاتَ فِيهَا) وَلَوْ حَرِيرًا لَبِسَهُ لِأَجَلِ الْحَرْبِ، دُونَ مَا لَبِسَهُ لِقُمَّلٍ أَوْ جَرَبٍ.

قَوْلُهُ: (وَفَرْوَةٍ) أَيْ وَجُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ.

قَوْلُهُ: (بِمَا يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهِ) بَلْ يَجِبُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ إذَا كُفِّنَ مِنْ مَالِهِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (صَارِخًا) حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ لِعَامِلِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِلسَّقْطِ وَهُوَ النَّازِلُ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ نَظَّمَهَا شَيْخُنَا ح ف فَقَالَ:

وَالسَّقْطُ كَالْكَبِيرِ فِي الْوَفَاةِ ... إنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ

أَوْ خَفِيَتْ وَخَلْقُهُ قَدْ ظَهَرَا ... فَامْنَعْ صَلَاةً وَسِوَاهَا اعْتَبِرَا

أَوْ اخْتَفَى أَيْضًا فَفِيهِ لَمْ يَجِبْ ... شَيْءٌ وَسَتْرٌ ثُمَّ دَفْنٌ قَدْ نُدِبْ

قَوْلُهُ: (كَاخْتِلَاجِ) هُوَ التَّحَرُّكُ لِعُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ، فَعَطْفُ التَّحَرُّكِ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ وَفِي الْمِصْبَاحِ: اخْتَلَجَ الْعُضْوُ اضْطَرَبَ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْجَمْعُ بَيْنَ الِاخْتِلَاجِ وَالتَّحَرُّكِ تَأْكِيدٌ.

قَوْلُهُ: (وَظَهَرَ خَلْقُهُ) وَلَوْ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>