عَلَيْهِ، وَفَارَقَتْ الصَّلَاةُ غَيْرَهَا بِأَنَّهُ أَوْسَعُ بَابًا مِنْهَا بِدَلِيلِ أَنَّ الذِّمِّيَّ يُغْسَلُ وَيُكَفَّنُ وَيُدْفَنُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَالسِّقْطُ مُشْتَقٌّ مِنْ السُّقُوطِ وَهُوَ النَّازِلُ قَبْلَ تَمَامِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ بَلَغَهَا فَكَالْكَبِيرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالِاسْتِهْلَالُ الصِّيَاحُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ كَمَا قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ فَقَوْلُهُ صَارِخًا تَأْكِيدٌ (وَيُغْسَلُ الْمَيِّتُ وِتْرًا) نَدْبًا كَمَا مَرَّ (وَيَكُونُ فِي أَوَّلِ غُسْلِهِ سِدْرٌ) أَوْ خِطْمِيٌّ (وَفِي آخِرِهِ) الَّذِي يَكُونُ وِتْرًا (شَيْءٌ مِنْ كَافُورٍ) تَقْوِيَةً لِلْجَسَدِ وَمَنْعًا لِلْهَوَامِّ وَالنَّتْنِ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ إلَّا أَنَّهُ فِي الْأَخِيرَةِ آكَدُ. وَمَحِلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ، أَمَّا الْمُحْرِمُ فَلَا يَقْرَبُ طِيبًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَصِفَةُ أَكْمَلِ الْغُسْلِ قَدْ تَقَدَّمَتْ. (وَيُكَفَّنُ) الْمَيِّتُ الذَّكَرُ (فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ) لِخَبَرِ «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا خَيْرُ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» (لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ) هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ، وَيَجُوزُ رَابِعٌ وَخَامِسٌ فَيُزَادُ قَمِيصٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (بِلَا صَلَاةٍ عَلَيْهِ) أَيْ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
قَوْلُهُ: (بِأَنَّهُ) أَيْ الْغَيْرَ أَوْسَعُ اهـ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَلَغَهَا فَكَالْكَبِيرِ) وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ خَلْقُهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر، وَعِبَارَتُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْوَلَدَ النَّازِلَ بَعْدَ تَمَامِ أَشْهُرِهِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ يَجِبُ فِيهِ مَا يَجِبُ فِي الْكَبِيرِ مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا وَإِنْ نَزَلَ مَيِّتًا وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ سَبْقُ حَيَاةٍ إذْ هُوَ خَارِجٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِمْ يَجِبُ دَفْنُ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ اسْتَثْنُوا مِنْهُ مَا اسْتَثْنُوا وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ.
قَوْلُهُ: (وَيُغَسَّلُ الْمَيِّتُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي تَفْصِيلِ قَوْلِهِ: " وَيَلْزَمُ فِي الْمَيِّتِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ غُسْلُهُ إلَخْ ".
قَوْلُهُ: (وِتْرًا) صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ غُسْلًا وِتْرًا كَمَا قَرَّرَهُ سم.
قَوْلُهُ: (سِدْرٌ) أَيْ وَرَقُ سِدْرٍ وَهُوَ شَجَرُ النَّبْقِ، فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَاحِدُهُ سِدْرَةٌ قَالَ تَعَالَى: {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم: ١٤] فَالسِّدْرُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِشَجَرِ النَّبْقِ وَفِي الْعُرْفِ اسْمٌ لِوَرِقِهِ وَاخْتِيرَ وَرَقُ السِّدْرِ لِاخْتِصَاصِهِ أَيْ السِّدْرِ بِمَجْمُوعِ أَوْصَافٍ ثَلَاثَةٍ ظِلٌّ مَدِيدٌ وَطَعْمٌ لَذِيذٌ وَرَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: (أَوْ خِطْمِيٌّ) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ. اهـ. م د وَهُوَ وَرَقٌ يُشْبِهُ وَرَقَ الْخُبَّيْزَا.
قَوْلُهُ: (شَيْءٌ مِنْ كَافُورٍ) التَّنْكِيرُ فِيهِ لِلتَّقْلِيلِ، أَيْ شَيْءٌ قَلِيلٌ مِنْ كَافُورٍ بِحَيْثُ لَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ وَإِلَّا ضُرٌّ؛ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ صُلْبٍ فَإِنْ كَانَ صُلْبًا فَلَا يَضُرُّ أَصْلًا لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ.
قَوْلُهُ: (لِلْهَوَامِّ) جَمْعُ هَامَّةٍ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَالْهَوَامُّ دَوَابُّ الْأَرْضِ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَالْأَصْلُ أَنَّهَا الدَّوَابُّ ذَوَاتُ السَّمُومِ، وَفِي الْحَدِيثِ: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ كُلِّ هَامَّةٍ وَسَامَّةٍ» م د.
قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ غَسْلَةٍ) أَيْ مِنْ غَسَلَاتِ الْمَاءِ الْقَرَاحِ.
قَوْلُهُ: (فِي الْأَخِيرَةِ آكَدَ) وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يَقْرَبُ طِيبًا) لِبَقَاءِ أَثَرِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَيْ فِيمَا إذَا مَاتَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَهُوَ كَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمُعْتَدَّةِ الْمُحَدَّةِ فَلَا يَحْرُمُ فِيهَا شَيْءٌ كَالتَّطَيُّبِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِحْدَادَ لِلتَّفَجُّعِ عَلَى الزَّوْجِ وَقَدْ انْقَطَعَ ذَلِكَ بِمَوْتِهَا، وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَلِأَنَّ أَثَرَ الْإِحْرَامِ فِيهِ بَاقٍ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ: «إنَّ الْمُحْرِمَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» وَيَعْصِي مَنْ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْنَا إبْقَاءُ أَثَرِ الْإِحْرَامِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا جَازَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي تَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ بِالتَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ مَا عَدَا النِّسَاءِ فَنَحْنُ كَذَلِكَ إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " لَا يَقْرَبُ طِيبًا " أَيْ يَحْرُمُ تَطْيِيبُهُ وَطَرْحُ الْكَافُورِ فِي مَاءِ غُسْلِهِ كَمَا يَمْتَنِعُ فِعْلُهُ فِي كَفَنِهِ، فَيَحْرُمُ أَنْ يَقْرَبَ طِيبًا فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: بَدَنُهُ وَمَاءُ غُسْلِهِ وَكَفَنُهُ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَى فَاعِلِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (الْبَسُوا) بِوَزْنِ اعْلَمُوا مِنْ بَابِ عَلِمَ يَعْلَمُ فَهُوَ بِكَسْرِ عَيْنِ الْمَاضِي وَفَتْحِ عَيْنِ الْمُضَارِعِ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا وَعَكْسُهُ مَعْنَاهُ الِاخْتِلَاطُ قَالَ بَعْضُهُمْ:
لِعَيْنِ مُضَارِعٍ فِي لُبْسِ ثَوْبٍ ... أَتَى فَتْحٌ وَفِي الْمَاضِي بِكَسْرِ
وَفِي خَلْطِ الْأُمُورِ أَتَى بِعَكْسٍ ... لَعَيْنِهِمَا فَخُذْهُ بِغَيْرِ عُسْرِ
قَوْلُهُ: (الْبَيَاضَ) أَيْ ذَا الْبَيَاضِ.
قَوْلُهُ: (هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ) أَيْ الِاقْتِصَارُ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا، فَلَا يُنَافِي