للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلَوَاتِ، وَتَعَوُّذٌ لِلْقِرَاءَةِ وَإِسْرَارٌ بِهِ، وَبِقِرَاءَةٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَتَرْكُ افْتِتَاحٍ وَسُورَةٍ لِطُولِهِمَا. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ. وَلَوْ صَلَّى عَلَى قَبْرٍ أَوْ غَائِبٍ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ. وَأَمَّا أَكْمَلُ الدُّعَاءِ (فَيَقُولُ) بَعْدَ قَوْلِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ، (اللَّهُمَّ) أَيْ يَا اللَّهُ (هَذَا) الْمَيِّتُ (عَبْدُك وَابْنُ عَبْدَيْك) بِالتَّثْنِيَةِ تَغْلِيبًا لِلْمُذَكَّرِ (خَرَجَ مِنْ رَوْحِ الدُّنْيَا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَهُوَ نَسِيمُ الرِّيحِ (وَسَعَتِهَا) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ الِاتِّسَاعِ وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ الْمُضَافِ (وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ فِيهَا)

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلَّةٍ وَلَا حِكْمَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَبِقِرَاءَةٍ) زَادَ فِي الْمَنْهَجِ: وَبِدُعَاءٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَلَا يَجْهَرُ إلَّا بِالتَّكْبِيرَاتِ وَالسَّلَامِ أَيْ الْإِمَامُ وَالْمُبَلِّغُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لَا غَيْرُهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر، فَغَيْرُهُمَا يُسِرُّ حَتَّى بِالتَّكْبِيرَاتِ وَالسَّلَامِ.

قَوْلُهُ: (وَسُورَةٍ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ إمَامِهِ تُسَنُّ لَهُ السُّورَةُ لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْ وُقُوفِهِ سَاكِتًا، قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ؛ قَالَ الشَّيْخُ: أَيْ وَمِنْ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ، إذْ الْأُولَى لَيْسَتْ مَحَلَّ طَلَبِ الدُّعَاءِ لَهُ، تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (فَيَقُولُ) أَيْ نَدْبًا حَيْثُ لَمْ يُخْشَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ، وَإِلَّا وَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَرْكَانِ؛ تُحْفَةُ شَوْبَرِيٍّ وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ: (بَعْدَ قَوْلِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ إلَخْ) فَالْأَوَّلُ عَامٌّ فِي كُلِّ مَيِّتٍ وَاَلَّذِي فِي الْمَتْنِ خَاصٌّ بِالْبَالِغِ، وَاَلَّذِي يَأْتِي فِي الشَّرْحِ خَاصٌّ بِالصَّبِيِّ؛ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا يَأْتِي كَفَى فِي الصَّغِيرِ.

قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا) فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ بَيْنَ مَفْهُومِيهِمَا بِحَسَبِ الْوَضْعِ عُمُومًا وَخُصُوصًا، فَإِنَّ الْمَغْفِرَةَ مِنْ الْغَفْرِ وَهُوَ السَّتْرُ وَالْعَفْوُ الْمَحْوُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ السَّتْرِ الْمَحْوُ وَعَكْسُهُ كَأَنْ يُحَاسِبَهُ بِذَنْبٍ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ ثُمَّ يَعْفُوَ عَنْهُ أَوْ يَسْتُرُهُ وَيُجَازِيهِ عَلَيْهِ؛ أَمَّا بِالنَّظَرِ لِكَرَمِ اللَّهِ فَهُوَ إذَا سَتَرَ عَفَا فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ؛ وَلِذَا يُقَالُ فِي مَقَامِ الْمُلَاطَفَةِ فِي الْأَكْثَرِ: عَفَا اللَّهُ عَنْهُ؛ ذَكَرَهُ الشَّبْرَخِيتِيُّ عَلَى الْعَشْمَاوِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَصَغِيرِنَا) أَيْ إذَا بَلَغَ وَاقْتَرَفَ الذَّنْبَ، أَوْ الْمُرَادُ الصَّغِيرُ فِي الصِّفَاتِ شَوْبَرِيٌّ، أَوْ الْمُرَادُ الصَّغِيرُ حَقِيقَةً؛ وَالدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ ذَنْبٍ بَلْ قَدْ يَكُونُ بِزِيَادَةِ دَرَجَاتِ الْقُرْبِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ اسْتِغْفَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِائَةَ مَرَّةٍ، ابْنُ حَجَرٍ فِي الدُّرِّ الْمَنْضُودِ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ.

قَوْلُهُ: (فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ) لَا يَخْفَى مُنَاسَبَةُ الْإِسْلَامِ لِلْحَيَاةِ وَالْإِيمَانُ لِلْوَفَاةِ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ كِنَايَةٌ عَنْ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ وَهِيَ فِي الْحَيَاةِ، وَالْإِيمَانُ هُوَ التَّصْدِيقُ الْقَلْبِيُّ؛ وَالْمَقْصُودُ أَنْ يَكُونَ مُتَلَبِّسًا بِهِ عِنْدَ الْوَفَاةِ، أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ) مَقُولُ الْقَوْلِ، وَهَذَا اسْتِعْطَافٌ وَتَقَدُّمَةٌ لِلدُّعَاءِ وَأَوَّلُهُ.

قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ: فَيَقُولُ اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُك إلَخْ، قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا إلَخْ، لَمْ يَكْفِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ؛ قَالَهُ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (عَبْدُك) مَرْفُوعٌ أَوْ مَنْصُوبٌ ب " ارْحَمْ ".

قَوْلُهُ: (وَابْنُ عَبْدَيْك) يَعْنِي أَبَاهُ وَأُمَّهُ، قَالَ م ر: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ بِأَنْ كَانَ وَلَدَ زِنًا فَالْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ: وَابْنُ أَمَتِك.

قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الرَّاءِ) وَكَذَا قَوْلُهُ بِفَتْحِ السِّينِ مَثَلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَلَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ الْأَفْصَحَ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ فِي الرُّوحِ الضَّمُّ كَمَا قُرِئَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} [الواقعة: ٨٩] وَفِي السِّعَةِ الْكَسْرُ وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الدَّنَوْشَرِيُّ فَقَالَ:

وَسَعَةٌ بِالْفَتْحِ فِي الْأَوْزَانِ ... وَالْكَسْرُ مَحْكِيٌّ عَنْ الصَّاغَانِي

ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (نَسِيمُ الرِّيحِ) يَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْأَخَصِّ لِلْأَعَمِّ، إذْ النَّسِيمُ نَوْعٌ مِنْ الرِّيحِ.

قَوْلُهُ: (وَمَحْبُوبِهِ) أَيْ وَخَرَجَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>