للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ مَا يُحِبُّهُ وَمَنْ يُحِبُّهُ (إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَمَا هُوَ لَاقِيهِ) مِنْ هَوْلِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: لَكِنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ مَا يَلْقَاهُ فِي الْقَبْرِ وَفِيمَا بَعْدَهُ (كَأَنْ يَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَحْدَك لَا شَرِيكَ لَك وَأَنَّ) سَيِّدَنَا (مُحَمَّدًا) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (عَبْدُك وَرَسُولُك) إلَى جَمِيعِ خَلْقِك (وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ) أَيْ مِنَّا (اللَّهُمَّ إنَّهُ نَزَلَ بِك) أَيْ ضَيْفُك وَأَنْتَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ وَضَيْفُ الْكِرَامِ لَا يُضَامُ (وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ) وَيَذْكُرُ اللَّفْظَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَيِّتُ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى لِأَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَكَثِيرًا مَا يُغْلَطُ فِي ذَلِكَ (وَأَصْبَحَ فَقِيرًا إلَى رَحْمَتِك) الْوَاسِعَةِ (وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ وَقَدْ جِئْنَاك) أَيْ قَصَدْنَاك (رَاغِبِينَ إلَيْكَ شُفَعَاءَ لَهُ) عِنْدَك (اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا) لِنَفْسِهِ (فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ) أَيْ إحْسَانِك إلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا) عَلَيْهَا (فَتَجَاوَزْ عَنْهُ) بِكَرَمِك (وَلَقِّهِ) أَيْ أَنِلْهُ (بِرَحْمَتِك رِضَاك) عَنْهُ (وَقِهْ) بِفَضْلِك (فِتْنَةَ) السُّؤَالِ فِي (الْقَبْرِ) بِإِعَانَتِهِ عَلَى التَّثْبِيتِ فِي جَوَابِهِ (وَ) قِهْ (عَذَابَهُ) الْمَعْلُومُ صِحَّتُهُمَا مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ (وَافْسَحْ لَهُ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ وَسِّعْ لَهُ (فِي قَبْرِهِ) مَدَّ الْبَصَرِ كَمَا صَحَّ بِهِ الْخَبَرُ (وَجَافِ الْأَرْضَ) أَيْ ارْفَعْهَا (عَنْ جَنْبَيْهِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عِنْدِ مَحْبُوبِهِ، أَيْ الْمَيِّتُ وَمَحْبُوبُهُ كُلُّ مَا كَانَ يُحِبُّهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْعُقَلَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ حَيَوَانَاتٍ أَوْ غَيْرِهَا مِثْلُ الْمَالِ وَالْكُتُبِ وَالثِّيَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَأَحِبَّائِهِ) أَيْ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُ وَلَا يَكُونُونَ إلَّا عُقَلَاءَ.

قَوْلُهُ: (إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ) مُتَعَلِّقٌ ب " خَرَجَ ".

قَوْلُهُ: (لَكِنَّ اللَّفْظَ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: " وَمَا هُوَ لَاقِيهِ " أَيْ مِنْ جَزَاءِ عَمَلِهِ إنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ.

قَوْلُهُ: (كَانَ يَشْهَدُ) فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِمَا قَبْلَهُ، أَيْ دَعَوْنَاك لَهُ لِأَنَّهُ كَانَ يَشْهَدُ إلَخْ، شَوْبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ) احْتَاجَ إلَيْهِ لِيَبْرَأَ مِنْ عُهْدَةِ الْجَزْمِ قَبْلَهُ. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ قَوْلُهُ: (نَزَلَ بِك) أَيْ عِنْدَك قَوْلُهُ: (وَيَذْكُرُ اللَّفْظَ) أَيْ الْهَاءَ مِنْ " بِهِ " قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ " وَأَنْتَ يَا اللَّهُ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِاَللَّهِ " وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمَعْنَى عَائِدٌ عَلَى مَوْصُوفٍ شَامِلٍ.

قَوْلُهُ: (وَكَثِيرًا مَا يَغْلَطُ) " مَا " زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ مَعْنَى الْكَثْرَةِ، " وَكَثِيرًا " مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ فَيُذَكَّرُ مَعَ الْمُذَكِّرِ وَيُؤَنَّثُ مَعَ الْمُؤَنَّثِ، فَإِنْ تَعَمَّدَهُ وَعَرَفَ مَعْنَاهُ كَفَرَ، قَالَهُ ز ي؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ وَأَنْتِ خَيْرُ امْرَأَةٍ مَنْزُولٌ بِهَا فَيَقْتَضِي أَنَّهُ امْرَأَةٌ؛ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ بَعْضُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَاعْتَرَضَ رُجُوعَ الضَّمِيرِ لِلَّهِ: بَلْ هُوَ عَائِدٌ عَلَى مَوْصُوفٍ مُقَدَّرٍ، وَالتَّقْدِيرُ: خَيْرُ كَرِيمٍ مَنْزُولٍ بِهِ، أَيْ تَنْزِلُ بِذَلِكَ الْكَرِيمِ الضِّيفَانُ، فَإِنْ قَدَّرْتَ ذَلِكَ الْمَحْذُوفَ جَمْعًا كَانَ الضَّمِيرُ ضَمِيرَ جَمْعٍ بِأَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: خَيْرُ كُرَمَاءِ مَنْزُولٌ بِهِمْ، أَيْ بِتِلْكَ الْكُرَمَاءِ، فَالْمَدَارُ عَلَى الْمُقَدَّرِ؛ وَلَا يُنْظَرُ لِلْمَيِّتِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف: وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَالْحَوَاشِي مِنْ رُجُوعِهِ لِلَّهِ لَا يَظْهَرُ أَصْلًا، وَيَجُوزُ تَقْدِيرُ الْمَوْصُوفِ مُؤَنَّثًا بِأَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَأَنْتَ خَيْرُ ذَاتٍ تَنْزِلُ بِهَا الضِّيفَانُ.

قَوْلُهُ: (وَأَصْبَحَ فَقِيرًا) أَيْ صَارَ شَدِيدَ الْفَقْرِ إلَى رَحْمَتِك، وَإِلَّا فَهُوَ فَقِيرٌ فِي حَالِ الْحَيَاةِ أَيْضًا؛ أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ جِئْنَاك) هَلْ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْإِمَامِ كَالْقُنُوتِ وَأَنَّ غَيْرَهُ يَقُولُ جِئْتُك شَافِعًا أَوْ هُوَ عَامٌّ فِي الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ فَيَقُولُ الْمُنْفَرِدُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي اتِّبَاعًا لِلْوَارِدِ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يُشَارِكُهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَلَائِكَةٌ وَقَدْ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ حَصَرَ الَّذِينَ صَلَّوْا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هُمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا، يَعْنِي مِنْ الْإِنْسِ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ سِتُّونَ أَلْفًا، لِأَنَّ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مَلَكَيْنِ اهـ بِرْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ مُحْسِنًا) وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ مُسِيئًا هَذَا يَقُولُهُ فِي غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَيَأْتِي فِيهِمْ بِمَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: (اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا) أَيْ مُطِيعًا فِي الدُّنْيَا؛ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَلَوْ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (لِنَفْسِهِ) شَمَلَ إحْسَانَهُ لَهَا بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ " فَزِدْ " أَيْ ضَاعِفْ لَهُ فِي جَزَاءِ إحْسَانِهِ أَيْ طَاعَتِهِ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ إحْسَانُكَ إلَيْهِ وَإِنَّمَا قَرَّرْنَاهُ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ عَمَلَهُ انْقَطَعَ بِمَوْتِهِ لِحَدِيثِ: «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» .

قَوْلُهُ: (وَلَقِّهِ) يَجُوزُ كَسْرُ الْهَاءِ مَعَ الْإِشْبَاعِ وَدُونَهُ وَسُكُونُهَا، وَكَذَا فِي ق هـ م ر شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَجَافِ الْأَرْضَ) عِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ: لَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَكُونُ مُرْتَفِعًا عَنْ الْأَرْضِ، فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ تَخْفِيفِ ضَمَّةِ الْقَبْرِ وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَلْقَاهُ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْوَالِ الْقَبْرِ، فَهِيَ قَبْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>