للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النُّونِ بَعْدَهَا تَثْنِيَةُ جَنْبٍ كَمَا هُوَ عِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْأُمِّ الصَّحِيحَةِ عَنْ جُثَّتِهِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ الْمُشَدَّدَةِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهِيَ أَحْسَنُ لِدُخُولِ الْجَنْبَيْنِ وَالْبَطْنِ وَالظَّهْرِ اهـ. (وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِك الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِك) الشَّامِلِ لِمَا فِي الْقَبْرِ وَلِمَا فِي الْقِيَامَةِ، وَأُعِيدَ بِإِطْلَاقِهِ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِمَا تَقَدَّمَ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ إذْ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الشَّفَاعَةِ (حَتَّى تَبْعَثَهُ) مِنْ قَبْرِهِ بِجَسَدِهِ وَرُوحِهِ (آمِنًا) مِنْ هَوْلِ الْمَوْقِفِ مُسَاقًا فِي زُمْرَةِ الْمُتَّقِينَ (إلَى جَنَّتِك بِرَحْمَتِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ) جَمَعَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْأَخْبَارِ، وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَصْحَابُ وَوُجِدَ فِي نُسْخَةٍ مِنْ الرَّوْضَةِ وَمَحْبُوبِهَا وَكَذَا هُوَ فِي الْمَجْمُوعِ. وَالْمَشْهُورُ فِي قَوْلِهِ وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ الْجَرُّ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ بِجَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ وَهَذَا فِي الْبَالِغِ الذَّكَرِ، فَإِنْ كَانَ أُنْثَى عَبَّرَ بِالْأَمَةِ وَأَنَّثَ مَا يَعُودُ إلَيْهَا، وَإِنْ ذَكَرَ بِقَصْدِ الشَّخْصِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ كَانَ خُنْثَى. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالْمُتَّجِهُ التَّعْبِيرُ بِالْمَمْلُوكِ وَنَحْوِهِ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ أَبٌ بِأَنْ كَانَ وَلَدَ زِنًا فَالْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ وَابْنُ أَمَتِك اهـ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ الْمَيِّتَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالْمَمْلُوكِ وَنَحْوِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَ بِالضَّمَائِرِ مُذَكَّرَةً عَلَى إرَادَةِ الْمَيِّتِ أَوْ الشَّخْصِ، وَمُؤَنَّثَةً عَلَى إرَادَةِ لَفْظِ الْجَنَانَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى جَمْعٍ مَعًا يَأْتِي فِيهِ بِمَا يُنَاسِبُهُ، وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَيَقُولُ فِيهِ مَعَ الْأَوَّلِ فَقَطْ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ أَيْ سَابِقًا مُهَيِّئًا لِمَصَالِحِهِمَا فِي الْآخِرَةِ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

السُّؤَالِ وَقَدْ صَرَّحَتْ الرِّوَايَاتُ وَالْآثَارُ بِأَنَّ ضَمَّةَ الْقَبْرِ عَامَّةٌ لِلصَّالِحِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ: قَدْ جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ الْكَثِيرَةُ بِضَمَّةِ الْقَبْرِ وَأَنَّهُ لَا يَنْجُو مِنْهَا صَالِحٌ وَلَا غَيْرُهُ، بَلْ «أَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ سَيِّدِ الْأَوْسِ مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ اهْتَزَّ لِمَوْتِهِ عَرْشُ الرَّحْمَنِ اسْتِبْشَارًا لِقُدُومِ رُوحِهِ وَإِعْلَامًا بِعَظِيمِ مَرْتَبَتِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَنْجُ مِنْهَا، وَأَنَّهُ شَيَّعَ جِنَازَتَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ يَنْجُو مِنْهَا لَنَجَا مِنْهَا هَذَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ» ؛ لَكِنَّ النَّاسَ مُخْتَلِفُونَ فِيهَا، قِيلَ: ضَمَّةُ الْقَبْرِ الْتِقَاءُ جَانِبَيْهِ عَلَى جَسَدِ الْمَيِّتِ، قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ: لَا نَعْلَمُ أَنَّ لِلْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ فِي الْقَبْرِ ضَمَّةً وَلَا سُؤَالًا لِعِصْمَتِهِمْ، قِيلَ: هِيَ لِلْمُطِيعِ حُنُوٌّ وَلِغَيْرِهِ ضَمَّةُ سُخْطٍ وَيَرُدُّهُ مَا وَرَدَ فِي «سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّهُ ضُغِطَ فِي قَبْرِهِ ضَغْطَةً شَدِيدَةً بِحَيْثُ اخْتَلَفَتْ أَضْلَاعُهُ فِيهَا، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّهُ كَانَ يُقَصِّرُ فِي بَعْضِ الطَّهُورِ مِنْ الْبَوْلِ» وَأَنَّ الضَّمَّةَ الْمَذْكُورَةَ تَكُونُ لِكُلِّ أَحَدٍ حَتَّى الْأَطْفَالِ، لَكِنْ ذُكِرَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَسَدٍ سَلِمَتْ مِنْ هَذِهِ الضَّمَّةِ وَأَنَّ مَنْ قَرَأَ " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " فِي مَرَضِهِ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ كَذَلِكَ، أَيْ يَسْلَمُ مِنْهَا، وَكَذَا الْأَنْبِيَاءُ. وَحِكْمَتُهَا أَنَّ الْأَرْضَ أُمُّهُمْ وَمِنْهَا خُلِقُوا فَغَابُوا عَنْهَا الْغِيبَةَ الطَّوِيلَةَ، فَلَمَّا رُدُّوا إلَيْهَا ضَمَّتْهُمْ ضَمَّةَ الْوَالِدَةِ الَّتِي غَابَ عَنْهَا وَلَدُهَا، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهَا فَمِنْ كَانَ مُطِيعًا لِلَّهِ ضَمَّتْهُ بِرِفْقٍ وَرَأْفَةٍ وَمَنْ كَانَ عَاصِيًا ضَمَّتْهُ بِعُنْفٍ سُخْطًا مِنْهَا عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (الشَّامِلِ إلَخْ) فَيَكُونُ مِنْ ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ.

قَوْلُهُ: (وَأُعِيدَ بِإِطْلَاقِهِ) جَوَابٌ عَنْ التَّكْرَارِ، وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ بِإِطْلَاقِهِ وَاهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ؛ لِأَنَّ عُمُومَهُ يَدْفَعُ التَّكْرَارَ أَيْضًا، فَقَوْلُهُ " بِإِطْلَاقِهِ " أَيْ بِعُمُومِهِ، وَقَوْلُهُ " اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ " فَكُلُّ جَوَابٍ مُسْتَقِلٍّ، وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي أُعِيدَ رَاجِعٌ لِلْعَذَابِ الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ عَذَابِك، وَقَوْلُهُ " بِمَا تَقَدَّمَ " أَيْ بِإِضَافَتِهِ لِلْقَبْرِ فِي قَوْلِهِ " وَعَذَابِهِ " وَقَوْلُهُ " إذْ هُوَ " أَيْ الْعَذَابُ، أَيْ الْأَمْنُ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ هَذِهِ الشَّفَاعَةِ) أَيْ الصَّلَاةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الدُّعَاءِ قَوْلُهُ: (تَبْعَثُهُ) أَيْ تُحْيِيهِ مِنْ قَبْرِهِ.

قَوْلُهُ: (مُسَاقًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَى جَنَّتِك مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ مُسَاقًا.

قَوْلُهُ: (جَمَعَ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: يُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ هَكَذَا سم. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَمَحْبُوبِهَا) أَيْ الدُّنْيَا، أَيْ الْمَحْبُوبُ مِنْهَا.

قَوْلُهُ: (الْجَرُّ) وَقَوْلُهُ " فِيهَا " حَالَ قَوْلِهِ: (وَيَجُوزُ رَفْعُهُ) أَيْ عَلَى الِابْتِدَاءِ خَبَرُهُ " فِيهَا ".

قَوْلُهُ: (بِقَصْدِ الشَّخْصِ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُلَاحِظُ ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ يُحْمَلُ عَلَى الْإِرَادَةِ؟ . اهـ. شَوْبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (التَّعْبِيرُ بِالْمَمْلُوكِ وَنَحْوِهِ) كَالْمَخْلُوقِ.

قَوْلُهُ: (فَالْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ إلَخْ) وَكَذَلِكَ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رَحْمَانِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَ) أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ " وَأَنَّهُ إلَخْ " فَإِنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْقِيَاسِ، أَيْ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (أَيْ سَابِقًا) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ " فَرْطًا " وَقَوْلُهُ " لِمَصَالِحِهِمَا " أَيْ مِنْ الشَّفَاعَةِ وَالْحَوْضِ.

قَوْلُهُ: (وَسَلَفًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>