للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالسُّنَنِ فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَرْكَانِ

(وَ) الرُّكْنُ السَّابِعُ (يُسَلِّمُ بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الرَّابِعَةِ) كَسَلَامِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي كَيْفِيَّتِهِ وَتَعَدُّدِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ سَنِّ وَبَرَكَاتِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُسَنُّ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يَلْتَفِتُ فِي السَّلَامِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ يَجْعَلُهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الْأَشْهَرُ وَحَمْلُ الْجِنَازَةِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ بِأَنْ يَضَعَهُمَا رَجُلٌ عَلَى عَاتِقَيْهِ وَرَأْسُهُ بَيْنَهُمَا، وَيَحْمِلُ الْمُؤَخَّرَتَيْنِ رَجُلَانِ أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ بِأَنْ يَتَقَدَّمَ رَجُلَانِ وَيَتَأَخَّرَ آخَرَانِ، وَلَا يَحْمِلُهَا وَلَوْ أُنْثَى إلَّا الرِّجَالُ لِضَعْفِ النِّسَاءِ عَنْ حَمْلِهَا فَيُكْرَهُ لَهُنَّ ذَلِكَ، وَحُرِّمَ جَمْعُهَا عَلَى هَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ كَحَمْلِهَا فِي قُفَّةٍ يُخَافُ مِنْهَا سُقُوطُهَا. وَالْمَشْيُ أَمَامَهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَالَ الْبَابِلِيُّ: نَعَمْ وَرَدَتْ هَذِهِ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ. اهـ. بِرْمَاوِيُّ

قَوْلُهُ: (وَحَمْلُ الْجِنَازَةِ) مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ " أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ " خَبَرٌ، وَقِيلَ: التَّرْبِيعُ أَفْضَلُ، بَلْ حُكِيَ وُجُوبُهُ؛ وَهَذَا إنْ أُرِيدَ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَالْأَفْضَلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُحْمَلَ تَارَةً بِهَيْئَةِ الْحَمْلِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ وَتَارَةً بِهَيْئَةِ التَّرْبِيعِ أج وَلَيْسَ فِي الْحَمْلِ دَنَاءَةٌ وَلَا سُقُوطُ مُرُوءَةٍ بَلْ هُوَ بِرٌّ وَإِكْرَامٌ لِلْمَيِّتِ فَقَدْ فَعَلَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ م ر.

قَوْلُهُ: (وَيَحْمِلُ الْمُؤَخَّرَتَيْنِ رَجُلَانِ) أَحَدُهُمَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَالْآخَرُ مِنْ الْأَيْسَرِ، إذْ لَوْ تَوَسَّطَهُمَا وَاحِدٌ كَالْمُتَقَدِّمِينَ لَمْ يَرَ مَا بَيْنَهُمَا.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَتَقَدَّمَ رَجُلَانِ) أَيْ وَيَضَعُ أَحَدُ الْمُتَقَدِّمَيْنِ الْعَمُودَ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَالْآخَرُ الْعَمُودَ الْأَيْسَرَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ، وَالْمُتَأَخِّرَانِ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: أَمَّا حَمْلُهَا عَلَى رَأْسِ اثْنَيْنِ فَشَيْءٌ لَا يُعْرَفُ، وَبَقَيْتُ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً لَمْ أَجِدْ ذَلِكَ مَنْقُولًا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ إلَى أَنْ رَأَيْتُهُ فِي الِاسْتِذْكَارِ لِلدَّارَمِيِّ وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا شَرْحُ الدَّمِيرِيِّ لِلْمِنْهَاجِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَمْلَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَاجِبٌ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي كَيْفِيَّتِهِ، فَكَوْنُهَا بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْمِلُهَا) أَيْ نَدْبًا أج؛ فَيُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ حَمْلُهَا لِضَعْفِهِنَّ غَالِبًا وَقَدْ يَنْكَشِفُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُنَّ تَعَيَّنَ حَمْلُهُنَّ.

قَوْلُهُ: (وَالْمَشْيُ وَبِأَمَامِهَا إلَخْ) رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى نَاسًا رُكْبَانًا فِي الْجِنَازَةِ فَقَالَ: أَلَّا تَسْتَحْيُونَ؟ إنَّ الْمَلَائِكَةَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَأَنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ» وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُشَيِّعَ الْجِنَازَةَ لَهُ أَحْوَالٌ: إمَّا رَاكِبٌ أَوْ مَاشٍ وَإِمَّا أَمَامَهَا أَوْ خَلْفَهَا وَإِمَّا قَرِيبٌ أَوْ بَعِيدٌ فَمَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ الْخِصَالُ الثَّلَاثُ أَفْضَلُ، وَالْمَاشِي أَمَامَهَا أَوْ خَلْفَهَا أَفْضَلُ مُطْلَقًا مِنْ الرَّاكِبِ، وَالرَّاكِبُ قَرِيبًا أَفْضَلُ مِنْ الرَّاكِبِ الْبَعِيدِ، وَالْأَمَامُ أَفْضَلُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إلَّا إيمَانًا وَتَسْلِيمًا وَرُئِيَ الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِك؟ فَقَالَ: غُفِرَ لِي بِكَلِمَةٍ كُنْت أَقُولُهَا عِنْدَ رُؤْيَةِ الْجِنَازَةِ وَكَانَ يَقُولُهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَالْحِكْمَةُ فِي الْمَاشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ أَنَّ الْمُشَيِّعَ شَافِعٌ وَمِنْ حَقِّ الشَّافِعِ أَنْ يَكُونَ أَمَامَ الْمَشْفُوعِ لَهُ؛ وَأَخَذَ الْحَنَفِيَّةُ بِحَدِيثِ: «أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ» فَقَالُوا: إنَّ الْمَشْيَ خَلْفَهَا أَفْضَلُ وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ أَنَّ الْأَحْسَنَ فِي زَمَانِنَا الْمَشْيُ أَمَامَهَا لِمَا يَتْبَعُهَا مِنْ النِّسَاءِ وَأَجَابَ الشَّافِعِيَّةُ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ الِاتِّبَاعَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَخْذِ فِي طَرِيقِهَا وَالسَّعْيِ لِأَجْلِهَا وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ وَتَقَدُّمُ الْمَاشِي وَتَأَخُّرُ الرَّاكِبِ؛ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَيَتَأَخَّرْنَ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: «مَنْ شَيَّعَ جِنَازَةً إلَى الْمَسْجِدِ فَلَهُ قِيرَاطٌ مِنْ الْأَجْرِ فَإِنْ وَقَفَ حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ وَالْقِيرَاطُ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ» فَائِدَةٌ: سُئِلَ أَبُو عَلِيٍّ النَّجَّارُ عَنْ وُقُوفِ الْجِنَازَةِ وَرُجُوعِهَا؟ فَقَالَ: يُحْتَمَلُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَلَائِكَةِ بَيْنَ يَدَيْهَا رَجَعَتْ أَوْ وَقَفَتْ وَمَتَى كَثُرَتْ خَلْفَهَا أَسْرَعَتْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلَوْمِ النَّفْسِ لِلْجَسَدِ وَلَوْمِ الْجَسَدِ لِلنَّفْسِ؛ يَخْتَلِفُ حَالُهَا، تَارَةً تَتَقَدَّمُ وَتَارَةً تَتَأَخَّرُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَقَاؤُهَا فِي حَالِ رُجُوعِهَا لِيَتِمَّ أَجَلُ بَقَائِهَا فِي الدُّنْيَا وَسُئِلَ عَنْ خِفَّةِ الْجِنَازَةِ وَثِقَلِهَا؟ فَقَالَ: إذَا خَفَّتْ فَصَاحِبُهَا شَهِيدٌ لِأَنَّ الشَّهِيدَ حَيٌّ وَالْحَيُّ أَخَفُّ مِنْ الْمَيِّتِ {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} [آل عمران: ١٦٩] الْآيَةُ. اهـ. بِرْمَاوِيُّ وَفِيهِ أَنَّ الْآيَةَ فِي شُهَدَاءِ الْمَعْرَكَةِ وَالسُّؤَالُ عَامٌّ فَلْيُحَرَّرْ اهـ ط ف

<<  <  ج: ص:  >  >>