وَقُرْبَهَا بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ لَرَآهَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ. وَسُنَّ إسْرَاعٌ بِهَا إنْ أُمِنَ، فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ بِالتَّأَنِّي أَيْضًا زَيْدَ فِي الْإِسْرَاعِ، وَسُنَّ لِغَيْرِ ذَكَرٍ مَا يَسْتُرُهُ كَقُبَّةٍ وَكُرِهَ لَغَطٌ فِي الْجِنَازَةِ بَلْ الْمُسْتَحَبُّ التَّفَكُّرُ فِي الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ، وَاتِّبَاعُهَا بِنَارٍ فِي مِجْمَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَا يُكْرَهُ الرُّكُوبُ فِي رُجُوعِهَا وَلَا اتِّبَاعُ مُسْلِمٍ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا يُبْعَدُ إلْحَاقُ الزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكِ بِالْقَرِيبِ. قَالَ: وَهَلْ يَلْحَقُ بِهِ الْجَارُ كَمَا فِي الْعِيَادَةِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ وَلَا بُعْدَ فِيهِ. وَتَحْرُمُ الصَّلَاةُ عَلَى الْكَافِرِ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَسُنَّ إسْرَاعٌ بِهَا) قَالَ فِي الْخَصَائِصِ: وَاخْتُصَّ وَأُمَّتُهُ بِالْإِسْرَاعِ أَيْ الْمَشْيِ بِسُرْعَةٍ بِالْجِنَازَةِ إسْرَاعًا مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ وَالْخَبَبِ الَّذِي هُوَ الْعَدْوُ؛ لِأَنَّ مَا فَوْقَ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى انْقِطَاعِ مَنْ مَعَهَا مِنْ الضُّعَفَاءِ أَوْ مَشَقَّةِ الْحَامِلِ لَهَا أَوْ انْتِشَارِ أَكْفَانِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيُكْرَهُ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» أَيْ قَرِيبِ رِقَابِكُمْ وَهُوَ الْأَكْتَافُ تَنْبِيهٌ: مِنْ خَصَائِصِنَا أَيْضًا تَخْمِيرُ وَجْهِ الْمَيِّتِ، لِمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ: «خَمِّرُوا وُجُوهَ مَوْتَاكُمْ وَلَا تَتَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ» وَفِي رِوَايَةٍ: " بِأَهْلِ الْكِتَابِ " أَيْ فَإِنَّهُمْ لَا يُغَطُّونَ وَجْهَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ. اهـ. مُنَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (زِيدَ) أَيْ وُجُوبًا قَوْلُهُ: (كَقُبَّةٍ) وَأَوَّلُ مَنْ جُعِلَ عَلَى نَعْشِهَا قُبَّةٌ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ زَوْجَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ بَعْدَ فَاطِمَةَ، فَلَا يُخَالِفُ مَا سَبَقَ مِمَّا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ فُعِلَ بِهَا ذَلِكَ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ زَيْنَبَ هَذِهِ أَوَّلُ مَنْ حُمِلَ عَلَى نَعْشٍ، وَقِيلَ: أَوَّلُ مَنْ حُمِلَ عَلَى نَعْشٍ فَاطِمَةُ، كَذَا فِي السِّيرَةِ الْحَلَبِيَّةِ؛ لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ عَنْ م ر أَنَّ أَوَّلَ مَنْ غُطِّيَ نَعْشُهَا فِي الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ فَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ بَعْدَهَا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، وَكَانَتْ بِالْحَبَشَةِ لَمَّا هَاجَرَتْ وَأَوْصَتْ بِهِ اهـ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُومَ لِلْجِنَازَةِ وَلَوْ كَافِرَةً، وَعِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْخَصَائِصِ: وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ نَدْبُ الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وَإِنْ كَانَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ النَّوَوِيِّ تَبَعًا لِجَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ النَّدْبُ؛ وَلَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمَهُ حَيْثُ قَالَ: الْقِيَامُ لَهَا إذَا مَرَّتْ وَالْقِيَامُ إذَا تَبِعَهَا مَنْسُوخَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ فَلَا يُؤْمَرُ أَحَدٌ بِالْقِيَامِ لَهَا الْآنَ سَوَاءٌ مَرَّتْ بِهِ أَمْ تَبِعَهَا إلَى الْقَبْرِ وَجَرَى فِي الرَّوْضَةِ عَلَى كَرَاهَةِ الْقِيَامِ لَهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا كُلُّهُ فِي الْقَاعِدِ إذَا مَرَّتْ بِهِ، أَمَّا مُشَيَّعُهَا فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَقْعُدَ حَتَّى تُوضَعَ، لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ: «إذَا تَبِعْتُمْ الْجِنَازَةَ فَلَا تَجْلِسُوا حَتَّى تُوضَعَ» أَيْ إذَا مَشَيْتُمْ مَعَهَا مُشَيِّعِينَ لَهَا فَلَا تَجْلِسُوا نَدْبًا " حَتَّى تُوضَعَ بِالْأَرْضِ " كَمَا فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَتَبِعَهُ الثَّوْرِيُّ، وَرَجَّحَهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَالْمَتْبُوعِ فَلَا يَجْلِسُ التَّابِعُ قَبْلَهُ، وَلِأَنَّ الْمَعْقُولَ مِنْ نَدْبِ الشَّارِعِ حُضُورَ دَفْنِهِ إكْرَامُ الْمَيِّتِ وَفِي قُعُودِهِ قِيلَ دَفْنُهُ إزْرَاءٌ بِهِ اهـ وَبِذَلِكَ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: يُكْرَهُ الْقُعُودُ حَتَّى تُوضَعَ وَفِي الْمُحِيطِ لِلْحَنَفِيَّةِ: الْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَقْعُدَ حَتَّى يَنْهَالَ عَلَيْهَا التُّرَابُ اهـ بِحُرُوفِهِ فَائِدَةٌ: كَرِهَ جَمَاعَةٌ قَوْلَ الْمُنَادِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ: " اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ لَهُ " فَقَدْ سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ رَجُلًا يَقُولُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا غَفَرَ اللَّهُ لَك،. اهـ. م ر قَوْلُهُ: (وَكُرِهَ لَغَطٌ) أَيْ رَفْعُ الصَّوْتِ وَلَوْ بِقُرْآنٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ صَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ. ق ل وَهَذَا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَالْآنَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ شِعَارٌ لِلْمَيِّتِ لِأَنَّ تَرْكَهُ مُزْرٍ بِهِ؛ وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ لَمْ يَبْعُدُ كَمَا نَقَلَهُ الْمَدَابِغِيُّ.
قَوْلُهُ: (بَلْ الْمُسْتَحَبُّ التَّفَكُّرُ فِي الْمَوْتِ) أَيْ أَوْ الْقِرَاءَةُ سِرًّا. اهـ. ق ل.
قَوْلُهُ: (وَإِتْبَاعُهَا بِنَارٍ إلَخْ) أَيْ بِلَا حَاجَةٍ، أَمَّا بِهَا كَبَخُورٍ لِدَفْعِ النَّتْنِ أَوْ فَتِيلَةً لِرُؤْيَةِ دَفْنِهِ لَيْلًا فَلَا كَرَاهَةَ وَفِي الْمَجْمُوعِ: يُنْدَبُ الْبَخُورُ عِنْدَ الْمَيِّتِ فِي وَقْتِ مَوْتِهِ إلَى تَمَامِ دَفْنِهِ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (فِي مِجْمَرَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، شَوْبَرِيٌّ قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْعِيَادَةِ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُهُ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْعِيَادَةِ وَاتِّبَاعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute