للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَجِبُ طُهْرُهُ لِأَنَّهُ كَرَامَةٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَيَجِبُ عَلَيْنَا تَكْفِينُ ذِمِّيٍّ وَدَفْنُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ.

وَلَوْ اخْتَلَطَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ كَمُسْلِمٍ بِكَافِرٍ وَغَيْرِ شَهِيدٍ بِشَهِيدٍ وَجَبَ تَجْهِيزُ كُلٍّ إذْ لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِذَلِكَ وَيُصَلَّى عَلَى الْجَمِيعِ وَهُوَ أَفْضَلُ، أَوْ عَلَى وَاحِدٍ فَوَاحِدٍ بِقَصْدِ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ فِي الْكَيْفِيَّتَيْنِ، وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ وَيَقُولُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمْ فِي الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا فِي الْكَيْفِيَّةِ الثَّانِيَةِ. وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِمَسْجِدٍ وَبِثَلَاثَةِ صُفُوفٍ فَأَكْثَرَ لِخَبَرِ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ إلَّا غُفِرَ لَهُ» وَلَا تُسَنُّ إعَادَتُهَا وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ أُعِيدَتْ وَقَعَتْ نَفْلًا، وَلَا تُؤَخَّرُ لِغَيْرِ وَلِيٍّ أَمَّا هُوَ فَتُؤَخَّرُ لَهُ مَا لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرٌ. وَلَوْ نَوَى إمَامٌ مَيِّتًا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَمَأْمُومٌ آخَرَ كَذَلِكَ جَازَ لِأَنَّ اخْتِلَافَ نِيَّتِهِمَا لَا يَضُرُّ، وَلَوْ تَخَلَّفَ الْمَأْمُومُ عَنْ إمَامِهِ بِلَا عُذْرٍ بِتَكْبِيرَةٍ حَتَّى شَرَعَ إمَامُهُ فِي أُخْرَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إذْ الِاقْتِدَاءُ هُنَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَهُوَ تَخَلُّفٌ فَاحِشٌ يُشْبِهُ التَّخَلُّفَ بِرَكْعَةٍ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ كَنِسْيَانٍ فَلَا تَبْطُلُ إلَّا بِتَخَلُّفِهِ بِتَكْبِيرَتَيْنِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَلَا شَكَّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

جِنَازَتِهِ.

قَوْلُهُ: (لَا بُعْدَ فِيهِ) أَيْ فِي الْإِلْحَاقِ.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ عَلَيْنَا) أَيْ مَعَاشِرِ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ " حَيْثُ لَمْ يَكُنْ إلَخْ " مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: وَنَدْفَعُ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِنَا حَيْثُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (إذْ لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِذَلِكَ) وَعُورِضَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ مُحَرَّمَةٌ وَلَا يَتِمُّ تَرْكُ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ " بِقَصْدٍ إلَخْ ".

قَوْلُهُ: (وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ) أَيْ فِي الْكَيْفِيَّةِ الثَّانِيَةِ أَمَّا الْأُولَى فَلَا تَرَدُّدَ فِيهَا لِأَنَّهُ يَقُولُ: أُصَلِّي عَلَى مَنْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، فَهُوَ جَازِمٌ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ لَهُ لِإِمْكَانِ الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا قَدْ تَشُقُّ بِتَأْخِيرٍ مِنْ غُسْلٍ إلَى فَرَاغِ غُسْلِ الْبَاقِينَ، بَلْ قَدْ تَتَعَيَّنُ الثَّانِيَةُ إنْ أَدَّى التَّأْخِيرُ إلَى تَغَيُّرٍ، وَكَذَا تَتَعَيَّنُ الْأُولَى لَوْ تَمَّ غُسْلُ الْجَمِيعِ وَكَانَ الْإِفْرَادُ يُؤَدِّي إلَى تَغَيُّرِ الْمُتَأَخِّرِينَ. اهـ. حَجّ س ل مَعَ زِيَادَةِ قَوْلِهِ: (فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ، وَأَمَّا الْمِثَالُ الثَّانِي وَهُوَ الشَّهِيدُ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّهِيدَ يَجُوزُ الدُّعَاءُ لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَبِثَلَاثَةِ صُفُوفٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمُصَلُّونَ سِتَّةً فَأَكْثَرَ كَمَا فِي حَجّ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الصُّفُوفَ الثَّلَاثَةَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْفَضِيلَةِ، فَلِلْمَسْبُوقِ أَنْ يُحْرِمَ مَعَ أَيُّهَا شَاءَ، وَلَوْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ اثْنَانِ وَقَفَ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ خَلْفَهُمَا؛ نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّ الْأَوَّلَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَوْلَى لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا أَيْ بِالثَّلَاثَةِ، يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الصُّفُوفُ خَمْسَةً فَأَكْثَرَ فَيَكُونُ الرَّابِعُ أَفْضَلَ مِنْ الْخَامِسِ وَالْخَامِسُ أَفْضَلَ مِمَّا بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا الْأَوَّلَ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلَ مُحَافَظَةً عَلَى مَقْصُودِ الشَّارِعِ مِنْ الثَّلَاثَةِ. اهـ. س ل وَأَقَلُّ الثَّلَاثَةِ مِنْ سِتَّةِ أَنْفَارٍ وَاحِدٌ مَعَ الْإِمَامِ وَاثْنَانِ ثُمَّ اثْنَانِ، وَلَا تُكْرَهُ الْمُسَاوَاةُ لِلْإِمَامِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي بَعْضِ الْعِبَادَاتِ، وَتَحْصُلُ الثَّلَاثَةُ صُفُوفٍ بِثَلَاثَةٍ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْحَاضِرُونَ ثَلَاثَةً فَقَطْ بِالْإِمَامِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقِفَ وَاحِدٌ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالْآخَرُ وَرَاءَ مَنْ هُوَ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقِفَ اثْنَانِ خَلْفَ الْإِمَامِ فَيَكُونُ الْإِمَامُ صَفًّا وَالِاثْنَانِ صَفًّا وَسَقَطَ الصَّفُّ الثَّالِثُ لِتَعَذُّرِهِ حَجّ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تُسَنُّ إعَادَتُهَا) أَيْ مِمَّنْ صَلَّى عَلَيْهِ قَبْلُ، أَمَّا مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ وَتَقَعُ فَرْضَ كِفَايَةٍ م د وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ إعَادَةً.

قَوْلُهُ: (وَقَعَتْ نَفْلًا) أَيْ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَرَّةٍ وَلَا بِجَمَاعَةٍ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ سم.

قَوْلُهُ: (تَغَيَّرَ) وَشَرَطَ أَنْ يُرْجَى حُضُورُهُ عَنْ قُرْبٍ.

قَوْلُهُ: (كَذَلِكَ) أَيْ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا، فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ قَوْلُهُ: (حَتَّى شَرَعَ إمَامُهُ فِي أُخْرَى) كَأَنْ شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الثَّالِثَةِ وَالْمَأْمُومُ فِي الْأُولَى، أَوْ شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الرَّابِعَةِ وَالْمَأْمُومُ فِي الثَّانِيَةِ؛ وَلَا يُتَصَوَّرُ غَيْرُ هَذَيْنِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ التَّقَدُّمَ كَالتَّأَخُّرِ ق ل.

قَوْلُهُ: (كَنِسْيَانٍ) أَيْ لِلْقِرَاءَةِ، وَيَكُونُ كَلَامُ الشَّارِحِ غَيْرَ ضَعِيفٍ وَمِثْلُ نِسْيَانِ الْقِرَاءَةِ بُطْءُ الْقِرَاءَةِ، وَأَمَّا إنْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى نِسْيَانِ الصَّلَاةِ أَوْ الِاقْتِدَاءِ فَلَا تَبْطُلُ، وَلَوْ تَخَلَّفَ بِالتَّكْبِيرَاتِ كُلِّهَا فَيَكُونُ كَلَامُ الشَّارِحِ ضَعِيفًا.

قَوْلُهُ: (فَلَا تَبْطُلُ إلَّا بِتَخَلُّفِهِ بِتَكْبِيرَتَيْنِ) الْوَجْهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِالتَّأَخُّرِ لِعُذْرٍ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّخَلُّفُ بِتَكْبِيرَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَسِيَ كَوْنَهُ فِي الصَّلَاةِ فَتَأَخَّرَ عَنْ إمَامِهِ بِجَمِيعِ الرَّكَعَاتِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ فَهُنَا أَوْلَى. اهـ. حَجّ ز ي وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>