أَنَّ التَّقَدُّمَ كَالتَّخَلُّفِ بَلْ أَوْلَى. وَيُكَبِّرُ الْمَسْبُوقُ وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي غَيْرِهَا كَالدُّعَاءِ لِأَنَّ مَا أَدْرَكَهُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ، وَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ أُخْرَى قَبْلَ قِرَاءَتِهِ كَبَّرَ مَعَهُ وَسَقَطَتْ الْقِرَاءَةُ عَنْهُ كَمَا فِي غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ تَدَارَكَ الْمَسْبُوقُ حَتْمًا بَاقِيَ التَّكْبِيرَاتِ بِأَذْكَارِهَا وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ. وَيُسَنُّ أَنْ لَا تَرْتَفِعَ الْجِنَازَةُ حَتَّى يُتِمَّ الْمَسْبُوقُ، وَلَا يَضُرُّ رَفْعُهَا قَبْلَ إتْمَامِهِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي أَكْمَلِ الدَّفْنِ الْمَوْعُودِ بِذِكْرِهِ فَقَالَ: (وَيُدْفَنُ فِي لَحْدٍ) وَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا وَسُكُونِ الْحَاءِ فِيهِمَا أَصْلُهُ الْمَيْلُ، وَالْمُرَادُ أَنْ يُحْفَرَ فِي أَسْفَلِ جَانِبِ الْقَبْرِ الْقِبْلِيِّ مَائِلًا عَنْ الِاسْتِوَاءِ قَدْرَ مَا يَسَعُ الْمَيِّتَ وَيَسْتُرُهُ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ إنْ صَلُبَتْ الْأَرْضُ، وَهُوَ أَنْ يَحْفِرَ قَعْرَ الْقَبْرِ كَالنَّهْرِ وَيَبْنِيَ جَانِبَاهُ بِلَبَنٍ أَوْ غَيْرِهِ غَيْرَ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَيُجْعَلُ الْمَيِّتُ بَيْنَهُمَا، أَمَّا الْأَرْضُ الرَّخْوَةُ فَالشَّقُّ فِيهَا أَفْضَلُ خَشْيَةَ الِانْهِيَارِ وَيُوضَعُ فِي اللَّحْدِ أَوْ غَيْرِهِ (مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ) وُجُوبًا تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْمُصَلِّي فَلَوْ وُجِّهَ لِغَيْرِهَا نُبِشَ وَوُجِّهَ لِلْقِبْلَةِ وُجُوبًا إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَإِلَّا فَلَا، وَيُوضَعُ الْمَيِّتُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الشَّوْبَرِيُّ:
قَوْلُهُ " كَنِسْيَانٍ " أَيْ لِلْقِرَاءَةِ لَا لِلصَّلَاةِ أَوْ الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ فِي هَذَيْنِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا لَوْ نَسِيَ فِي غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ ثُمَّ وَلَوْ بِجَمِيعِ الرَّكَعَاتِ اهـ وَمِثْلُهُ ح ل وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا ضَعْفَ فِيهِ، وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ أَيْضًا، فَقَوْلُ الْمُحَشِّي: الْوَجْهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ إلَخْ، مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الشَّارِحِ " كَنِسْيَانٍ " نِسْيَانُ الصَّلَاةِ لَا الْقِرَاءَةِ.
قَوْلُهُ: (كَالتَّخَلُّفِ) ضَعِيفٌ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ دُونَ الْمَقِيسِ.
قَوْلُهُ: (وَيُكَبِّرُ الْمَسْبُوقُ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَمْ يُوَافِقْ الْإِمَامَ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ.
قَوْلُهُ: (وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ) أَيْ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهَا لِتَكْبِيرَةٍ أُخْرَى سم عَلَى حَجّ؛ لَكِنْ قَالَ ز ي: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَقْرَؤُهَا وُجُوبًا لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُوَافِقِ قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ رَفْعُهَا قَبْلَ إتْمَامِهِ) وَإِنْ حُوِّلَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ، بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ عَقْدِ الصَّلَاةِ لَا يُحْتَمَلُ فِيهِ ذَلِكَ وَالْجِنَازَةُ حَاضِرَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يَحْتَمِلُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ عَلَى جِنَازَةٍ وَهِيَ سَائِرَةٌ صَحَّتْ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ تَكُونَ سَائِرَةً إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ حَالَةَ التَّحَرُّمِ، وَأَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْهَا بِأَكْثَرِ مِنْ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ حَائِلٌ حَالَةَ التَّحَرُّمِ؛ وَلَا تُشْتَرَطُ الْمُحَاذَاةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، أَمَّا إذَا أَحْرَمَ عَلَيْهَا وَهِيَ قَارَّةٌ ثُمَّ رُفِعَتْ فَلَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا م د وَقَوْلُهُ " وَأَنْ لَا يَبْعُدُ " أَيْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ تَنْزِيلًا لِلْمَيِّتِ مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ " وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ حَائِلٌ " عِبَارَةُ ز ي: وَلَا يَضُرُّ الْحَائِلُ بَيْنَهُمَا اهـ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا بَعْدَ التَّحَرُّمِ
قَوْلُهُ: (الْمَوْعُودُ بِذَكَرِهِ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ " وَدَفْنِهِ ".
قَوْلُهُ: (وَيُدْفَنُ) أَيْ وُجُوبًا، وَقَوْلُهُ " فِي لَحْدٍ " أَيْ نَدْبًا.
قَوْلُهُ: (أَصْلُهُ الْمَيْلُ) وَمِنْهُ: {إنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا} أَيْ يَمِيلُونَ عَمَّا جَاءَتْ بِهِ مِنْ الْحَقِّ.
قَوْلُهُ: (قَدْرَ مَا يَسَعُ) نَائِبُ الْفَاعِلِ.
قَوْلُهُ: (الرِّخْوَةُ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ، هِيَ الَّتِي تَنْهَارُ وَلَا تَتَمَاسَكُ حَجّ.
قَوْلُهُ: (مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ) تَنْبِيهٌ: يَجِبُ فِيمَنْ مَاتَ فِي سَفِينَةٍ وَتَعَذَّرَ دَفْنُهُ فِي الْبَرِّ أَنْ يُوضَعَ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بَيْنَ لَوْحَيْنِ مَثَلًا وَيُرْمَى فِي الْبَحْرِ وَإِنْ ثُقِّلَ بِحَجَرٍ لِيَصِلَ إلَى الْقَرَارِ، فَهُوَ أَوْلَى. اهـ. ق ل.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ وُجِّهَ لِغَيْرِهَا) وَمِنْهُ الِاسْتِلْقَاءُ فَيَجِبُ نَبْشُهُ فِيهِ أَيْضًا تَنْبِيهٌ: يَجِبُ فِي كَافِرَةٍ مَاتَتْ حَامِلًا بِمُسْلِمٍ وَقَدْ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ أَنْ تَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ؛ لِأَنَّ وَجْهَ الْوَلَدِ إلَى ظَهْرِهَا، وَأَنْ تُدْفَنَ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ ق ل