للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ذَلِكَ إضَاعَةَ مَالٍ، أَمَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَى صُنْدُوقٍ لِنَدَاوَةٍ وَنَحْوِهَا كَرَخَاوَةٍ فِي الْأَرْضِ فَلَا يُكْرَهُ وَلَا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ إلَّا حِينَئِذٍ، وَلَا يُكْرَهُ دَفْنُهُ لَيْلًا مُطْلَقًا وَوَقْتَ كَرَاهَةِ صَلَاةٍ مَا لَمْ يَتَحَرَّهُ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنْ تَحَرَّاهُ كُرِهَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَا يُبْنَى) عَلَى الْقَبْرِ نَحْوُ قُبَّةٍ كَبَيْتٍ (وَلَا يُجَصَّصُ) أَيْ يُبَيَّضُ بِالْجِصِّ وَهُوَ الْجِبْسُ وَقِيلَ: الْجِيرُ وَالْمُرَادُ هُنَا هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا، أَيْ يُكْرَهُ الْبِنَاءُ وَالتَّجْصِيصُ لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. وَخَرَجَ بِتَجْصِيصِهِ تَطْيِينُهُ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَتُكْرَهُ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كُتِبَ عَلَيْهِ اسْمُ صَاحِبِهِ أَمْ غَيْرِهِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى الْقَبْرِ مِظَلَّةٌ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَأَى قُبَّةً فَنَحَّاهَا وَقَالَ: دَعُوهُ يُظِلُّهُ عَمَلُهُ. وَلَوْ بُنِيَ عَلَيْهِ فِي مَقْبَرَةٍ مُسْبَلَةٌ وَهِيَ الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ بِالدَّفْنِ فِيهَا حُرِّمَ وَهُدِمَ لِأَنَّهُ يُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَبْنِي قُبَّةً أَوْ بَيْتًا أَوْ مَسْجِدًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَمِنْ الْمُسْبَلِ كَمَا قَالَ الدَّمِيرِيُّ قَرَافَةُ مِصْرَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: ذُكِرَ فِي تَارِيخِ مِصْرَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضَاعَةَ مَالٍ) وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمُ لِغَرَضٍ وَهُوَ إكْرَامُ الْمَيِّتِ، قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ.

قَوْلُهُ: (إلَّا حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ احْتَاجَ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَلَا يُكْرَهُ دَفْنُهُ لَيْلًا مُطْلَقًا) أَيْ تَحَرَّاهُ أَوْ لَا وَفِي الْخَصَائِصِ: وَدُفِنَ بِاللَّيْلِ وَذَلِكَ أَنَّ الدَّفْنَ لَيْلًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا عِنْدَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ خَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ بِسَنَدٍ فِيهِ ضَعْفٌ: «لَا تَدْفِنُوا مَوْتَاكُمْ بِاللَّيْلِ إلَّا أَنْ تُضْطَرُّوا» أَيْ بِالدَّفْنِ لَيْلًا لِخَوْفِ انْفِجَارِ الْمَيِّتِ وَتَغَيُّرِهِ وَخِلَافُ الْأَوْلَى عِنْدَ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَتَأَوَّلُوا الْخَبَرَ بِأَنَّ النَّهْيَ كَانَ أَوَّلًا ثُمَّ رُخِّصَ. اهـ. مُنَاوِيٌّ.

١ -

قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَحَرَّاهُ كُرِهَ) أَيْ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ كَمَا اعْتَمَدَهُ ع ش خِلَافًا لِلزِّيَادِيِّ، وَمَحِلُّهُ فِي غَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ ح ل، وَفِي الشَّوْبَرِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَ حَرَمِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُبْنَى) أَيْ يُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْمُسْبَلَةِ وَالْمَوْقُوفَةِ وَيَحْرُمُ فِيهِمَا كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ، إلَّا إنْ خِيفَ نَبْشُهُ أَوْ تَخْرِقَةُ سَيْلٍ لَهُ فَلَا يُكْرَهُ حِينَئِذٍ وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْكَرَاهَةِ لِأَجْلِ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسْبَلَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيّ. اهـ. حَجّ وَلَوْ وُجِدَ بِنَاءٌ فِي أَرْضٍ مُسْبَلَةٍ وَلَمْ يُعْلَمْ أَصْلُهُ تُرِكَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ قِيَاسًا عَلَى مَا حَرَّرُوهُ فِي الْكَنَائِسِ وَمِنْ الْبِنَاءِ الْأَحْجَارُ الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِتَرْكِيبِهَا نَعَمْ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ قُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَنَحْوَهُمْ، بِرْمَاوِيٌّ وَعِبَارَةُ الرَّحْمَانِيِّ: نَعَمْ قُبُورُ الصَّالِحِينَ يَجُوزُ بِنَاؤُهَا وَلَوْ بِقُبَّةٍ الْأَحْيَاءِ لِلزِّيَارَةِ وَالتَّبَرُّكِ، قَالَ الْحَلَبِيُّ: وَلَوْ فِي مُسْبَلَةٍ، وَأَفْتَى بِهِ، وَقَالَ: أَمَرَ بِهِ الشَّيْخُ الزِّيَادِيُّ مَعَ وِلَايَتِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ، وَقَالَ: الْحَقُّ خِلَافُهُ وَقَدْ أَفْتَى الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِهَدْمِ مَا فِي الْقَرَافَةِ، وَيُسْتَثْنَى قُبَّةُ الْإِمَامِ لِكَوْنِهَا فِي دَارِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ اهـ وَيَظْهَرُ حَمْلُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى مَا إذَا عَرَفَ حَالَ الْبِنَاءِ فِي الْوَضْعِ، فَإِنْ جُهِلَ تُرِكَ حَمْلًا عَلَى وَضْعِهِ بِحَقٍّ كَمَا فِي الْكَنَائِسِ الَّتِي نُقِرُّ أَهْلَ الْكَنَائِسِ عَلَيْهَا فِي بِلَادِنَا وَجَهِلْنَا حَالَهَا، وَكَمَا فِي الْبِنَاءِ الْمَوْجُودِ عَلَى حَافَّاتِ الْأَنْهَارِ وَالشَّوَارِعِ اهـ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِحُرْمَةِ الْبِنَاءِ فِي الْمُسْبَلَةِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَقْرُبُ إلْحَاقُ الْمَوَاتِ بِهَا

لِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيقًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِمَا لَا مَصْلَحَةَ وَلَا غَرَضَ شَرْعِيٌّ فِيهِ بِخِلَافِ الْأَحْيَاءِ. اهـ..

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَالْمُعْتَمَدُ نَدْبُهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا م د.

قَوْلُهُ: (وَتُكْرَهُ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَبْرِ وَلَوْ لِقُرْآنٍ بِخِلَافِ كِتَابَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الْكَفَنِ فَحَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِلصَّدِيدِ وَمَحِلُّ كَرَاهَةِ الْكِتَابَةِ عَلَى الْقَبْرِ مَا لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهَا، وَإِلَّا بِأَنْ اُحْتِيجَ إلَى كِتَابَةِ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ لِيُعْرَفَ فَيُزَارَ فَلَا يُكْرَهُ بِشَرْطِ الِاقْتِصَارِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ لَا سِيَّمَا قُبُورُ الْأَوْلِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ فَإِنَّهَا لَا تُعْرَفُ إلَّا بِذَلِكَ عِنْدَ تَطَاوُلِ السِّنِينَ. اهـ. م ر.

قَوْلُهُ: (مَظِلَّةٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الظَّاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ: مِنْ ظَلَّ يَظَلُّ.

قَوْلُهُ: (مُسَبَّلَةٍ) وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الْمَوْقُوفَةِ لِصِدْقِ تَعْرِيفِهَا بِمَوَاتٍ اعْتَادُوا الدَّفْنَ فِيهِ، فَهَذَا يُسَمَّى مُسَبَّلًا لَا مَوْقُوفًا شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَهُدِمَ) إلَّا إنْ اُحْتِيجَ إلَى الْبِنَاءِ فِيهَا لِخَوْفِ نَبْشِ سَارِقٍ أَوْ سَبُعٍ أَوْ تَخْرِقَةِ سَيْلٍ فَلَا يُهْدَمُ إلَّا مَا حُرِّمَ وَضْعُهُ، وَالْهَادِمُ لَهُ الْحَاكِمُ أَيْ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ هَدْمُهُ دُونَ الْآحَادِ م ر وَقَالَ حَجّ: وَيَنْبَغِي أَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ هَدْمُ ذَلِكَ مَا لَمْ يُخْشَ مِنْهُ مَفْسَدَةٌ فَيَتَعَيَّنُ الرَّفْعُ لِلْإِمَامِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ) وَمِنْهُ مَا اُعْتِيدَ مِنْ جَعْلِ أَرْبَعَةِ أَحْجَارٍ مُرَبَّعَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>