للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا قَلَّلَهُ وَلَا قَلِيلٍ أَلَّا كَثَّرَهُ» أَيْ كَثِيرٍ مِنْ الْأَمَلِ فِي الدُّنْيَا وَقَلِيلٍ مِنْ الْعَمَلِ. وَهَاذِمُ بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ قَاطِعٌ، وَيَحْرُمُ نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ مَحِلِّ مَوْتِهِ إلَى مَحِلٍّ أَبْعَدَ مِنْ مَقْبَرَةِ مَحِلِّ مَوْتِهِ لِيُدْفَنَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ لِفَضْلِهَا.

(وَيُعَزَّى) نَدْبًا (أَهْلُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ كَبِيرُهُمْ وَصَغِيرُهُمْ ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ لِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إلَّا كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» نَعَمْ الشَّابَّةُ لَا يُعَزِّيهَا أَجْنَبِيٌّ وَإِنَّمَا يُعَزِّيهَا مَحَارِمُهَا وَزَوْجُهَا، وَكَذَا مَنْ أُلْحِقَ بِهِمْ فِي جَوَازِ النَّظَرِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَصَرَّحَ ابْنُ خَيْرَانَ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّعْزِيَةُ بِالْمَمْلُوكِ بَلْ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُعَزَّى بِكُلِّ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ عَلَيْهِ وَجْدٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ حَتَّى الزَّوْجَةِ وَالصِّدِّيقِ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَمَعْنَاهُ مُزِيلُ الشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ ق ل وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَصْلًا.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ دَفْنِهِ) وَأَمَّا بَعْدَ دَفْنِهِ فَسَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ " وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ " حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا نَبْشُهُ بَعْدَ دَفْنِهِ وَقَبْلَ الْبِلَى عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِتِلْكَ الْأَرْضِ لِلنَّقْلَةِ وَغَيْرِهَا كَصَلَاةٍ عَلَيْهِ وَتَكْفِينٍ فَحَرَامٌ، فَكَانَ الْأُولَى أَنْ يُقَدِّمَ ذَاكَ عَلَى هَذَا كَمَا فَعَلَ فِي الْمَنْهَجِ، وَبَعْدَ دَفْنِهِ يَحْرُمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ النَّبْشُ وَالنَّقْلُ فَكَانَ تَقْيِيدُهُ بِالْقَبْلِيَّةِ لِتَكُونَ الْحُرْمَةُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (بِقُرْبِ مَكَّةَ) قَالَ شَيْخُنَا: وَمُرَادُهُ بِالْقُرْبِ مَسَافَةٌ لَا يَتَغَيَّرُ الْمَيِّتُ فِيهَا قَبْلَ وُصُولِهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحِلُّ جَوَازِ نَقْلِهِ بَعْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِتَوَجُّهِ فَرْضِ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ مَوْتِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ بِجَوَازِ نَقْلِهِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ ظَاهِرٌ ح ل وَالْمُرَادُ بِمَكَّةَ جَمِيعُ الْحَرَمِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَلَا يَنْبَغِي التَّخْصِيصُ بِالثَّلَاثَةِ بَلْ لَوْ كَانَ بِقُرْبِ مَقَابِرِ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْخَبَرِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ يَقْصِدُ الْجَارَ الْحَسَنَ اهـ أج

قَوْلُهُ: (وَيُعَزِّي) التَّعْزِيَةُ لُغَةً التَّسْلِيَةُ وَشَرْعًا الْأَمْرُ بِالصَّبْرِ وَالْحَمْلُ عَلَيْهِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ الْوِزْرِ بِالْجَزَعِ وَالدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ بِالْمَغْفِرَةِ وَلِلْمُصَابِ بِجَبْرِ الْمُصِيبَةِ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَتَحْصُلُ التَّعْزِيَةُ بِالْمُكَاتَبَاتِ وَالْمُرَاسِلَاتِ، وَيُكْرَهُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ رِجَالًا وَنِسَاءً الْجُلُوسُ لَهَا أَيْ بِمَكَانٍ تَأْتِيهِمْ فِيهِ النَّاسُ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَالْمَكْرُوهُ الْجُلُوسُ لَهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ بِخِلَافِ الْجُلُوسِ سَاعَةَ الْإِعْلَامِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْوُقُوفَ لَهَا عِنْدَ الْقَبْرِ عَقِبَ الدَّفْنِ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَرِهَهُ النَّخَعِيُّ لِأَنَّ فِيهِ تَخْفِيفًا عَلَى قَاصِدِيهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُشَيِّعِينَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْحَقُّ أَنَّ الْجُلُوسَ لَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَعَارَفِ فِي زَمَانِنَا مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ. اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ.

قَوْلُهُ: (أَهْلَهُ) أَيْ لِأَنَّ الْأَجَانِبَ تُعَزِّي أَهْلَ الْمَيِّتِ، أَمَّا أَقَارِبُ الْمَيِّتِ فَلَا يُعَزِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ م ر سم عَلَى حَجّ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ حَجّ، وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ: قَوْلُهُ " وَيُعَزِّي أَهْلَهُ " قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَكَذَا كُلُّ مَنْ حَصَلَ لَهُ عَلَيْهِ وَجْدٌ حَتَّى الزَّوْجَةِ وَالصِّدِّيقِ فَرْعٌ: وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ: هَلْ تُسَنُّ تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمَيِّتِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَوْ لَا؟ فَرَأَيْتُ فِي فَتَاوَى الشِّهَابِ م ر أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَجَابَ أَنَّهُ يُسَنُّ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ مُصَابٌ، ثُمَّ رَأَيْت أَيْضًا بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مَا نَصُّهُ: وَيُسَنُّ لِلْأَخِ أَنْ يُعَزِّيَ أَخَاهُ وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْأَهْلِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. اهـ. شَيْخُنَا فَرْعٌ: قَدْ عَزَّى الْخَضِرُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ بِقَوْلِهِ: إنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ وَدَرْكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ فَبِاَللَّهِ فَثِقُوا وَإِيَّاهُ فَارْجُوا فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ، وَالْخَضِرُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَبِيٌّ حَيٌّ إلَى آخِرِ الدَّهْرِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (بِمُصِيبَةٍ) وَلَوْ غَيْرَ الْمَوْتِ.

قَوْلُهُ: (لَا يُعَزِّيهَا أَجْنَبِيٌّ) وَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ حُرِّمَ عَلَيْهَا الرَّدُّ كَرَدِّ السَّلَامِ، وَكَذَلِكَ تَعْزِيَتُهَا لَهُ أَيْضًا كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ س ل بِالْمَعْنَى فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً وَرَدًّا وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهَا ابْتِدَاءً وَرَدًّا. اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: (مَنْ أُلْحِقَ بِهِمْ) كَالْعَبْدِ وَالْمَمْسُوحِ.

قَوْلُهُ: (بِكُلِّ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ عَلَيْهِ وَجْدٌ) أَيْ حُزْنٌ، وَهُوَ شَامِلٌ لِنَحْوِ الْهِرَّةِ، وَشَامِلٌ أَيْضًا لِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>